ذات ظهيرة من عام 2012 اقتحم عناصر من فرع الجوية فرع شركة "سيرياتل" المملوكة لـ"رامي مخلوف" في مدينة "صحنايا"، وطلبوا من أحد موظفيها المهندس "يامن البيج" الخروج معهم لشأن خاص ليتم اعتقاله على الفور دون أسباب معروفة ودون توجيه أي تهمة له أو معرفة مصيره حتى الآن.
ولم يطالب "رامي مخلوف" بإطلاق سراحه حتى الآن وهو الذي ظهر منذ أيام وهو يتباكى على اعتقال موظفيه في "سيرياتل" على يد أجهزة مخابرات النظام، ذاتها والتي اعترف للمفارقة بأن شركته كانت أفضل داعم وخادم وممول لها.
وورد اسم "البيج" في قوائم أكثر من 200 ألف معتقل لدى النظام السوري التي نشرتها "زمان الوصل" عام 2016 وجاء فيها اسمه الثلاثي "يامن سمير البيج" 33 سنة الوضع العائلي خاطب- المهنة مهندس اتصالات في شركة اتصالات سيرياتل اعتقلته قوات النظام من مقر عمله في الشركة في "صحنايا" وهو محتجز في المخابرات الجوية بالمزة.

وينحدر المهندس "يامن البيج" من حي "العمارة" الدمشقي 1980 تخرج كمهندس اتصالات من جامعة دمشق عام 2010، وبعد أن أنهى الماجستير في نظم إدارة المعلومات عمل في فرع "صحنايا" لشركة "سيرياتل".
وكشف مصدر، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"زمان الوصل" أن "يامن" كان من محبي دمشق وأسس وأشرف على مجموعة باسم "دمشق بالأبيض والأسود" عبر "فيسبوك" وثق فيها تاريخ المدينة ومعالمها، وعمل على نفسه -كما يقول- ليصبح مدير مشاريع في "سيرياتل" ويجمع بين إدارة الأعمال والهندسة.
وروى المصدر المقرّب من المهندس الشاب أن اعتقاله كان بتاريخ 20 آذار مارس/2012 من مكان عمله خلال الدوام الرسمي، حيث حضرت سيارة الأمن وطلبوه للخارج وتم اقتياده في سيارتهم إلى أحد فروع الأمن دون معرفة الأسباب، ومضى وقت حتى علم ذووه أنه في المعتقل حيث تم اعتقاله بداية في فرع الجوية ومن ثم إلى آمرية الطيران.

ولفت محدثنا إلى أن المعتقل الشاب كان شخصاً طموحاً جداً ويحب عمله، وكسب ثقة المحيطين به، وتم تكريمه حتى في مجال عمله أكثر من مرة بسبب تميزه وإنجازاته في عمله، وكان زملاؤه وأصدقاؤه يطلقون عليه -حسب قوله- لقب "انسكلوبيديا" لسعة معلوماته في كل المجالات الثقافية والمعرفية، إذ كان مرجعاً لأي معلومة مطلوبة، مضيفاً أن الشاب المغيّب "كان متفائلاً جداً في حياته ودأب على منح الطاقة الإيجابية والحيوية لمن حوله من أصدقاء ومعارف.
وأشار المصدر إلى أن ذوي "يامن" حاولوا الوصول لمعرفة مكان اعتقاله أو ظروف الاعتقال من خلال محامين ومتنفذين في النظام دون جدوى، ولكن بعض رفاقه ممن كانوا معتقلين معه أكدوا وجوده في سجن آمرية الطيران وفي مشفى "601 العسكري" في ظروف سيئة جداً، وكان يعاني من الهزال والتجفاف بسبب سوء التغذية والأوضاع الصحية السيئة جداً داخل المعتقل، ومثله مثل المعتقلين الآخرين عانى كماً كبيراً من الظلم والقهر.
وكشف محدثنا أن شاباً عراقياً في الـ15 من عمره كان معتقلاً مع "يامن" وعند خروجه وذهابه إلى العراق ظل يتواصل مع أهل "يامن" لمدة سنتين للاطمئنان إن كان قد أُفرج عنه، وذكر لهم أنه كان يدرسه الرياضيات داخل المعتقل ويضمد جراحه بقمصانه.
ومن جهته روى المعتقل السابق "محمد منير الفقير" الذي كان معتقلاً مع المهندس الشاب في قسم الرضوض بمشفى 601 لـ"زمان الوصل" أنه لم يكن يعرف "يامن" من قبل، ولكنه كان يسمع عنه وعن نشاطه الثقافي والإنساني إلى أن اجتمع به في مشفى 601، وكان على درجة عالية من الثقافة، ورغم الرعب الموجود في 601 والإعدامات اليومية التي يشهدها هذا المشفى سيئ الصيت، إلا أن "يامن" كان يغامر بحياته ويقدم محاضرات أو فقرات ثقافية للمعتقلين بعد أن يتحين فرصة خروج السجانين وابتعادهم عن المهجع وكان حسب المصدر من أميز الناس الذين قابلهم خلال فترة اعتقاله.
ومبنى الرضوض هو مبنى قديم يعود إلى عهد الاحتلال الفرنسي شبه معزول في أقصى الزاوية اليسرى الشمالية من مشفى 601 (جهة القصر)، وكان قسم المعتقلين –حسب المعتقل السابق- يضم حوالي 5 غرف غرفة للجوية وأخرى للأمن العسكري، وغرفتين للمواقيف الذين كان يتم تشغيلهم في السخرة وغرفة تحقيق، وكان هذا القسم يشهد إعدامات يومية في نهاية الشهر السابع 2013.

وتابع أن المهجع الذي وضع فيه "يامن" كان يضم 8 أسرة عليها حوالي 30 معتقلاً مقيدين بجنزير واحد عراة، وكان الفقير، في طرف المهجع الأيمن فيما كان "يامن" في الطرف الآخر في آخر المهجع.
بقي الفقير مع "يامن البيج" حوالي 3 أسابيع في قسم الرضوض وتمت إعادته إلى فرع الجوية بمطار المزة، فيما أُعيد "يامن" إلى آمرية الطيران، وبدا في حالة نحول وأنفاسه كانت بالكاد تخرج.
وعبّر محدثنا عن اعتقاده بأن شركة "سيرياتل" ذاتها هي من أبلغت عن "يامن" إذ كان هناك داخل فرع الشركة في "صحنايا"، كما في غيره من الفروع ضابط أمن على ارتباط بالمخابرات يلاحق الموظفين ممن يشك في ولائهم للثورة أو معارضتهم للنظام، وتم اعتقال أكثر من موظف فيها وتسليمهم للأمن.
فارس الرفاعي -زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية