ضاعت بوصلة أعمدة النظام التي كانت مثار إعجاب وتهليل المؤيدين وآخرهم دب الدبلوماسية السورية ووزيرها وليد المعلم، وباتوا مادة دسمة للسخرية كلما أطلوا برؤوسهم في مؤتمر صحفي أو حتى تصريح عابر، وإن كان نصيب مستشارة الأسد بثينة شعبان في الآونة الأخيرة خرج عن هذا السياق ليصل إلى الشتيمة واللعن، ومقياساً لفظاعة النظام وفساده ووقاحته.
منذ يومين أراد وليد المعلم أن يضع بصمته الدمثة في تناول قانون قيصر في كونه لا يهز شعرة في مفرق معلميه وقصرهم فانقلب السحر عليه، وأول من كذّبه وزارته التي نفت أي اتصالات بين الأمريكيين والنظام فيما تبجح المعلم عن رغبة ترامب في إرسال موفدين إلى دمشق، لكنها رفضت ذلك مؤكداً على ما قاله مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون.
وقد اعتاد السوريون على (قفشات) وليد المعلم التي تصل لحد الحماقة عندما عرض في بداية الثورة شريطاً عن إرهابيين قال إنهم في سوريا، ومن ثم قيامه بمحو أوروبا من الخارطة إلى إنكاره معرفة وزير خارجية الدولة العظمى مايك بومبيو في تصريحات لمراسل روسيا اليوم إلى عودته عن تلك (القفشة) وتكراره لذكر اسم الوزير الأمريكي في كل ظهور له.
كذلك لا بد أن يحتوي هذا الظهور الشهي على تشكيلة من النفاق لرأس النظام خصوصاً ما جاء حول ما يدار حول تنحي بشار الأسد فجاء الجواب الكبير للسؤال الذي وصفه بالكبير: (بشار الأسد سيبقى مادام الشعب السوري يريده أن يبقى والقرار ليس بيد بومبيو وجيفري)، وأما النكتة الساذجة التي لم تثر احد من الحضور كعادتهم من بلهاء إعلام النظام فهي: (أن الغاية من قانون قيصر هي التأثير على الانتخابات القادمة).
الجديد في تصريحات المعلم هي وصفه لميليشيات الأسد وإيران بالجحافل التي سوف تزحف نحو إدلب:(وعندما يأتي الوقت لتحرير إدلب سترون أن الجحافل ستزحف إليها، وبموجب اتفاق سوشي هناك وقف لإطلاق النار بإدلب أما عندما نرى أنهم لا يلتزمون به، قواتنا الباسلة ستقوم بالرد مباشرة)..لكنه استدرك للحظة كمن أفاق من حلم ليقول: (خيارنا أن نستمر بمحاربة الإرهاب وتأمين لقمة عيش شعبنا بالتعاون مع الأصدقاء والحلفاء).
وأما ذروة الهراء فكانت فيما سيقوم به النظام لمواجهة قانون قيصر فجاء تعليق المعلم كمن يقرأ نشرة الإعلام السياسي الصباحية التي تصدر عن الإدارة السياسية التي طالما كان يأخذ الجنود استراحة نوم عند سماعها: (وبدأنا بإجراءات للتصدي للعقوبات وبدأنا بالحوار مع الأصدقاء لمواجهة هذا القانون، وما يجب أن نسعى إليه هو تحويل القانون إلى فرصة لتحقيق الاكتفاء الذاتي والنهوض بالاقتصاد الوطني والتعامل مع الأصدقاء والحلفاء ومعركتنا ضد الارهاب لن تتوقف).
وكذلك لم ينس المعلم أن ينشر خفة ظله على الحاضرين: (الموقف الروسي الداعم لسوريا مستمر، إضافة إلى أن التتسيق والتعاون مع إيران قائم بجميع المجالات عدا زراعة الزعفران)..لكن الحقيقة التي بقيت بين أسنان المعلم هي أن لون الدم هو وحده ما زرعته إيران في سوريا.. من زعفرانها المفقود.
وليد المعلم.. وقيصر.. وزعفران إيران*

*عبد الرزاق دياب - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية