أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بل المستقبل للإسلام السياسي فقط .. محمود طرشوبي

منذ نشر الباحث الفرنسي أوليفيه روا كتابه الشهير "فشل الإسلام السياسي" سنة 1993 و أصبحت هذه المقولة شائعة على نطاق واسع في الجامعات و المراكز البحثية سواء في مختلف العواصم الغربية أو في العالم العربي على السواء. فهل فعلا استنفدت الحركات الإسلامية أهدافها ودخلت مرحلة التراجع والفشل؟ وهل يعود فشل الإسلام السياسي إلى فشل الهدف الرئيس للحركات الإسلامية ممثلة في إقامة الدولة الإسلامية كما يقول الباحث الفرنسي في كتابه «فشل الإسلام السياسي» . أم أن الفشل مرتبط بعوامل اخري سواء داخل حركات الاسلام السياسي او مرتبط بطريقة تعامل الأنظمة فى الدول العربية و الاسلامية تجاه حركات الاسلام السياسي . فهل حقا فشل الإسلام السياسي ؟
فى البداية أحب أن أشير إلي إن مصطلح الإسلام السياسي والذي على الرغم من استخدامنا له إلا أن لي تحفظا عليه.إذ يكاد يظن من يسمع بهذا المصطلح أن الإسلام منه السياسي ومنه غير السياسي على غرار دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر، وهذا في تقديري خطأ فادح فالإسلام ليس دين مجرد دين وإنما هو منظومة متكاملة من الأفكار والمعالجات والأحكام .
فبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وجه الإعلام العالمي اهتمامه نحو الحركات الإسلامية خاصة السياسية منها والتي تسير على مبدأ الإسلام - وهو المصدر الوحيد لرسم الخطوط العريضة لسياستها وسيرها - فتجد في الإعلام العالمي من يحاول تشويه الإسلام والإيحاء للرأي العام بأن الإسلام السياسي قد فشل في تجربته .
وللإجابة على هذا السؤال لا بد من تحديد ماهية الإسلام السياسي الذي نريد الحكم عليه بالفشل أو النجاح ؛ بالتراجع والتقهقر أو التقدم والإنتصار ؟
أولا تم وصف الإسلام السياسي بالأصولية حيث عقد في سبتمبر 1994 مؤتمر عالمي في واشنطن في الولايات المتحدة باسم " خطر الإسلام الأصولي على شمال افريقيا" وكان المؤتمر عن السودان وما وصفه المؤتمر بمحاولة إيران نشر "الثورة الإسلامية" إلى أفريقيا عن طريق السودان تدريجيا
بعد ذلك و في التسعينيات وفي خضم الأحداث الداخلية في الجزائر تم استبدال هذا المصطلح بمصطلح "الإسلاميون المتطرفون" واستقرت التسمية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 على الإسلام السياسي.
و السؤال الآن هو من الذي فشل ومن الذي نجح ؟ هل هو الذي ينادي بوجود كيان سياسي متميز للأمة الإسلامية ويسير على أيدولوجية ثابتة لا تتغيير ولا تتبدل؟ أو الذي ينادي بتطبيق الإسلام مع مشاركة الأنظمة الحالية الحكم أي الذي تم وصفه بأوصاف كالإعتدال والوسطية والإنفتاح .
والحقيقة أن المتتبع للأفكار في بلاد العرب والمسلمين يصل إلى نتيجة مفادها أن الساحة الفكرية والسياسية تشهد فراغا كبيرا لا يمكن أن يملاؤه إلا الحركات الإسلامية التي تعمل على تطبيق الإسلام كاملا،
فقبل حوالي أكثر من أربعة عقود كانت الساحة العربية تنتشر فيها كثير من الأفكار المأخوذة من الفكر الاشتراكي والماركسي وكانت القومية العربية لها أثرها الكبير وكذلك الأفكار الوطنية تحت مسميات شتى لها أثر، علاوة على الانجذاب إلى الأفكار الغربية ومنها فكرة الديمقراطية والرأسمالية والحرية.
وكان الإسلام في الجانب الآخر والحركات الإسلامية خاصة الواعية منها قد صارعت هذه الأفكار صراعا مريرا....فالقومية مثلا مرت بمراحل تحطمت فيها من الانشقاق في حزب البعث وتحوله إلى حزبين حاكمين متصارعين في كل من العراق وسوريا مرورا بالهزة التي أحدثتها هزيمة 67 والتي كسرت مشروع الناصرية , إلى مشاركة النظام السوري القومي العربي للقوات الأميركية في ضرب العراق إبان حرب الخليج الثانية، وأخيرا احتلال العراق وانكشاف الكذبة الكبيرة المسماة حزب البعث والذي تحول من حزب فكري إلى سلطة للحكم زالت بزوال النظام، بل وان ساحات المقاومة التي امتلأت بها العراق لم يكن من نصيب حملة فكرة القومية منها شأن يذكر.
أما الاشتراكية والتي حاول أن يطبقها عبد الناصر وصدام حسين وغيرهم فقد اصطدمت بما حملوه من أفكار قومية، فأضحت مزيجا هلاميا لا يمكن فرضه إلا بقوة الدولة وليس بناء على اقتناع المجتمع به، ولعل انهيار الاتحاد السوفيتي كان نقطة تحول لهذا الفكر والذي تمثل بدولة. وبعد الانهيار لم يجد أتباع هذا الفكر أنفسهم في بلاد العرب والمسلمين إلا أفرادا شتى لا شأن لأفكارهم وأطروحاتهم بالمجتمع.
أما أفكار الغرب ومنها الديمقراطية والليبرالية فقد انهارت فكريا على أيدي أصحابها فمن يريد الديمقراطية فلعيه أن يرى نموذجها في سجون غوانتانموا وأبو غريب، أو في دعم الولايات المتحدة للأنظمة القمعية والتغاضي عن سلوكها في مقابل الخدمات التي تقدمها، بل والذي يحب أن يرى نموذج الاقتصاد الحر كمثل أعلى، لا يملك إلا أن يري مافعلتة الازمة المالية الأخيرة فى العالم .
فلم يبق مرشحا الآن إلا الفكر الإسلامي ومنه الإسلام السياسي
أن الواقع يشير بشدة إلى أن الرأي العام الكاسح يتجه بقوة إلى الإسلام ومنه الإسلام السياسي والذي غاب عن الوجود بسبب غياب الدولة المطبقة له، فقامت حركات وأحزاب على أساس الإسلام حاولت أن توجد الإسلام أو جزءا منه، وربما أخطأ بعضها هنا أو هناك في بعض تصرفات، ربما بسبب غياب التصور الواضح عن الطريقة الصحيحة والواضحة في كيفية عودة الإسلام إلى الحكم والعلاقات الدولية.
ولم يعد القول اليوم بصعود «الإسلام السياسي» من قبيل المناكفة السياسية أو الإعلامية، بل هو الواقع بكل تَجَلِّيَاتِه، إنه العصر الذي يتواجد فيه الإسلاميون اليوم داخل دولًا قضى الغرب قرونًا في مسخها من هُوُيَّتِها، فمَنْ كان يُصَدِّقُ أن يكون هناك إسلاميون في القرن الواحد والعشرين يحكمون تركيا وبكل اقتدار، بعد أن قيل ويقال عن غياب المشروع والرؤية لدى هؤلاء الإسلاميين، من منا ظن يوما ان الاسلامين ممكن ان يكون لهم تواجد فى الجزائر بعد الهجمة الثقافية الشرسة من قبل الاستعمار الفرنسي
فأَيُّ فشلٍ «للإسلام السياسي» إذن!؟ أم هل التهميشُ والْمَنْعُ والحصار للحركات الإسلامية، يُسَمَّى فشلًا لهذه الحركات!؟ وهل الاستبداد المدعوم غَرْبِيًّا للإسلاميين وحركاتهم وأحزابهم ومؤسساتهم يُسَمَّى فشلًا!؟ فإذا كان هذا يُسَمَّى فشلًا، فما النجاح إذن!؟
فالإسلام السياسي ، هي الحدثُ الأبرزُ والأكبرُ في كل شريطٍ أو مادةٍ خبريةٍ إعلاميةٍ يُرَادُ لها النفاذُ،.
ومع هذا، فإننا نقول اننا في عصر ما قبل الإسلام السياسي، ، فما تزال هناك الكثيرُ من الحركات الإسلامية، خارجَ إطار الفعل والتأثير، إذْ لا زالتْ في هوامش العمل السياسي الْمُتَعَمَّدِ، من قِبَلِ الداخل أو الخارج، ، ولكن مع هذا سيأتيها الدور؛ لتُمَارِسَ كُلَّ صلاحيتها حتمًا، شِئْنَا أم أَبَيْنَا ،

(77)    هل أعجبتك المقالة (81)

ابو مريم

2009-09-17

اخيرا قرانا على الجريدة مقال يستاهل القراءة نتمنى من الجريدة التعاون مع هؤلاء الكتاب الذين يدافعون عن الاسلام شكر للجريدة .


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي