أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

آه لو ترحل... فؤاد عبد العزيز*

بشار الأسد - أرشيف

سرت شائعات منذ الأمس، بأن حدثا غير طبيعي يجري في القصر الجمهوري بدمشق، كان مصدرها الإعلامي الصهيوني "إيدي كوهين" الذي غرد على "تويتر"، وتحدث عن تحركات عسكرية في منطقة إقامة بشار الأسد، وبأن الروس قرروا إقالته من السلطة، إلا أن الإيرانيين يعارضون.

لقد اعتدنا التعامل مع مثل هذه الإشاعات بنوع من الملل، لأنه لطالما سهرنا طوال الليل سعيا وراء مثل هذه الأخبار، خلال السنوات التسع الماضية، وبنينا الفرح والأمل، وحرقنا الأعصاب، ثم ليتضح في اليوم التالي بأن الرجل حي يرزق في قصره، ولم تمس شعرة من رأسه.

بالأمس لم يكن الأمر كذلك، وخصوصا مع وجود معلومات مؤكدة لدينا، بأن بشار الأسد كان ينوي الذهاب لمجلس الشعب منذ الصباح الباكر، ويلقي خطابا من هناك، يشرح فيه لماذا وصلت الأوضاع المعاشية إلى هنا، ويتحدث عن خطته للتغلب على هذه الأوضاع.

إلا أنه في الساعة الحادية عشرة صباحا، وصلت رسالة إلى مجلس الشعب بأن "الرئيس" لن يأتي، وطلبت منهم عقد جلسة عادية، وأن يتحاوروا مع رئيس الوزراء عماد خميس، الذي كان موجودا ليس للرد على أسئلة الأعضاء، وإنما لحضور خطاب بشار الأسد..وهكذا تم كسر الطنجرة فوق رأس "خميس"، الذي لم يكن جاهزا لمثل هذا الموقف، وفوجئ بأعضاء مجلس الشعب يشنون هجوما كاسحا عليه وعلى حكومته، بينما وبحسب معلوماتنا كذلك، كان قد أخبر بشار الأسد، بأنه لم يعد قادرا على السيطرة على الأوضاع، وعلى سعر الصرف، ولم يعد بجعبته أية حلول يقدمها لـ"الأخوة المواطنين".. فرد عليه بشار بأنه سيتصرف، وهو ما كان مقررا أن يوضحه في خطاب في مجلس الشعب، إلا أنه لم يأت..!

في المساء، وبعد انتشار شائعة "إيدي كوهين"، أرسل لي صحفي مقرب كثيرا من النظام في دمشق، رسالة يعلمني فيها أنه لا يوجد تحركات عسكرية في منطقة القصر الجمهوري، إلا أنه يوجد حدث ما داخل القصر لا أحد يعلم ما هو.. ثم أرسل لي بعد ساعة من هذه الرسالة، رسالة أخرى يقول فيها، إنه تواصل مع أحد القيادات الأمنية العليا في البلد، والذي أخبره بأنه وصلتهم تعليمات بأن يمضوا الليل في مكاتبهم، بانتظار توجيهات جديدة، لكن هذا الضابط لا يعرف ما الذي يحصل بالضبط، بحسب قوله.

وهكذا أمضيت طوال الليل بانتظار خبر صاعق، وأوعزت لبعض الأصدقاء السهرانين، بأن ينتظروا شيئا ما، استنادا لمعلومات أكيدة حصلت عليها، إلا أنهم بحدود الساعة الثالثة صباحا، أخذوا يمطرونني بالأسئلة، وكأنني أحد قادة أو منسقي الانقلاب على بشار الأسد.. فقلت لهم بإمكانكم أن تذهبوا إلى النوم وأنا سوف أستمر في السهر، وإذا ما حدث شيء، سوف أطلبكم من النوم..إلا أنني لا أخفيكم، شعرت بخيبة كبيرة مع بزوغ الفجر، فرحت أقلب في "الفيسبوك" على غير هدى، لأقع على تسجيل حي على صفحة الفنان عبد الحكيم قطيفان، يغني فيه بصوت شجي ومعذب ومحروق، للساروت بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده، أغنيته الشهيرة "آه لو ترجع".. أغمضت عيني ورحت أتخيله وكأنه يغني "آه لو ترحل"..ثم غططتُ في نوم عميق.

*من كتاب "زمان الوصل"
(444)    هل أعجبتك المقالة (416)

الشمري

2020-06-08

والله متعب حالك كثير بحبكة هالقصة تهجرنا وفقدنا أحبة وأموال وممتلكات وتشردنا في كل بقاع الأرض ، وما مليتم من الكذب.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي