أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عيد السوريين الأمل... عدنان عبد الرزاق*

من مخيمات إدلب - جيتي

تخلخلت، ولأول مرة ربما منذ خمس سنين، صخرة يأس السوريين بهذا العيد، ولاحت بوادر انفراج بحلحلة قضيتهم التي طالت على الجميع، بمن فيهم الداعمون والمؤيدون والمتعاطفون، بعد أن زاد عمر ثورة السوريين على الثورة الفرنسية وتعدت آثارها الثورة البلشفية والثورة المجيدة، لجهة ما قبل الثورة ليس كما بعدها.

فمن سوريا وعبرها، ثمة علاقات دولية وأقطاب جديدة نشأت، وعداوات وعلاقات تنشأ، وليس من المستبعد جراء التحالفات والتدخلات على الأرض السورية، أن نرى تلاشي زعامات وهيمنة أو تبلورا لمحاور لم تكن بحسبان، قبل الربيع العربي عموماً والاختلاط الذي عرّى العالم بسوريا.

بيد أن السؤال اليوم، ما المستجد على القضية السورية لنرى ملامح العيد بادية رغم الأوجاع، فأن تشهد ساحة الساعة بالمدينة المحررة الوحيدة "إدلب" وحتى آخر ليل أمس السبت، إقبالاً وحركة شراء، رغم دم بنيها الذي لم يجف بعد ومخاطر فزاعة كورونا، فلابد أن شيئاً ما، تسلل لأنفس السوريين، وبالمناطق المحررة والمغتربات على وجه التحديد.

وأن يعاد تفتّح الأماني، بمراسلات السوريين عبر وسائل التواصل، وتغيب سواد اليأس عن تشكيل معايداتهم، فأيضاً ثمة ما يستشعره الجميع، إن لم نقل بدأوا بتلمس ملامحه، كان السبب بتبدل الحال بين الأمس واليوم.

قصارى القول: زاد الخلاف على سرقات السوريين، بين عصابة الحكم بسوريا، ومخلوف الأسد خاصة، من أمل السوريين باقتراب سقوط نظام الأسد، حتى وإن مرّ الخلاف بتسوية أو تم تحويطه بجريمة، فما نبشه السرّاق من أسرار وما تمخّض ولم يزل، من انشقاقات ضمن دائرة النظام، وخلافات خارجية حول إنهاء الدور الوظيفي، سيلزم وعلى الأرجح، حتى من كان يفكر بإعادة إنتاج الأسد، بالبحث عن تسوية تزيح عن كاهله حمل ميت فاحت رائحته، والبحث عن حل، وإن على الطريقة المصرية وسيسي جديد، يضبط، أو يتذرعون بأنه سيضبط الانقسامات بسورية ويؤاخي بين متناقضات المحتلين على أرضها.

يضاف للخلاف وتفتت الكتلة الصلبة حول الأسد، ما بدأ يراه السوريون من تململ روسي وانسحاب خليجي، عن دعم الأسد، فحجم ونوع التدخلات وانكشاف الغطاء عن عورات الأسد ومن دعمه، باتت بأمس الحاجة لتسريع إجراء الكي، قبل أن تتبدل أطراف المعادلة، بواقع التصميم الإيراني وتعدد ارتباط القوى الفاعلة داخل سوريا.

وتعود كرة النار للتدحرج من جديد، وهذه المرة، ستتعدى حدود سوريا الجغرافية، بعد لجم الانفجار، شمالاً مع تركيا وشرقاً مع إيران عبر الحدود العراقية، وربما أكثر، بحل عنكبوت واهٍ.

ولكن، وعبر تجارب مماثلة عبر التاريخ، على قلتها، يحتاج الرعاة والمحتلون وأصحاب المصالح، لمبرر أو مناسبة، يزاح خلالها النظام، أو رأسه على الأقل، لتفادي انفجار متوقع بدولة أمينة عميقة، بناها الأسد الأب برعاية دولية ووطدها الابن عبر التآمر، فيما لو تم الحل بالصفعة على طريقة الانتحار بعدة طلقات.

لذا، وهو مبعث ارتياح السوريين بهذا العيد، بدأ العمل دولياً على إخراج المشهد الأخير من مسرحية الأسد، من دون أن تزداد الأوجاع، أو تتحول سوريا إلى دولة فاشلة، يصعب توقع آثارها على دول الجوار، وإسرائيل على وجه التحديد.

وزاد من ذلك الارتياح وتغليف معايدات السوريين ببعض الأمل، أن سيناريوهات متعددة، بدأت بالتكشّف، إن عبر مجلس عسكري أو انتقالي، أو حتى إلزام الأسد بالهروب وطلب اللجوء على طريقة زين العابدين بن علي. فما قيل ويتصاعد، عن صفقة دولية، أو روسية أمريكية وشيكة، تعدى حدود التوقعات، بعد تبدي ملامح وظهور المؤشرات.

نهاية القول: ربما ما شاب معايدات السوريين من قلق وما قد يتصاعد لاحقاً، هو أولاً متى سيقتنع العالم بضرورة التسريع بإسقاط الأسد واليقين أنه صفر سوريا التي لا يمكن أن تبدأ بعدها التصاعدي، لطالما هو على كرسي أبيه، يتمتع بدعمهم وإن عبر جرعات مذّلة ليتمم ما قد نقص، من دوره الوظيفي.

ولاحت ملامح القلق ثانياً، من شكل سوريا المقبل وكيف يمكن أن تدار وتستقر، بعد أن عبثت بها شياطين العالم، وعاث بها الفساد والمتطرفون وتقاسم ثرواتها ومصائر شعبها، محتلون بعقود ومعاهدات وشروط إذعان.

بيد أنه ورغم كل القلق المشروع وما قد يتزايد خلال طور حتمي ستعيشه سوريا ما بعد الأسد، بقيّ الأمل طاغياً ولأول مرة هذا العيد، منذ ما بعد التدخل الروسي عام 2015 وشعور السوريين وقتذاك، أن ثورتهم بيعت وآمالهم دخلت بمراحل النسيان.

*من كتاب "زمان الوصل"
(261)    هل أعجبتك المقالة (260)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي