أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حاسب حاسب على الرئيس المناسب*

مشكلة الولد أنه يُحب كرة القدم، وهو لا يصلح سوى للعبة كاندي كراش

سنروي خبرًا طريفاً عن فريق كرة قدم:

دانيال باديسلاف حارس مرمى روماني ولد وفي فمه ملعقة ذهب، يصل وزنه إلى 130 كيلوجرامًا، تسبّبَ في نزول ناديه "دينامو سبختفيتا" من الدرجة الثانية إلى الدرجة الرابعة! عجز النادي عن طرده لأن أمه أحد ملّاك وممولي النادي.

استقال بسبب دانيال المعجزة أربعة مدربين، وتوفي خامسٌ بنوبة قلبية، كما اعتزل أحد لاعبي النادي اللعب نهائياً، وعمل في بار، حتى يشرب وينسى!

بدأ دانيال اللعب في خط الهجوم كرأس حربة، لكن رأس الحربة لم يستطع أن يحارب قط، وكان يندحر، إلى أن هداه الله، فقرر الانتقال لحراسة المرمى لعدم قدرته على الركض ومجاراة اللاعبين، وتجنباً لسخرية الجمهور، وحرصاً على الأمن الرياضي للفريق، وقيل للمحافظة على وزنه، وربما بسبب التعب الذي كان يناله بسرعة فيقعده، وقد فشل أيضاً في حراسة المرمى، بسبب عدم مهارته في إمساك الكرات التي كانت تتسرب من بين يديه وتصيب مرماه، مما اضطر المدرب للعب بـ 7 مدافعين و3 بخط الوسط، أما المهاجم فكان وحيداً، ولم تُتح له فرصة المهاجمة قط.

الدرجة الرابعة لا تزال درجة رياضية في رومانيا، ولا يزال فريق "أم دانيال" فريقاً، لكن سوريا لم تعد في أي درجة دولية، هي في أدنى السلّم الأممي في التعليم والصحة والأمن والغذاء والشفافية، كل هذا لأن أم الرئيس أرادت أن يبقى ابنها الرئيس مدى الحياة، وأن يلقّنَ ابنها الشعبَ درساً أنكى وأمرّ من درس حماة، فجعل من سوريا كلها حماة، وأن يبقى ابنها هدّاف الفريق، وكابتن الفريق، وكل الفريق، وكان مدربٌ واحدٌ قد توفي في الفريق الروماني، أما في الفريق السوري، فقد قتل مئات الآلاف من المدربين في العلم والأدب، وهم يهتفون به أن يكفّ عن اللعب وأن يرحل، ويلّا ارحل يا بشار، وأن يلعب لعبة أخرى مثل المزرعة السعيدة أو لعبة كراش.. أن يعدّ نقوده التي جمعها من كدّ الشعب السوري، ومن بيع آثاره وأرضه، مثلا وهو يحتاج الى زمنها لعدِّ الأموال وزمن مماثل لعدِّ الضحايا، واحتل الملعب لاعبون روس وإيرانيون، ولم يبق من اللاعبين سوى السيد الرئيس في حراسة المرمى، و قد قُصف عشب الملعب وأكلته الجزم العسكرية، وخُلعت العوارض وشُرّدَ الجمهور ونُكل به، وهو ما زال يقول إنها مباراة ناجحة وسينتصر الفريق، وسيعود الفريق إلى الدرجة الأولى كما كان أيام شكري القوتلي وهاشم الأتاسي، بل إنه يوهم الشعب أن كل شيء على ما يرام، بل إن الوضع صار أفضل، وتجانسَ الجمهور، و"وين كنا وين صرنا".

وأنه هو الوحيد الذي سيحافظ على محور المقاومة، فكأن سورية كلها خونة إلا هو، وأنه الوحيد الذي يحبّ المسؤولية، وكان شكري القوتلي لا يحبُها، فتخلى عنها لجمال عبد الناصر من أجل الفريق الكبير، الفريق العربي، وأن هاشم الأتاسي كان يستخدم سيارة الرئاسة ويتركها خارج حمص حرصاً على وقود الشعب.

كان يمكن لأم دانيال أن تحافظ على ثروتها، وعلى ابنها، وعلى فريقها، فيبقى الفريق في الدرجة الثانية، بل وأن يرقى إلى الأولى، وأن تحفظ حياة المدرب الذي مات من القهر وفطس غيظاً، وأن تشتري لابنها المحبوب فريق مصارعة، أو فريق حمل أثقال، لكن مشكلة الولد أنه يُحب كرة القدم، وهو لا يصلح سوى للعبة كاندي كراش والمزرعة السعيدة.

*أحمد عمر - من كتاب "زمان الوصل"
(451)    هل أعجبتك المقالة (279)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي