أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

من مذكرات مواطن عربي .... عاصم جمول

بعد تلك الليلة التي حاربني فيها جسد تلك الأنثى التي قابلتها صدفة في فراشي,أفقت في الصباح فرأيت أشياء عجيبة,وجدت مجتمعا سليما ومعافى من كل أمراض المجتمعات الشرقية المزمنة منها وغير المزمنة
الشوارع نظيفة, والناس تقصد أماكن عملها بنشاط ملحوظ , وشرطي المرور يخالف سيارة فارهة  كتب على لوحتها (الشرطة) لأنها تجاوزت الإشارة الضوئية , فركت عيني جيدا ...نعم إن الكتابة واضحة... مكتوب على اللوحة (الشرطة), وشرطي آخر ينهر سائق التاكسي لأنه يمد له يده وهو يضع فيها قطعة من فئة ال25, يا إلهي ماذا يحدث؟؟؟
تذكرت أنه يتوجب علي زيارة مفرزة قريبة لأمن الدولة اعتدت على زيارتها بين وقت وآخر "بطلب شخصي منهم" فأنا شخص غير متطفل  ومنذ أول زيارة لها تكرموا على جسدي الشاحب بلون جديد يميل إلى الزرقة تحت العينين وبين الأظافر "من مبدأ أنني يجب أن أرى الحياة بألوانها ربما" , لا يهم ,وصلت إلى المفرزة وهنا كانت المفاجئة الكبرى !!!
استقبلني الحارس بابتسامة عريضة " كقبضة يده في السابق" وقال لي :

- أهلا أستاذ ,(المعلم) ينتظرك في الداخل, الحالة الطبيعية أنني بدأت بالتلفُّت حولي لعلّي أرى ذلك الشخص الذي يتحدث معه ولكنني لم أر أحدا. نظرت إليه, إنها نفس الابتسامة ...
- تقصد أنا ؟     سألته بتعجب!!
- نعم أستاذ ........ وأشار لي بالدخول
دخلت إلى غرفة التحقيق ,الوجوم يملأ وجهي والأسئلة تملأ فمي وترقب الصفعات واللكمات من كل الاتجاهات يملأ بقية حواسي, وجدت فنجان القهوة ينتظرني , طلبت من الضابط "الأنيق المتبسم" بكل أدب أن يقرصني فقال لي وتلك الابتسامة  الدمثة تملأ وجهه :

- أهلا أستاذ  ,إن تلك الأيام قد ولت ,ونحن نعيش معطيات جديدة تتطلب منا بل تفرض علينا احترام المواطن بصفته أساس النهوض بالمجتمع واللبنة الأولى في بناء الوطن.
لا أخفيكم في البداية قلقت جدا على مستقبلي ومستقبل كثيرين أمثالي  حيث أنه من الممكن أن نفقد مبررات الكتابة إذا استمر الوضع على هذا النحو..ولكن بعد ذلك فرحت جداً,ورحت أتحدث إلى الضابط وأشرح له عن أهمية الديمقراطية وضرورة احترام حقوق الإنسان, وأن عصرنا هذا ليس عصر (الفتوات) فالرجل لا يقاس بعضلاته وإنما بعقله وقلمه ومقدار احترامه للآخرين وقدرته على امتلاك ذاته والتعايش مع المعطيات الجديدة ,وفي معرض حديثي عن الرجولة شعرت بيد تهزني بعنف وصوت تلك الأنثى التي قابلتها صدفة في فراشي يقول لي:

- استيقظ أيها الرجل الديمقراطي, ليت رجولتك تظهر في الفراش كما تتحدث عنها وأنت نائم........

(128)    هل أعجبتك المقالة (137)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي