أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل ستتخلى موسكو عن الأسد؟*

الكاتب: يرى بوتين نفسه منقذاً لنظام الأسد - أرشيف

 هل يريد فلاديمير بوتين تسوية الوضع في سوريا بأي ثمن؟

حتى لو كان ذلك يعني التخلص من بشار الأسد؟ أم أنها مجرد سيناريوهات لمواجهة ملف متعثر؟

بات من الواضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدأ فعلاً يضيق ذرعاً بالأثمان الباهظة التي دفعتها بلاده في سوريا، خاصة بعد الخسائر الكبيرة لروسيا في ظل انهيار أسعار النفط، ومواجهة وباء كورونا المستجد في بلاده.

ما بات يحتم عليه إنهاء وجود قواته في سوريا بأقل الخسائر الممكنة (معلناً النصر طبعاً) مع الحفاظ على المكتسبات الروسية في سوريا، وبل وزيادتها أيضاً.

هذا ما يبشرنا بإمكانية ضغطه على الأسد لإبداء المرونة الكافية من أجل الوصول إلى تسوية سياسية نهائية تضع نهاية للحرب المستعرة منذ ما يقارب العشر سنوات.

في ذات الوقت تتعالى أصوات السياسيين الروس المقربين من بوتين بضرورة التخلص مما أسموه الصداع السوري.

يحاول بوتين إرضاء الشارع الروسي المستاء من حربه في سوريا، فالرجل يجد نفسه محاصراً بين أمرين، غضب شارعه ومؤيديه، وعناد بشار الأسد بعدم التنازل عن أي من صلاحياته، وما يزيد الطين بله عدم وجود بديل مناسب للأسد يرضي جميع الأطراف المحلية والدولية.

يرى بوتين نفسه منقذاً للنظام السوري، فلولا تدخله عام 2015 لكان سقط الأخير بشهور قليلة، لكن التدخل الروسي قلب الموازين على الأرض واستطاع أن يعيد للأسد الكثير مما خسره من أراض خرجت عن سيطرته، وعليه يرى أن من واجب الأسد أن يكون طوع بنانه فيما يقرر.

لكن المحادثات التي جهدت روسيا كي تبدأ أخيراً في جنيف بقيادة الأمم المتحدة نهاية العام المنصرم، لإعادة صياغة الدستور السوري عبر أولى جلسات اللجنة الدستورية، سرعان ما وصلت إلى طريق مسدود عندما قام نظام دمشق بإفسادها متعمداً.

ما جعل أوراق الأسد تتناقص عند بوتين، فطوال السنوات الماضية، مارست روسيا ضغوطاً عليه خلف الكواليس، للموافقة على تقديم بعض التنازلات السياسية الرمزية، على الأقل، لكسب تأييد الأمم المتحدة وإعادة انتخابه المتوقعة في عام 2021، ولكن هذه الضغوط لم تنفع، وبالطبع لا أقصد بطرحي أن أقول بأن روسيا كانت إيجابية تجاه الثورة السورية، ولكن كل هذه المناورات لخدمة مصالحها المكتسبة في سوريا والحفاظ عليها ليس أكثر، فالخطر الكبير بالنسبة لروسيا أن يتغير النظام بغير إرادتها فتخسر ما حصلت عليه من عقود واتفاقيات بعد كل ما أنفقته في دعم الأسد.

قد لا يقولها بوتين صراحةً بأنه ضاق ذرعاً بالأسد، لكن المقربين منه باتوا أكثر وضوحاً وصراحةً، بانتقاد رئيس النظام السوري وسياساته، ووصفها بأنها تحتاج إلى "نهج بعيد النظر ومرن" من أجل إنهاء الصراع، وخير دليل على ذلك تصريح الكسندر اكسينيونوك، وهو دبلوماسي روسي سابق ونائب لرئيس مجلس الشؤون الدولية: "إذا رفض الأسد قبول دستور جديد، فإن النظام السوري سيعرض نفسه لخطر كبير"، ومن وجهة نظري فإن هكذا تصريحات في دولة مثل روسيا لا يمكن النطق بها دون موافقة بوتين شخصياً، أو بضوء أخضر منه على أقل تقدير.

ولكن في ذات الوقت لا يزال من المبكر الجزم بنية روسيا التخلي عن بشار الأسد، بين يوم وليلة، لعدم وجود حليف آخر مناسب لهم في سوريا.

ولا أنسى التذكير بما قالته ايرينا زفيياجيلسكايا، خبيرة شؤون الشرق الأوسط في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية الذي تديره الحكومة الروسية، قولها:"موسكو تمتلك منشأة بحرية وقاعدة جوية في سوريا، وقد أرسلت شرطة عسكرية لتسيير دوريات في المناطق التي كان يسيطر عليها المسلحون من قبل وفي وصلات الطرق الرئيسية، ولكنها ستخاطر بالكثير إذا حاولت الإطاحة بالأسد".

مثل هذه التصريحات تعزز لدي الرأي بأن موسكو ستتخلى قريباً عن الأسد بعد ضمان المزيد من المكتسبات، فاليوم مثلاً يأمر الرئيس الروسي وزارتي الدفاع والخارجية بإجراء محادثات مع الحكومة السورية لتوسيع النفوذ الروسي البحري في سوريا، وتسليم العسكريين الروس منشآت إضافية وتوسيع نفوذهم في سوريا.

فهل ستصل موسكو قريباً إلى القرار الذي ينقذها من المزيد من الخسارات في سويا، وينقذ معها السوريون من سفاح دمشق؟

هذا ما أراه قريباً ومتوقعاً وسيكون فجائياً، تماماً مثل قرار دخولها عسكرياً في المعركة السورية.

*مزن مرشد - من كتاب "زمان الوصل"
(261)    هل أعجبتك المقالة (228)

حنا

2020-05-31

روحو تعلموا القراءه السياسيه.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي