تعفيش فقه السيرة النبوية... أحمد عمر*

كتاب فقه السيرة النبوية هو أشهر كتاب للمرحوم محمد سعيد رمضان البوطي، وقد بلغت طبعاته الثلاثين، ولا تزال السيرة النبوية مصدراً للبحث والتفتيش الفقهي والاستنباط المعرفي، فهي سيرة بلا نهاية وبلا سواحل، وقد افترع علماء الأنظمة العربية العلمانية الجمهورية والملكية طريقاً جديداً في فقه السيرة النبوية في مصر والسعودية وسوريا، فوجد كبيرهم علي جمعة أن الملكة إليزابيث من آل البيت، بل إنه استخدم حاسة الشم في الفقه والتشريع، فأفتى فتواه الشهيرة قائلاً: ريحتهم نتنة، فأفتى هذا الشيخ المبارك، الأواب إلى النظام، الشديد في الباطل، الذي لا تأخذه في النظام لومة لائم بالقتل ع الريحة، وليس في الخمسينة، كما كان في أيام مبارك وأسلافه الكرام.

ويجب أن نعترف بأنّ فقهاء الأنظمة العربية العلمانية متواضعون، فهم أقل مبالغة من العلمانيين الذين يؤلّهون حكامهم، فيكتفون بتشبيه الزعيم بالنبي منزهين الله عن تشبيه الحكام البررة به، لله درهم!

وكان أحد الشيوخ المداخلة السعوديين قد حضّ على حبّ ولي العهد، وإن فعل كذا وكذا نصف ساعة على التلفزيون توجيهاً للشعب المسلم على الفضائل، فانجابت الظلمات وعرفنا سبب تردي صناعة سينما الكوميديا والفكاهة في مصر وسوريا، لأن الشيوخ والأئمة العرب نافسوهم في عملهم ومهنتهم في فن الكوميديا الدينية.

"اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ أَبَدًا". وكان يقصد بالعصابة مفارز الأمن والمخابرات الجوية، وسواها من عصابات القتل.

أمس قال الشيخ توفيق البوطي على منبر الجامع الأموي إن حصار سوريا يشبه حصار مشركي قريش لبني هاشم في شعب أبي طالب، بل إن الأمر أشد كما قال.

وقد ظلم نشطاء المعارضة الأسد وأسرته التي تعيش على الكفاف في شِعب قصر المهاجرين، ولا قصر للأنصار في سوريا، وكان الشعب قد طالبه بخطاب علَّ الخطاب المعجزة يحسِّن سعر الليرة، فنادى الأسد أسرته وأهله وأخذهم إلى بلودان منتجع سوريا الصيفي، ليس ليباهل بهم أحداً، وإنما لالتقاط بعض الصور التذكارية، حسب الصحيفة الروسية.

وقال: هيا إلى صورة مع الأغنام المسالمة، فاتخذ له صورة عائلية معها، بعد أن أخذ صورة مع تيوس الجيش. فبرهن أنه قائد يوزع صوره بالعدل بين البيت والجيش، صورة للسلم وصورة للحرب.

وما كان قصده إلا التشبه بالأنبياء عليهم السلام، فما من نبي إلا ورعى الغنم، وولد النبي عيسى عليه السلام في مذود مع الخراف حسب بعض الروايات، لكن المعارضة سخرت من صوره وأوّلتها تأويلاً خاطئاً عفا الله عنهم.

يقال إن الأرضة لن تأكل الصحيفة في البيت الأبيض حتى بعد خمس سنوات، فصناديق الأمريكان معقمة، والصحيفة ليس فيها: باسمك اللهم، فهي أشد من صحيفة مشركي قريش كما قال توفيق البوطي، وجماهير الشعب السوري تنتظر، وقد ضاقت بالأسد السبل وحاربته قريش، وربما يُسرى به إلى روسيا البيضاء، أو إلى إحدى دول أمريكا اللاتينية حتى يدعو إلى الإسلام وينفق أمواله التي ادّخرها في سبيل الله، وقد يهاجر مع بعض صحابته الكرام أمثال الصدّيق سهيل النمر المبشر بالجنة، والفاروق معراج أورال، وغيرهما من صحابة الأسد.

وكان عبد القادر الشهابي خطيب جامع أبي حنيفة في حلب قد سبق البوطي في هذا الفقه، فتذكر حصار بني هاشم، وقال عبارة غير إسلامية وهي: "التاريخ يعيد نفسه"، وهي عبارة علمانية، فالتاريخ  آلة من آلات الله وآياته، وليس عاقلاً حتى يعيد نفسه!

فقه السيرة ليس وقفاً على العلماء، فقد سبقهم رؤساء وملوك، لنتذكر محمود عباس أبو مازن الذي شبّه جماعة حماس بمشركي قريش، فصالح اليهود ولم يرض بصلح حديبية مع مشركي قريش في غزة، والسيسي الذي بدأ بالدعوة إلى التوحيد فقال قولته الشهيرة: كل اللي مش مع ربنا احنا معاه، وولي العهد السعودي الذي رفع في يديه هاتفين نقالين مذكراً بموقف النبي من مشركي قريش، الذين عرضوا عليه المُلك والمال والنساء، فقال قولته الشهيرة: "والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته، أو أهلك دونه".