لماذا يصرّون على إهانة بشار؟... ماهر شرف الدين*
وكأنما جائزةٌ تنتظرهم، يتسابق حلفاءُ بشار الأسد على إهانته.
بالنسبة إليه، اليوم الذي يمرُّ دون إهانة، على أيدي حلفائه، أسعد الأيَّام.
الروس تفنَّنوا –حرفياً- في تصنيع تلك الإهانات، وتفنَّنوا أيضاً في تسريبها على شكل صور وشرائط نزلت برداً وسلاماً على مقدّمي البرامج الساخرة.
الإهانة البروتوكولية كانت البداية فقط. تغييب عَلَم النظام والاكتفاء بالعَلَم الروسي، في لقاء بوتين الأسد، كان الإهانة الأُولى في طريق الألف إهانة، والتي لشدَّة تكرارها لم تعد إهانةً أصلاً.
صار مشهد إيقاف بشار في الصفّ مع الضباط الروس، خلف بوتين، نوعاً من البروتوكول. وصارت كيفية استدعائه إلى "قاعدة حميميم" من دون إبلاغه بهوية الضيف الروسي آليةً روتينية ًفي التعامل. أمَّا حادثةُ إمساك أحد الضباط الروس بذراعه لمنعه من اللحاق ببوتين، فلم تعد مدعاةً للاستغراب، مع مرور الوقت وتوالي الشبيهات.
وعلى طريقته، كرَّر الحليف الإيراني تلك الإهانات.
فتسمية "ذيل الكلب" التي أطلقها مركز "كارنيغي" الروسي على بشار، وجدتْ ما يقابلها في صحيفة "قانون" الإيرانية حين وصفته بـ"الجبان المخنَّث الأناني".
وتغييب عَلَم النظام في لقاءات بشار مع القادة الإيرانيين لم يعد أمراً مستهجناً.
بل إنَّ الإيرانيين، في الأيام الفائتة، تفوَّقوا على نظرائهم الروس حين نقلوا الإهانة إلى عالم المتخيَّل!
فتحت عنوان "سنُصلّي في القدس"، نشرَ الموقع الفارسي الرسمي للمرشد الإيراني، علي خامنئي، لوحةً تصوّر القادة في ما يُسمَّى "محور المقاومة"، وهم يصلّون ضمن صفوفٍ وُضِعَ بشار الأسد في الرابع منها، بشكلٍ يجعل الناظر محتاجاً إلى إنعام النظر جيّداً لكي ينجح بالتعرُّف إليه!
هكذا، وبعد عشرات الإهانات في العالم الواقعي، تأتي إهانات العالم المتخيَّل! فحتى عندما يتخيَّلون الأسد يجعلونه قليل الشأن قابعاً في الصفوف الخلفية!
والحقّ أننا نفهم إصرارنا، كمعارضين، على توجيه الإهانة لبشار باعتباره السفَّاح الذي قتل ودمَّر وهجَّر، لكننا ربما لا نفهم ذلك الإصرار حين يصدر عن حلفائه الذين قاتلوا من أجل بقائه.
فإذا كان هدف الروس هو إظهار تبعيَّة بشار لهم، وبالتالي إفهام العالم بأنَّ مفاتيح الحلّ السوري كلَّها في يدهم، فإنَّ هذا الهدف قد تحقَّق منذ زمن، ويمكنه التحقُّق دائماً من دون اللجوء إلى أسلوب الإهانة المباشرة.
وإذا كان الهدف انتقاماً شخصياً لبوتين من بشار، بسبب رفض الأخير -قبل الثورة- تلبية دعوته إلى موسكو ثلاث مرَّات، بحسب ما نقل بندر بن سلطان لصحيفة "الإندبندنت" في حديثه المطوَّل والشهير، فإنَّ الهدف قد تحقَّق أيضاً، مرَّاتٍ ومرَّاتٍ، ناهيك عن أن بشار بات أضعف وأقلّ من أن يكون مادَّةً للانتقام الشخصي من رئيس دولة يحرص على وصفها بـ"العظمى".
وإذا كان الهدف الإيراني هو الضغط على بشار لإعطائهم حصَّةً أكبر من اقتصاد البلد المنهوب، فيمكنهم تحصيل ذلك دونما استعمال لأسلوب التجريح والشتم وتقليل الشأن.
الآن، ربما ينتظر القارئ منّي أن أجيب، من خلال معلومة مُسرَّبة أو عبر تحليل سياسي معقَّد، على سؤال: إذاً، لماذا يُصرّون على إهانة بشار؟
لكنَّ جوابي بسيط جداً، يعرفه كلُّ ذي فطرةٍ سليمةٍ، ويتلخَّص في كلمتَيْن اثنتَيْن: احتقار العملاء!
*شاعر وكاتب سوري
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية