حمل الشاب السوري "سعد محمد الخضر"، ملامحه وطباعه السورية إلى فرنسا، في مواجهة جائحة "كورونا"، استحضر نواياه وعزيمته، برد بعض الجميل لمن استقبله وعائلته في منفاهم القسري.
في مدينة "بوردو" جنوب غرب فرنسا وفي بلدة "بيرقيه"، ينهمك الشاب السوري وزوجه، مع شركاء أخر بتحضير الوجبات للكوادر الطبية الفرنسية، المحاصرة في مستشفى البلدة، فـ"كورونا"، تقض مضاجع الجميع، وقد تجاوزت وفيات الجائحة 24 ألف وفاة في فرنسا حتى اليوم، لا وقت للأطباء للتفكير بالطعام، مرضاهم بالآلاف، وحالة الهلع في فرنسا تبلغ ذروتها.
توجه "سعد" بداية للبلدية، طالبا موافقتها على استعداده وزوجه، بتأمين الوجبات، تبلورت الفكرة، سرعان ما اتسعت المبادرة، كانت جمعية التحدي بسمتي، بذات السياق، تلاقى السوريون في جبهة عمل في منفاهم الفرنسي. زوجة "سعد" السورية، تجيد أصناف المطعم السوري، فهي حاصلة على شهادات "شيف" في سوريا، وراقت لها الفكرة، فتباهت بالصنعة والصنف، والمذاق، وراحت سلالها تصل للفريق الطبي.
الصحافة الفرنسية في المنطقة عنونت" مانشتاتها": سوريون يهدون كوادرنا الطبية الوجبات، وأكثر من تصفيق".
يقول "سعد": بالطبع لدينا مخاوف فنحن بشر، لكن هي بحدودها الدنيا، "يلي كاتبه ربك بده يصير" نتخذ احتياطاتنا، ويقتصر دورنا على تجهيز الوجبات، يقولون لنا "إنها لذيذة جدا"هذا يسعدنا كثيرا، ونصحت كثير من العوائل السورية بالعمل مثلنا، أو أي مبادرة أخرى تعرف عن وجهنا السوري، ونرد بعض الجميل، الكل الآن بمحنة الكورونا ".
"باسم مطاوع" رئيس جمعية "التحدي بسمتي"، بذات المدينة روى لـ"زمان الوصل" كيف نجح المشروع:"جمعيتنا بالأساس تعمل على خدمة السوريين في المدينة، والقرى المجاورة، في أزمة الكورونا، تحركنا على هذا المسار، تواصلنا مع الجهات المعنية، سائلين عن جبهات عمل تطوعية تخفف من حجم الواقع الصعب، تلاقت الجهود، بتقديم وجبات طعام للكوادر الطبية، وبعض الأسر السورية، رحبت وأبدت استعدادها، إضافة لأعمال أخرى يقوم بها شباب سوريون، بما نتوافق معه مع الجهات المعنية هنا، تتمثل في تعويض غياب بعض العمالة، كمتطوعين لإيصال المواد الغذائية للمسنين، ومساعدتهم، بما يحفظ سلامتهم وسلامتنا جميعا".
وردا على سؤال المخاوف التي تكتنف عملهم، قال المطاوع:"ربما علاقتنا مع الوسط الطبي منحتنا ثقة جيدة، فنحن نتابع يوميا ما يجري حولنا، ونشعر أننا وهم في جبهة واحدة، جميعنا نهدف لنحاصر الوباء، هم يشكروننا على فعلنا، ويوصونا بالحرص على أنفسنا، هذا يحفف الخوف، ونتخذ إجراءات طبية كلبس الكمامات والكفوف".
وهل يشيدون بالطبق السوري، سألته :"ليس مجال المبالغة والتهويل، لكن نمط طعام المشافي مكرر غالبا، وحين تصلهم الكبة السورية، يرسلون التحية، والتشجيع، باتوا يكررون طلبهم دوما، لو لم يعجبهم لتوقفوا".
تقول الأوساط الفرنسية، إن الأجواء تتجه في البلاد، لتمديد الحجر الصحي، لغاية منتصف شهر مايو/أيار على الأقل، وإبقاء حدود "شنغن" مقفلة لغاية أيلول/سبتمبر القادم، لمنع مصابين محتملين من الدخول إلى الأراضي الفرنسية، إضافة إلى تشديد القيود على حركة تنقل الفرنسيين داخل فرنسا وخارجها.
وحركت أجواء "كورونا" في فرنسا، مبادرات من السوريين، باتجاه الفئة الأكثر هشاشة في المجتمع الفرنسي، ممثلة بكبار السن، حيث فرض "كورونا" عزلة، إضافة لعزلتهم السابقة، فطرح بعض الشباب عبر مجموعات التواصل الاجتماعي، البدء بإيصال ما يحتاجه الكبار إلى حيث سكنهم، فيما انصبت النصائح بتوجيه مزيد من المحاذير واتخاذ كافة السبل الممكنة لتجنب انتقال العدوى.
"حسين حمادي" يروي تجربته بالقول:"بدأت أتواصل مع الأصدقاء لمشاركة إعلان المبادرة، وهم بدورهم شاركوا الإعلان مع أصدقائهم أيضاً حتى وصلنا إلى 30 شخص تقريباً".
مضيفا:"تم النشر في مجموعات فيسبوك وغرف الواتس اب، تلقينا بطاقات الشكر قبل البدء، كل شخص قريب عليه مسن، يتوجه بالتواصل معه حتى ولو هاتفيا نعرض ما يمكننا القيام به".
"نراعي كافة المحاذير حرصا على حياة الجميع، النشر أتاح لطالبي المساعدة بكتابة قائمة بالاحتياجات المطلوبة، أوصلنا لهم المواد الغذائية والأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية، كانوا سعداء، إداهن قالت لي في الزيارة الثانية، أنت ابني" يقول "الحمادي".
موائد سورية تحيي الكوادر الطبية في فرنسا

محمد العويد - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية