لم تستطع "إسراء" رغم خروجها من المستشفى مشاركة معاناتها بالإصابة بفيروس "كورونا" مع "زمان الوصل" فهي لاتزال تعاني من الأعراض الجانبية لإصابتها بالفيروس رغم تلقيها العلاج وتعافيها منها بحسب ما أثبتته نتائج التحاليل، ويعود سبب استمرار معاناتها إلى جسدها الضعيف نتيجة إصابتها بفقر الدم جراء العمليات الجراحية التي أجرتها للكبد قبل مغادرتها سوريا بإتجاه بلد اللجوء بريطانيا.
على عكس "إسراء" استطاع زوجها "محمد أبو سياف" أن يتجاوز المرض ببنيته القوية، فهو مؤسس ولاعب في فريق كرة القدم للجالية السورية بلندن، لكن، ورغم هذا، لم يستطع "محمد" أن يمنع الفيروس من أن يسيطر على جسده لعدة أيام وعبر عدة أعراض غير اعتيادية لم تشابه إلى حد ما الأعراض العامة للإصابة بالفيروس.
يروي "أبو سياف" في حديث خاص لـ"زمان الوصل" قائلا "مع بداية انتشار فيروس كورونا في العالم بدأنا باتخاذ إجراءات السلامة العامة لمنع نقل العدوى حتى قبل أن تشدد السلطات البريطانية من إجراءاتها لمنع انتشار الفيروس في البلاد، التزمنا البقاء في المنزل ولم نخرج منه إلا للضرورة القصوى، لكن ورغم ذلك عرف الفيروس طريقه لي ولزوجتي عبر صديقة للعائلة، والتي لم تكن تعلم بإصابتها بالفيروس، وقامت بزيارتنا ضمن زيارات عمل مجدولة".
*أعراض غير اعتيادية
قد يتبادر لجميع المتابعين للمواضيع الطبية المتعلقة بالإصابة بفيروس "كورونا" أن الأعراض تقتصر فقط على أعراض الإصابة بفيروس الإنفلونزا العادية، إلا أن لدى "أبو سياف" وابن عمه أعراضا مختلفة عن الآخرين، حيث يقول "لم أكتشف إصابتي بالفيروس إلا بعد أن راجعت المستشفى من أجل أعراض لم أكن أتوقع أنها ناتجة عن تلك الإصابة، حيث عانيت من انتفاخ بمنطقة البطن، بالإضافة إلى ألم وتحجر بالجهاز التناسلي، وعندما تم قياس درجة حرارتي تبين للممرضين بأنها مرتفعة جدا، وبعدها أجريت فحص الكشف عن الفيروس وتبين بأنني مصاب به، واكتشفت فيما بعد أن ابن عمي أيضا عانى من نفس الأعراض وتبين أنه مصاب بالعدوى".
وأضاف "خضعت زوجتي للاختبار فيما بعد وتبين أيضا أنها مصابة بالفيروس، وتم نقلها لمستشفى أخرى غير التي كنت أتلقى بها العلاج كونها تعاني من فقر دم حاد، وتم تقسيم المشافي على حسب حالة المريض".
وأشار "أبو سياف" إلى الأعراض العامة التي تبعت فيما بعد أعراضه الخاصة كالسعال والزكام والسيلان الانفي، وكانت افضع تلك الاعراض تأثيراً عليه هي حالات الاختناق الشديدة التي كان يعاني منها، بالإضافة إلى شعوره بالشلل التام جراء ارتفاع درجة الحرارة بحسب قوله.
*العلاج ومدة البقاء بالمستشفى
لم يكتشف العلماء في العالم أي لقاح أو علاج فعال قد ينقذ حياة الإنسان من خطر تعرضه للإصابة بالفيروس، لكن هذا لم يمنع الأطباء في المستشفيات من تقديم الأدوية الطبية التي قد تساعد على تدعيم صحة الشخص المصاب لإيقاف الفيروس من السيطرة على جسده وهنا يوضح "أبو سياف"، قائلاً "بقيت بالمستشفى 11 يوما، أما طريقة العلاج فكانت تتعلق بحسب حالة الشخص ومدى تأثير الفيروس على صحته، لكن أهم تلك العلاجات التي كنت قد تلقيتها كانت المركبات الدوائية الخافضة للحرارة كـ"الباراسيتامول" والفيتامينات المقوية للجسم، وأحيانا يتم تزويدنا بالسوائل من السيروم المغذي عبر الوريد".
*بين العزل المنزل أم العزل بالمستشفى
لطالما كان هناك اختلاف بين العناية بالمريض في منزله والعناية به في المستشفى، وهو ما فضّله "محمد" على بقائه في المنزل وتلقيه العلاج هناك قائلاً "بقائي بالمستشفى كان جيدا بعض الشيء، وأفضل من الحجر المنزلي، لكن لكل منهما إيجابياته وسلبياته، فبقاؤك في المنزل مع أعراض المرض الحادة يشعرك بعدم وجود اهتمام من قبل الأطباء على عكس وجودك في المستشفى، حيث هناك تشعر بالطمأنينة، لكن أيضا قد تشعر بأنك سجين هناك، وخصيصاً مع منع إدارة المستشفى على المرضى استخدام الهاتف إلا في أوقات محددة فقط، وذلك من أجل الحفاظ على معنويات المريض مرتفعة فمتابعة عدد الإصابات وعدد الوفيات عبر وسائل التواصل الإجتماعي يؤثر على نفسية المصاب ويقلل من مناعته التي يحتاج إليها بتلك الفترة، كما وتم منع التصوير داخل المستشفى، وهذا الشي يعتبر إيجابيا من أجل عدم دب الرعب في المجتمع فيما إذا تم نشر تلك الفيديوهات والصور".
*القطاع الصحي ببريطانيا ضعيف
أظهر انتشار فيروس "كورونا" في العالم هشاشة الأنظمة الصحية في معظم البلدان، كما واختلفت طريقة التعاطي مع الوباء بين دولة وأخرى، وحول تعامل السلطات البريطانية مع انتشار الفيروس أوضح "أبو سياف" أن القطاع الصحي في بريطانيا يعاني من نقص في الكوادر الطبية، وأن الحكومة في لندن لم تستفد من العاملين في المجال الصحي والقادمين إليها من دول اللجوء، التي فرضت عليهم شروطا صعبة لممارسة مهنتهم في المستشفيات والمراكز الطبية ببريطانيا، لكن إلى جانب ذلك أكد "أبو سياف" أن المعاملة بين اللاجئ المصاب بالفيروس لا تختلف عن المواطن البريطاني المصاب فالكل سواسية على حد تعبيره.
*المرض قاتل وشعوري سيئ
فيما يخص الشعور الذي كان ينتاب "أبو سياف" على إثر إصابته بالفيروس القادم من الصين أفصح ضيف "زمان الوصل" عن شعوره قائلاً "كنت أعيش شعورا سيئا، خصوصا عندما تعلم بأن هذا المرض قاتل، واعتقد بأن الثقافة تلعب دورا في هذا المجال وتساهم في رفع معنويات الشخص المصاب، فقراءة المواضيع العلمية المؤكدة والصادرة عن جهات مختصة بالفيروس تساعد على تجاوز مرحلة الإصابة بسهولة، لاسيما إذا كان المريض لا يعاني أي أمراض مزمنة مسبقا، كما وأننا كنا ولازلنا مؤمنين بقضاء الله وقدره، وهذا الإيمان زاد من معنوياتنا الأمر الذي انعكس على مناعة جسمنا بالإيجاب، وكنا نقول لأنفسنا بأنها أزمة وستمر، وفعلا تجاوزنا مرحلة الخطر رغم أننا لازلنا نعاني من أعراض كارتفاع درجة الحرارة والسعال الخفيف وألم في الأرجل بعد خروجنا من المستشفى منذ عدة أيام".
*الإصابة بالفيروس ليست جريمة
انتشرت في بريطانيا وربما في دول أخرى في العالم مؤخرا ظاهرة غريبة وهم الأشخاص الذين يعتبرون الإصابة بالفيروس على أنها جريمة أو ذنب، مما دعاهم إلى إخفاء إصابتهم عن السلطات المسؤولة عن مواجهة انتشار الوباء الأمر الذي دفع "أبو سياف" للتأكيد على أن هذا المرض كغيره من الأمراض قائلاً "هناك من يعتبر الإصابة بالفيروس شيء معيب، ويحاول أن يتكتم عن إصابته، وهذا الأمر هو الأخطر على المجتمع، لذلك على الأشخاص المصابين أو الذين يعانون من أعراض الإصابة أن يتوجهوا للمستشفيات من أجل العزل الصحي وإنقاذ أنفسهم ومن ثم إنقاذ الآخرين وخصوصا كبار السن منهم، فالإصابة بعدوى كورونا هي مرض كغيره من الأمراض".
وفي نهاية حديثه توجه "أبو سياف" بالشكر لكل الاشخاص الذين وقفوا إلى جانبهم في محنتهم الصحية ببلد اللجوء والذين كانوا أحد الأسباب الرئيسية في تعافيه هو وزوجته متمنيا على الله أن ينتهي هذا الوباء بأسرع وقت ممكن.
زوجته لم تستطع الحديث.. لاجئ سوري في بريطانيا يروي معاناة إصابة عائلته بـ"كورونا"
وليد السليمان - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية