أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

رامز مجنون رسمي: ما تاخدونا ع القسم بقي!*

من مقلبه في ياسمين صبري

يعادل الأخذ إلى القِسْم في مصر الأخذ إلى الفرع في سوريا، وفي سوريا يفرِّق المواطن بين الأخذ إلى الفرع والجرَّ إلى المخفر.

برنامج رامز مقتبس من برنامج أمريكي هو "الكاميرا الخفية" المتربّصة في مكان التصوير، والكاميرا الخفية هي الامتحان والإخضاع للابتلاء، وقد مات الله في عقيدة الحداثة، حسب تصريح مبكِّر لنيتشه.

الأمريكي في المدن الكبيرة، الموحشة، فرد يعيش وحيداً مع كلبه أو مطلَّقاً من زوجته ومن غير أولاد، ولا بد له من تسلية، لم نبلغ نحن وحشتها، وقد بلغت علمانية الأمريكي الشاملة إنكار الآخرة، ولم نبلغها بعد، فنحن مسلمون ومسيحيون ما زلنا نؤمن باليوم الآخر، ولا نحتاج إلى برنامج رامز ليرينا عذاب الآخرة في الدنيا، وما زلنا نؤمن بكاميرا الله الخفية، وعينه التي لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
ولا نزال نؤمن بالملائكة، ولا نحتاج سوبرمان وسبايدرمان بديلاً عنهم، حيث حلّت مخلوقات الخيال العلمي محل القدر والملائكة، والأشباح والزومبي محل الشياطين والزبانية، فكوّنت السينما الأمريكية ورديفتها التلفزيون ديناً جديدا للمواطن الأمريكي.

لكن ما يزال ثمة شبه بين برامجنا المقتبسة وبين واقعنا الأسود، فما يجري في الفروع الأمنية من تحقيق في مصر وسوريا لا يعادل شيئاً مذكوراً إذا ما قورن بمقالب رامز جلال ومخالبه.

يقول ممدوح عدوان في كتابه "حيونة الإنسان" والكتاب نسخة سورية من "طبائع الاستبداد مصارع الاستعباد" عن حبّ الشعب للدكتاتور: "إنَّ هذا الحبّ الذي يجبر المواطن على إظهاره شبيه بعلاقة الطفل مع الأم التي تدلّيه من الطابق العاشر فتثير ذعره، لكي يكتشف بعد ذلك أنها تحبه، لأنها لم تلق به من النافذة، إنها علاقة الحبّ النابعة من الذعر، وهو الحبّ ذاته الذي يعلن بطل رواية 1984 لأورويل في سريرته، حبّه للطاغية الذي كان مصدر عذاباته كلها"، وهذا حالنا مع الزعيم نتمسّك به ونقول: لا تتركنا يا ريّس، لا يوجد غيرك، ليس لنا إلا أنت، النساء لم تنجب غيرك عقلاً وذكاءً وشجاعة وبسالة، أنت صمام الأمان، ليس لنا إلا أنت.

يخرج علينا باحث ومفكر أو مشهور من وراء الأكمة، فيقول للمشاهد العربي الذي لا يجد شيئاً يقلّبه سوى قنوات التلفزيون، وقد عزّتْ أكلة المقلوبة في بلدين هما مصر وسوريا لارتفاع ثمنها، بينما تقلّب الدولة المنتجة لبرنامج رامز، الحكومات في أربع دول، فالخطر ليس من إيران، وإنما من الإمارات فيقول لنا:

عندك خيارات اقلب القناة.

فنقول معه حق، ابن اللذين... انظروا إلى حجّته ما أقواها لقد أفحمنا فهماً وفحَّمنا حياةً.

وقد سمعنا الرئيس المصر ي ابن اللذين "برضه"، وهو يتحدث عن الغلاء مثل الواعظين الصالحين، وكان قد وعد الشعب أنه لن يرفع الأسعار ثم رفعها: أي حاجة لم يعجبك سعرها لا تشترها.

وقال العبارة بحركات كتفيه ويديه وايماءته، فلسانه لا يخدمه جيداً ويحتاج إلى مساعدة صديق والاتصال بالجمهور.

وقد يستطيع المرء أن يستغني عن اللحم في الطعام، فيصير نباتياً مثل الهندوس الذين يحرّمون اللحم، فيعيش بالخبز والخضار، لكنه في أيام هؤلاء الرؤساء الأفذاذ الذين يهجم مثقفوهم على البخاري ومسلم وعمر بن عبد العزيز، لا يستطيع أن يستغني عن الطماطم والخيار والخبز، الذي صارت حصة المواطن المصري ثلاثة أرغفة في اليوم، وفي سوريا تباع الأرغفة على البطاقة الذكية، التي تسرق بذكاء من جيب المواطن السوري ومن دمه ودموعه وابتسامته.

ليت الرئيس يصدق فيقول: في الانتخابات، المرشّح الذي لا يعجبك ما تنتخبوش، هي كده ببساطة، لكن ليس لنا سوى مرشح واحد، فالمرشح الثاني في مصر كومبارس، و"ميعفرش" و"مضروب".

الكذاب الأشر، كذاب وأشر ولص.

خلاصة هذا المقال: رامز مستمر، والرئيس مستمر، والتعذيب مستمر في السجون، والتنكيل مستمر في الشاشات، وكذلك الإضحاك، وكذلك التطبيع متواصل مع العدو الرائع، وكان المسلم التقي يقصد المسجد في رمضان، فيروِّح عن نفسه ساعتين في التراويح ويناجي ربه مع إخوانه، وينزح عن التلفزيون، وقد أغلقت المساجد أيضاً، فأين يروّح بنفسه من رامز ومن السيسي ومن الأسد.

*أحمد عمر - زمان الوصل
(347)    هل أعجبتك المقالة (360)

2020-05-27

اعجبني.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي