أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المرحوم الطبلاوي شجاع.. أثنى على ورع الأسد والسيسي لكنه لم يصفهما بأنهما من رسل اللهّ!

الطبلاوي

اختلف المسلمون حول الطبلاوي، وقد أفضى إلى ما قدم وسلَّم الأمانة إلى بارئها، أصحاب اليمين ذكّروا بمواقفه المخزية ونفاقه من السيسي، وبموقفه من مرسي، وبأنه اسم على مسمّى و"طبلاوي"، أما أصحاب الشمال ومُشايعوهم، فترحّموا عليه، لكني لم أجد أحداً من أولئك، أو هؤلاء، يقول السلام لروحه، فقد ترحّموا عليه بالطريقة الإسلامية التي تذكّر بالله ورحمته، وتقول: رحمه الله، وليس بالطريقة غير الإسلامية التي تقول "السلام لروحه".

ذكر الطبلاوي السيسي بكل خير، وأشبعه تقريظاً وإعجاباً، ودلّل على تقوى السيسي بأن السيسي ذكر له شخصياً أنه كان يحضر مجالس الذكر في المساجد عندما كان لواءً، ولم يكن معروفاً وقتها، ويبدو أنه كان يأتي من غير رتبته العسكرية متنكراً إلى الأزهر مدة ثماني سنوات، ولم يذكر الطبلاوي أنه رآه بنفسه في مجالس الذكر، وركن إلى قول السيسي وصدّقه، وهو الذي افترى كل تلك الافتراءات، وحنث بكل أيمانه وأقسامه، وارتكب كل تلك المجازر، لكن إحسان الظن بالمرحوم الطبلاوي غير إحسان الظن بفيفي عبده، أو سما المصري، فقد حفظ القرآن في العاشرة، ونال خمسة قروش في عزاءٍ حضرَه  في بيت العمدة، وهو يحمل في صدره كتاب الله، وليس فناناً مثل هشام سليم، الذي أثنى على تحوّل ابنته إلى ذكر، والعكس أشد.

وتقول نشرة التعريف به إنه كان يُحيي المآتم، فيحوّل الميت إلى عريس بصوته الرخيم القوي الجهوري المجوّد بكلمات الله، وهو الذي زفَّ باسل الأسد إلى الجنة!

كما يجب أن ننصفه ونقول: إنه لم يبلغ به النفاق في وصف السيسي مثل الأزهري سعد الدين الهلالي، الذي وصفه بأنه من رسل الله، بل يجب أن نحسن الظن بالهلالي أيضاً، فهو شيخ اختلط عليه الأمر، فوصف رئيساً هو عبد الفتاح السيسي ووزيراً هو وزير الداخلية محمد إبراهيم، بما وُصف بهما موسى وهارون عليها السلام، أما فرعون في القصة، فهو محمد مرسي "البكّاش"، كما وصفه الطبلاوي، أي المخادع المنافق،  وشعب رابعة هم قوم فرعون!

وقد أثني كثيراً على تقوى السيسي، الذي كان ورعاً تقياً، وليس مثل مرسي المنافق والإخوان المسلمين الذين يستغلون الدّين للوصول إلى السلطة، وأثنت المذيعة في برنامج المواجهة على كلام المقرئ الطبلاوي رحمه الله.

والمصريون مع السلطان لهم قصص تشيب من هولها الولدان، وتضحك الثكالى، وتشيب شعر الغراب، والطبلاوي قارئ، وليس فقيهاً ولا عالماً، لكنه إنسان عاقل ويعرف الخير من الشرّ، والمؤمن من المنافق. وكان معروفاً بإحياء المآتم، والسياسة شأن آخر، فيجب أن نعذره، وهناك قول مشهور يقول: "إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره، فالتمس له عذراً واحداً، إلى سبعين عذراً، فإن أصبته، وإلا، قل: لعل له عذراً لا أعرفه".
اعذره حتى وإن رأيته يكذب، واعذره حتى إن رأيته يكفر كفراً بواحاً.

وسمعت له ذكريات في سوريا إبان وفاة الفارس الذهبي المظلي الشهيد الرّكن، فسررتُ بها، وكان يقول في ذكرياته أشياء عن التعزية والتأبين "والواد اللي عمل حادث"، يقصد باسل، وحاول أن يتذكر اسمه، فلم تسعفه الذاكرة، وسوريا فيها قرّاء أصواتهم جميلة، وهم بالآلاف، في الشام وحلب وحمص، لكن النظام استورد مقرئاً من مصر هو الطبلاوي، ويجب أن نحسن الظّن بالنظام، فما دعا الطبلاوي إلى عزاء باسل إلا لتأكيد الوحدة العربية بين القطرين "الشقيقين"، ويجب أن نحسن الظن دائماً بأخينا ورفيقنا البعثيّ، ونبحث عن سبعين عذراً للرفاق المتّهمين بالعيوب، أما غير الرفاق أو غير الموالين، فيجب أن نرفع بهم الوشايات والتقارير، لا أن نقول إن النظام بحث عن مقرئ مشهور، وبرتبة "نقيب" القرّاء، وهي رتبة عسكرية، فنتهمه بعسكرة الدين أيضا.

وجاء في لقاء مع الطبلاوي على الفضائيات المصرية إنه "عميد" القرّاء!

ولم يُعرف مقرئ في سوريا بشهرة الطبلاوي، حتى برتبة عريف، لأنها دولة علمانية ولا يصح أن يشتهر فيها مقرئ، وإلا لانتقصت علمانيتها، وكان النظام السوري يستورد صناديق الانتخابات من ألمانيا البعيدة، فيكلفه الصندوق الواحد آلاف الدولارات: وفد، وطائرة، وعملة صعبة، وعقود شراء، تجنبا لاحتمالات الغش والتزوير في صناديق مصنوعة محلياً، وسوى السياحة، وثمن الصندوق لا يجاوز بضع سنتات في البلد، ويجب أن نُحسن الظّن، فما ذلك إلا لتأكيد الوحدة بين الشقيقتين ألمانيا وسوريا التي صدرت لنا الكرسي الألماني، وحرصاً على نزاهة الانتخابات!

يجب إحسان الظن دائماً بالناس والأنظمة، على عكس ما يقوله المحلّلون في السياسة، بأن إساءة الظّن ضرورية في فن السياسة، لقد أفسد علماء السياسة أخلاقنا.

هناك مثل يقول، عندما يقع الثور تكثر سكاكينه، وهذا يعني أن الثور الصامد تكثر نياشينه. لكن المّثل الذي قاله عثمان رضي الله عنه أبلغ في هذا المقام: وهو "إنَّ الله يزعُ بالسلطان ما لا يزعُ بالقرآن".

أحمد عمر - زمان الوصل
(415)    هل أعجبتك المقالة (353)

الشمري

2020-05-09

مقال جميل ، بقلم رصين وفق الله يا أحمد عمر.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي