أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

خلاف الأسد مخلوف والصراع الطبقي بين القرداحة وعين الباشا

بشار ورامي - ارشيف

"سألني رئيس الفرع من تقصد بمقالتك من أين لك هذا؟ قلت له رامي مخلوف، هو أصغر مني بثمانية أعوام وماشاء الله يملك مايفوق 16 مليار دولار، هل سأله أحد منكم من أين لك هذا؟ فرد قائلاً: هو من عائلة غنية.. ضحكت وضحك كل من الفرع"، هكذا تذكر المحامي المحامي "ميشيل شماس" حادثة استدعائه لفرع المنطقة على خلفية كتابته لمقال من أين لك هذا؟

وتذكر آخرون أفعال ميليشيا الشبيحة قبل اندلاع الثورة بعد ظهور رامي مخلوف الأخير، ولعل التعليقات التي أعقبته أهم من المعلومات التي وردت في الفيديو، فلا يخفى على القاصي والداني بأن رامي مخلوف ما هو إلا وكيل أعمال بشار الأسد، وكلاهما أحال البلد إلى شركة خاصة تدر عليهم الأرباح الطائلة.

وبالتأكيد فإن "حسام سكر"، الذي كان يرأس فرع المنطقة آنذاك قال العبارة "هو من عائلة غنية" وهو يدرك تماما بأن رامي مخلوف هو ابن محمد مخلوف الموظف البسيط من مواليد جبلة قرية بستان الباشا، وأبو رامي هو الشقيق الأصغر والوحيد وترتيبه الثالث بعد فاطمة وأنيسة مخلوف زوجة حافظ الأسد، تزوج محمد مخلوف من أربع نساء ولديه خمس أولاد من زوجته الأولى رامي، حافظ، إيهاب، إياد، وابنتان.
كان محمد موظفاً في شركة الطيران السورية في قسم المحاسبة التجارية، وبعد انقلاب حافظ الأسد على السلطة في سوريا عين محمد مخلوف مديراً عاماً لمؤسسة التبغ والتنباك "الريجي" في سوريا 1972.

منذ ذاك الوقت بدأ محمد مخلوف بالفساد، فـ"الريجي" تحكم جميع العقود مع الشركات الأجنبية سواء باستيراد التبغ الخام والسجائر الأجنبية المصنعة، واستيراد الآلات والتجهيزات الصناعية للمؤسسة التبغ "كخطوط تصنيع السجائر المحلية وغيرها من مستلزمات المؤسسة"، وتصدير المنتجات السورية والتبغ السوري الخام للخارج.

وحصر جميع وكالات شركات السجائر الأجنبية المصنعة باسمه بدل أن تكون محصورة في مؤسسة التبغ، وقام بشراء تجهيزات قديمة وخطوط لإنتاج السجائر المحلية، وبيعها على أنها جديدة وبأسعار مرتفعة، تصدير التبغ السوري الذي له صبغة ونكهة مميزة إلى شركة يونانية وهمية بأسعار زهيدة، ومن ثم بيعه مرة أخرى إلى شركات أجنبية بأسعار مرتفعة نسبياً، أضرت هذه العملية بالاقتصاد الوطني، وعلى مزارعي التبغ حيث تم فرض عليهم شراء منتجات التبغ منهم بأسعار لا تغطي تكاليف زراعته.

*المؤسسات الوطنية "مزارع" خاصة
عقلية التعاطي مع مؤسسات الدولة وكأنها ملك خاص بدأت مع محمد مخلوف قبل أن يتم توريثها لابنه رامي، حيث فرض محمد مخلوف على التجار والوكلاء الحصريين للسجائر الأجنبية المصنعة دفع رسوم مالية تعود له، لكنهم رفضوا هذه الممارسات، وتم رفع شكوى إلى رئيس الوزراء آنذاك عبد الروؤف الكسم، ما دفع مخلوف إلى وقف استيراد السجائر الأجنبية المصنعة عبر الوكلاء، وحصر استيرادها عن طريق "مؤسسة التبغ" فأصبح هو الوكيل الرسمي للشركات الأجنبية في البلاد بغطاء "مؤسسة التبغ السورية".

ما حصل زمان الأب يعيده الابن حيث طلب رامي مخلوف من وزير الأوقاف الأسبق زياد الدين الأيوبي أرض معرض دمشق الدولي ليشتريها ويقيم عليها مدينة ألعاب أطلق عليها لاحقا اسم "وردة دمشق"، لكن الأخير رفض وقال له إن هذه الأرض وقف للمسلمين! لا يمكن بيعها، ما دفع رامي لممارسة التهديد والوعيد ضد الأيوبي، فاتصل الوزير ببشار الأسد وأبلغه الأمر فقال له حسناً فعلت ولا تسمع لكلامه، في اليوم التالي شاهد الوزير استقالته على شاشة التلفاز عبر الشريط الإخباري! وبعد مرور عام حصل رامي على الأرض وأقام عليها مشروعه الذي لم يكتمل بعقد استثمار يمتد لـ99 سنة.

*ماهر الأسد لاعب اقتصادي
بقي أبو رامي اللاعب الوحيد في ميدان التبغ السوري وأسس لفساد بات يدر عليه أموالاً ضخمة، حتى ظهر اسم ماهر الأسد على الساحة الاقتصادية، وطلب من خاله محاصصته في شركات السجائر الأجنبية بعد أن أصدر حافظ الأسد مرسوماً يقضي وقف استيراد السجائر الأجنبية المصنعة من مؤسسة التبغ، وحصر استيراد السجائر الأجنبية المصنعة بمؤسسة الأسواق الحرة "غوتا" والتي يسيطر عليها محمد مخلوف حيث أصبحت الشركات الأجنبية أغلبيتها عائدة الى ماهر الأسد.

حاول الأسد الأب تحجيم مخلوف لإفساح المجال لابنه ماهر فأمر عبد الرؤوف الكسم بنقل مخلوف من التبغ إلى المصرف العقاري عام 1985 في محاولة لتحجيم نفوذ محمد مخلوف، اكتشف مخلوف كنزاً جديداً في المكان الجديد فوضع تسعيرة للقروض التي يمنحها المصرف بمقدار 15% ولم يمنح قرضاً لمواطن أو مقاولاً أو لأصدقائه إلا بعد حصوله على 15%.

*الخلاف التاريخي بين الأسد مخلوف
لا يمكن سلخ الخلاف بين بشار الأسد ورامي مخلوف من سياقه التاريخي والاجتماعي، لم يكن سليمان الوحش، والد حافظ معروفاً لدى سكان القرداحة، لكن مع صعود صلاح جديد وحافظ الأسد تمكنا من تسلم السلطة، بعد أن كانا يحكمان سوريا في الظل، يقول الكاتب البريطاني باتريك سيل: "في 1958 كان الملازم حافظ الأسد مصمماً على الزواج من أنيسة مخلوف، فاختارها دون غيرها وهو في أوائل العشرينيات من عمره".

وبحسب سيل: "وقع حافظ في حب أنيسة بعد عودته من دورته التدريبية في مصر، وكانت مدرسة ذات سلوك رزين محتشم، شابة رشيقة ذات شعر بني تقاربه في العمر، وتلقت تعليمها في دير راهبات القلب الأقدس الفرنسي في بانياس، ورغم وجود عقبات كثيرة وقفت في طريق الزواج، إلا أن حافظ الأسد تمكن من الزواج من أنيسة، وأقاما بأطراف المزة".

جاء في وثيقة أرشيفية أن الملازم أول حافظ الأسد، كان موقوفا لدى القضاء العسكري في اللاذقية، بسبب إقدام الموقوف حافظ الأسد على الزواج من فتاة دون موافقة "ولي أمرها" (نشرت زمان الوصل وثيقة بهذا الخصوص)، والمقصودة "أنيسة مخلوف"، التي كانت ابنة عائلة معروفة مقارنة بعائلة حافظ، فيما كانت عائلة سليمان الأسد، تعد في نظر العديد من العوائل الأقل شأناً في القرى المجاورة.

اليوم يأخذ الصراع شكلاً آخر فاليد العليا للعائلة المنبوذة والمحتقرة من محيطها المجتمعي (الأسد)، بينما المهدد بالسجن هو ابن العائلة المتنمرة (مخلوف ومعهم إسماعيل وبعض عوائل بستان الباشا الموالية لمخلوف)، ربما يثأر بشار لأبيه حافظ الأسد وعائلته من هؤلاء جميعا! والخوف أن يكون الشعب السوري مرة أخرى من يدفع ثمن هذا الصراع غاليا؟!

زمان الوصل
(363)    هل أعجبتك المقالة (403)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي