تطل إسرائيل برأسها في الكثير من المسلسلات التي تعرضت للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي وذلك خلال شهر رمضان الكريم.
ولا تطل اسرائيل بوجه درامي جميل بل بوجه المحتل القاتل والمجرم المغتصب، بوجه الجاسوس المتربص، بوجه آلة التعذيب والإرهاب.
فهي التي يختطف جنودها ابن نبيلة عبيد ليسجن في مسلسل "البوابة الثانية" الذي يكشف حجم المأساة التي يعيشها الفلسطيني تحت وطأة الاحتلال، وهي الحركة الصهيونية التي يفضح مسلسل "ما تخافوش" ممارساتها القذرة حتى ضد أبنائها.
حيث يثير بطل المسلسل الذي يعمل مذيعاً تليفزيونياً فكرة اليهودي الاندماجي الذي يسعى إلى العيش في مجتمعه ويرفض الهجرة إلى إسرائيل من خلال نموذج صوفيا اليهودية زوجة رونالدو المسيحي الإيطالي التي تذهب ضحية دعوتها إلي اندماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها حيث يتم اغتيالها، وكذلك من خلال شخصية أم داود اليهودية المصرية التي رفضت الهجرة إلى فلسطين مع زوجها وابنها عام1948، وهي التي تجند الشباب العربي للعمل لحسابها في مسلسل "حرب الجواسيس" الذي يصور الصراع بين المخابرات المصرية والإسرائيلية، وهي التي تتحالف مع قوى الاستعمار في فترة ما قبل ثورة 1952 تحاول وتفشل مع الفنانة القديرة ليلي مراد فتعمل على إطلاق المعلومات المغلوطة ضدها في مسلسل "أنا قلبي دليلي"، وهي الصراع الذي لا ينتهي ولن ينتهي مع مصر في "لو كنت ناسي" الذي يتعرض للصراع المصري الإسرائيلي بعد حربي 1967 و1973 وأثره على المجتمع المصري، و "الرجل والطريق" الذي تناول فترة الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1948 وتكوين دولة إسرائيل، وهي الفترة التي تعد أكثر الفترات مرارة في تاريخ الشعب العربي كله.
والكثير من هذه الخطوط الدرامية التي تظهر بها إسرائيل في الدراما المصرية كالجاسوسية، ودور الموساد، والتعذيب، تتجسد في المسلسل الملحمي ـ إذا جاز التعبير ـ "رجال الحسم" للمخرج السوري نجدت أنزور، والذي تتوفر فيه كافة عناصر العمل الدرامي الضخم من حيث القصة المتميزة والسيناريو المحكم، وخارطة التصوير التي امتدت مساحته الزمانية والمكانية للعديد من الدول العربية والأوروبية منها لبنان وسورية وقبرص وألمانيا وفرنسا، واستخدام أحدث تقنيات التصوير، مع الدقة المتناهية في تنفيذ الديكورات، وأداء الممثلين الذي تميز بالصدق.
إن أهم ما يتميز به نجدت أنزور هو قدرته على تقديم عمل محكم قوي يستطيع المشاهد الالتحام به ومتابعته بشوق، لكن تجلي قدرة أنزور يظهر واضحاً في حسه العالي في اختيار الممثل لأداء دوره، وهنا يتألق باسم خياط، ومايا نصري ضابطة الموساد، ويتألق فنانون مثل فايز قزق، ومنى واصف وعبد الرحمن أبو القاسم ونادين نجيم.
ويتناول "رجال الحسم" قصة مدرس جولاني شاب يعود إلى قريته بعد انتهاء الحرب، فيجد أخته قد أصيبت جراء الحرب ويعلم أن والدته وأخاه قد استشهدا، فيقرر الانتقام بعملية فدائية في الأرض المحتلة، ولكن الظروف تحول دون تحقيق ذلك، غير أن إصراره على القيام بعمل ما يدفعه إلى السفر لدولة أوروبية والعمل في مطعم يرتاده أشخاص من المافيا "الإسرائيلية" بعد أن يغير اسمه، ليبدأ التقرب منهم، وبعد تعاقب الأحداث يتعرف إلى فتاة "إسرائيلية" وينجح من خلالها في الدخول إلى إسرائيل، وبحكم إجادته للغة العبرية يتمكن من التغلغل في المجتمع العسكري الصهيوني.
إن العمل يحمل بعداً إنسانياً وطنياً وقومياً كاشفاً، ويمسك بتلابيب معاناة أبناء الشعب العربي على اختلاف أجياله تحت الاحتلال ممثلاً في أبناء الجولان المحتل ومشاعر الإحباط والألم التي رافقت نكسة يونيو/حزيران عام 1967، والجرائم البشعة التي ارتكبها جهاز الموساد في حق الوطنيين.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية