أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حبيب المجرمين في سوريا وفنزويلا.. "الزغير" سوري ينشط في تهريب الكوكايين والسلاح بحصانة "برلمانية"

مع الأسد والرئيس السابق لفنزويلا

لايمكن لشخص أن يمثل نظام الأسد وحلفاؤه من المليشيات الطائفية، كما يمثله "عادل الزغير"، السوري الذي ربما لم يسمع به كثير من السوريين، رغم أن سجله الجرمي مثقل بتهريب المخدارت والسلاح ودعم القتل في بلدين على الأقل.

فمع إسدال الستار على التحقيقات الخاصة به لدى النيابة العامة في الولايات المتحدة، أصدرت وزراة العدل الأمريكية بيانا بتاريخ 27 الجاري، تؤكد فيه أن "الزغير" العضو السابق في برلمان فنزويلا متورط في تهريب أطنان من مادة الكوكاكين وتمويل ودعم عصابات إرهاب متمثلة في "مليشيا القوات الكولومبية"، المعروف اختصارا بـ"فارك"، فضلا عن مليشيا "حزب الله".

البيان الذي اطلعت "زمان الوصل" على نسخة منه تحدث عن هاتين العصابتين ونعتهما بـ"الإرهابتيين" علنا، إلى جانب حديثه عن علاقات "الزغير" بدعم من هو أكثر إرهابا منهما، وهو نظام "بشار حافظ الأسد"، كما جاء في النص الصريح لبيان وزارة العدل، حيث تم إدراج الاسم الثلاثي لبشار.

البيان ذكّر أن "الزغير" ينشط منذ زمن فيما يعرف "كارتل الشموس" وهو عصابة من كبار ضباط الجيش الفنزويلي والمتنفذين الفاسدين الذين أذاقوا الشعب الفنزويلي الويلات وانحدروا به في هاوية سياسية واقتصادية، جعلت هذا البلد الغني جدا بالنفط متسولا، ليس فقط للغذاء والدواء بل وحتى للنفط!

ولم يكتف "الزغير" بمحاولة تجنيد عناصر من مليشيا "حزب الله" لتنفيذ هجمات إرهابية، بل إنه أيضا نقل وبمعونة هذه المليشيا حملة طائرة من الأسلحة إلى فنزويلا، من أجل دعم حماية عصابة المخدرات التي يديرها والمشاركة في حماية حليفه الطاغية الفزويلي "نيكولاس مادورو"، وهو ما لم يكن ليتم لولا موافقة ومباركة بشار الأسد.
وهكذا فقد وجهت النيابة العامة الأمريكية اتهامات نهائية لـ"الزغير" بالتآمر لتهريب المخدرات واستعمال السلاح المدمر في سبيل ذلك، ودعم الإرهاب وعصاباته، وكلها تهم تودي بمرتكبها إلى السجن مدى الحياة حال القبض عليه.. فمن هو "عادل الزغير"؟

*تشابهوا فتحالفوا
منذ زمن بعيد، عرفت "فنزويلا" بكونها إحدى المهاجر التي اختارها السوريون في أمريكا الجنوبية، لالتقاط رزقهم، بعد أن ضاقت بهم أحوال سوريا، وكان لأبناء محافظة السويداء نصيب وافر من هذه الهجرة.

وفي هذه البلاد البعيدة، بدأت أجيال السوريين تتلاحق وتؤسس لها داخل المجتمع الفنزويلي أعمالا ومراكز، حرص نظام الأسد (الوالد ثم الولد) على متابعتها ووضعها تحت مجهر مراقبته، لتطويع واستغلال واختراق ما يستطيع تطويعه واستغلاله.

ومع وصول نظام الطاغية "هوغو تشافيز" إلى سدة الحكم الذي تزامن تقريبا مع وراثة بشار الأسد للعرش من أبيه، توطدت علاقات دمشق وكاراكاس بشكل لافت، نظرا للتشابه الكبير بين النظامين من حيث الطغيان والقمع والفساد، ومن حيث المتاجرة بشعارات مقاومة "الإمبريالية" الأمريكية.

وخلال هذه الفترة بالذات، وجد شبيحة الأسد في فنزويلا ممن تربوا في زمن حافظ متنفسا أكبر لهم، فصعدوا على السطح مستفيدين ليس فقط من دعم النظام لهم كما جرت العادة، بل أيضا من دعم أصحاب القرار في فنزويلا هذه المرة، وفي مقدمتهم "تشافيز" الذي بقي حليفا عنيدا طوال 15 سنة تقريبا من احتكاره الحكم.

واستمر نجم شبيحة الأسد في الصعود مع تسلم "مادورو" مقاليد الحكم بعد تسميته من قبل "تشافيز" خليفة له، وتوسعت تجارة وأعمال وصفقات فساد هذا اللوبي الأسدي، بينما كان الفقر ينهش بأنيابه مزيدا من الفنزويليين ويجبر الملايين منهم على ترك البلاد، عقب أن دمر ما بقي فيها من مقومات الزراعة والصناعة واستخراج النفط، محيلا قيمة العملة الوطنية إلى قيمة تقل عن أوراق التواليت نتيجة تدهورها المريع.

ومع إطلاق بشار حربه المجنونة على السوريين، وجد الأخير في الطغمة الحاكمة في فنزويلا خير معين له على قمع تطلعات السوريين في الحرية والكرامة، وكان التصاق نظامي الإجرام في دمشق وكاراكارس ببعضهما يشتد كلما اشتد صوت المسحوقين في كلا البلدين، للمطالبة برحيل المجرمين والفاسدين.

*زيارات بلا أقنعة
وفي هذا السياق، أعطت مخابرات الأسد أوامرها لكل شبيحتها وعملائها في فنزويلا لاستغلال أقصى طاقاتهم في الدفاع عن نظام الأسد، الذي كان آيلا إلى السقوط يومها، ولم تجد في كاراكاس أفضل لقيادة جوقة هؤلاء الشبيحة ولا "أقدر" من الفنزويلي السوري الأصل "عادل الزغير"، أولا لمنصبه ونفوذه (عضو في البرلمان ومقرب من تشافيز ومادورو)، وثانيا -وهو الأهم- لإشرافه على قطاع عريض ومؤثر من تجارة تهريب المخدرات في القارة الأمريكية، بمعونة كل من مليشيا "حزب الله" ومليشيا "فارك" الكولومبية.

وقد أثبت "الزغير" لمشغليه في نظام الأسد أنه "على قدر" المهمة التي وسدوها له، فأعلن صراحة وهو يومها النائب في برلمان فنزويلا عن التحاقه بما سماها كتائب "الدفاع والمقاومة" للمحاربة في صفوف بشار الأسد، مدعيا أن المعركة فرضت عليهم وأنه لم يعد هناك بد من حمل السلاح.

وإذا كان "الزغير" قد زار نظامه في سوريا مرات عدة قبل اندلاع الثورة، تحت ستار "فيا آراب" وهي منظمة تضم الكيانات العربية في فنزويلا، وقد استطاعت مخابرات الأسد اختراقها وتجييرها بشكل كلي لمصالحها.. إذا كان "الزغير" قبل الثورة قد زار سوريا عدة تحت غطاء أنه رئيس "فيا آراب" بفنزويلا، فإن وتيرة زياراته ارتفعت بعد اندلاع الثورة، واتخذت طابعها الحقيقي بلا رتوش ولا أقنعة، وبات "الزغير" يصرح بالهدف المعلن، وهو دعم بشار الأسد بكل ما يستطيع، من تمويل ومرتزقة وسلاح وغطاء سياسي، في سبيل بقائه على الكرسي.

هذا على المستوى العام، أما على المستوى المناطقي فقد استخدمت مخابرات الأسد "الزغير" في التأثير على المجتمع في مسقط رأسه بـمحافظة السويداء، لإرسال رسالة أن هذا "المغترب" لم تحل بينه وبين "الدفاع عن أرضه" آلاف الكيلومترات التي تفصلها عنه، وأنه هب لـ"تلبية نداء الواجب" وترك كل مناصبه وأعماله في فنزويلا "كرمى لعيون الوطن".

*أموال ضخمة
وهكذا، مثّل "الزغير" واحدا من بين "الرسل" الذين وقع عليهم خيار الأسد في التواصل ومخاطبة أهل السويداء، مشكلا مع المرتزق اللبناني "سمير قنطار" وزعيم حزب التوحيد "وئام وهاب" ما يمكن تسميته ثالوث الأسد المفضل.

وحرص "الزغير" على ممارسة "الطقوس" التي يعلي الموالون من شأنها و"تلحس" عقولهم، مثل تبرعه بالدم لصالح جيش النظام، ولقائه مع عميد الإجرام في السويداء "اللواء عصام زهر الدين"، وتعريجه على "مشيخة العقل" التي وضعها الأسد في جيبه وحولها إلى مؤسسة ملحقة به نهائيا.

وفي هذه الأثناء، لم يكن "الزغير" ليغفل عن متابعة "أعماله" في قطاعي الفساد والتشبيح في فنزويلا، فتابع تأييده لنظام "مادورو" وخططه التي أحرقت فنزويلا كما أحرق الأسد سوريا، وإن بطريقة مغايرة نوعا ما.

كما تابع "الزغير" صفقات تهريب الكوكايين العابرة للحدود، بوصفها مصدر ثروة له، ومصدر تمويل لمليشيا "حزب الله" ومن خلفها طبعا نظام الأسد، وقد تورط "الزغير" تهريب أطنان من هذه المادة إلى الولايات المتحدة، وفق النص الوارد عن الادعاء العام الأمريكي، وهي كميات تدر أموالا ضخمة، حيث يناهز سع الكيلو الواحد من الكوكايين إلى نحو 50 ألف دولار، بل إنه ربما يفوق هذا السعر، وعليه فإن الطن الواحد يصل سعره إلى 50 مليون دولار ويزيد.

ويبدو من هذه الأرقام أن "الزغير" كفرد أعجز من ممارسة تجارة بهذا الحجم وهذه الخطورة (تتعقب تجارها وكالات أمريكية مختلفة مثل وكالة المخابرات الأمريكية، مكافحة المخدرات، مكتب التحقيقات الفيدرالي..)..أعجز من ممارسة تجارة الكوكايين والقيام بأعبائها لوحده، وأنه مجرد واجهة و"مشغل" ينوب عن "المعلمين" المتمثلين في نظام الأسد وإيران ومليشيا "حزب الله".. وقد كشفت السنوات الأخيرة بما لايدع مجلا للشك، مدى تورط هذا الثلاثي في تجارة المخدرات، من خلال الكميات الهائلة التي جرى ضبطها في بلدان مختلفة.

أما السر في اختيار النظام ومليشيا حزب الله لـ"الزغير" ليكون أمير عصاباتهما في أمريكا الجنوبية، فيعود إلى ثمانينات القرن الماضي، حيث كان "الزغير" وبحسب معلومات "زمان الوصل" المؤكدة، منضويا في فصيل "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، ويبدو أن التدريبات العسكرية التي تلقاها في هذا الفصيل ساهمت في تعزيز الـ"CV" الخاص به، ليكون رجل الأسد وحزب الله المفضل في فنزويلا، والمخول بمتابعة ملفات تجارة السلاح والمخدارت وعقد صفقات الفساد بمختلف أشكاله.

إيثار عبدالحق-زمان الوصل
(294)    هل أعجبتك المقالة (290)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي