عشية كل يوم، يثار السؤال الملحّ حول رمضان وكورونا، لخصوصية "طقوس" شهر الصيام، ولواجب العبادات، وما الخيارات، أمام حضور متزايد لـ"كورونا"، وارتفاع أرقامه في دولة، وانخفاضه في أخرى، أيام قليلة تضع الجميع، بحضور السؤال، فهل نقبل على الصوم، أم ثمة محاذير طبية يجب أخذها بالحسبان، وثمة قواعد، حتى بحضور الصيام يجب اتباعها، تفاديا لمواجهة جديدة مع جائحة "كورونا"؟
"كورونا" يحاصر عادات رمضان لا تجمعات كسابق عهدها، دينية أم اجتماعية، باتت إحدى القواعد الواجبة بحكم القوانين الصادرة من كافة الدول، فالعديد من الدول الإسلامية، سارعت بالدعوة إلى "تغيير السلوك فيما يتعلق باللقاءات والتجمعات وعادات التسوق خلال شهر الصيام.
حضرت وسائل التواصل الاجتماعي "بسلبياتها" بديلا عن التواصل المجتمعي المعتاد، ولعل اعتياد الناس، ولو لبعض الوقت، يساعدهم خلال شهر رمضان على التقبل، القضية تحمل مخاوف مجتمعية، وكل الدول تحاول حصار الجائحة، بكافة الوسائل، سيكون رمضان حزينا، وليس كسابقه، لكن أيا يكن، هو أخف وطأة من وداع الأهل والأصحاب، والمساهمة بحسن نية، بنقل العدوى لهم" يشير "سالم محمود" المقيم في فرنسا من الجالية التونسية.
في فرنسا، أغلق مسجد باريس أبوابه منذ 13 /آذار مارس الماضي، حسب بيان له على موقع الإنترنت، تفاديا لانتشار فيروس "كورونا"، بين أوساط المصلين والزوار، والتقت الكنائس والمساجد، شرقا وغربا، بقرار الإغلاق في غالبية الدول، تحسبا من "كورونا"، لكن حتى اللحظة لم يتضح الموقف النهائي من قرار الصوم، والصلاة الجماعية حتى في البيوت، أو التجمعات السكنية. "فلورنس غزلان" تساءلت على صفحتها الشخصية:"بعد أيام سيأتي رمضان، مجرد سؤال: ألا يؤثر الصيام الطويل، خاصة في أوروبا على الصائمين، فيضعف مناعتهم ويجعلهم عرضة لفيروس كورونا خاصة انعدام الشرب؟ أما من فتوى عاقلة بهذا الشأن؟ أم سيتركون أعداداً هائلة من الناس، تموت بكورونا ــ مع أنها بالأساس تتضور جوعاًــ، وبهذا تصبح بلاد العرب والإسلام بؤرة أساسية في تكاثر الفيروس".؟
فيما وجد الصحفي "إيلاف قداح" ما يؤسس عليه عبر صورة منقولة من إحدى الدول الإسلامية تظهر صلاة جماعية يتباعد بها المصلين بين بعضهم وعلق بالقول :"أراها فكرة جيدة مع اقتراب شهر رمضان".
مواقف لا تحسم في الجزائر، أثارت إمكانية الترخيص، بالإفطار أثناء شهر رمضان، بسبب فيروس "كورونا" جدلا واسعا، خاصة لدى كبار السن والمرضى.
وقالت جريدة "الشروق" عن طبيب عام (عمر بن يحيى) قوله:"إن كثيرا من المرضى يسألونه عن إمكانية إفطار رمضان، وهم من أصحاب الأمراض المزمنة، "ومنهم من كان يصوم دون مشاكل" تذكر.
ويبرر المرضى حسبما نقلت الصحيفة عن هذا الطبيب تخوفاتهم بالمعلومات المتداولة حول تسهيل الحلق الجاف دخول فيروس كورونا إلى الرئتين".
لكن المنسق الوطني للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، "جلول حجيمي"، رد بالقول: "الحديث عن إفطار رمضان، بسبب وباء كورونا سابق لأوانه"، داعيا الجزائريين إلى "عقد النية للصوم، تطبيقا لفريضة دينية، وتضرعا لرفع الوباء عنا وعن شعوب العالم".
الكاتبة "نعيمة عبد الوهاب المطاوعة" في جريدة "الشرق" القطرية: "هذا العام سيأتي رمضان ونحن قابعون في المنزل بسبب الإجراءات الاحترازية لمكافحة فيروس كورونا الذي انتشر في العالم، ستكون بيوتنا مساجد لنا، ولابد أن نهيئ أنفسنا لهذا، ويكون رجل البيت إمامًا لأهله وخطيبًا. نعم، شهر رمضان فرصة سانحة ونحن في البيت، أن نكثر من الصلاة، وأن نؤديها بكل هدوء ولا استعجال ولا تشتيت انتباه من صراخ للأطفال في المساجد ولا ازدحام… إضافةً إلى توفير الوقت للإكثار من قراءة القرآن وترتيله ونحفظ أطفالنا بعضًا من السور".
فيما حثّت "هيئة كبار العلماء" في السعودية على أداء صلاة التراويح خلال شهر رمضان في المنازل، وليستحضر المسلم وهو يفطر في بيته، ويتسحر، أنه بذلك يحافظ على أرواح الناس وفي ذلك قربة عظيمة عند الله".
لم يحسم جدل الصيام من عدم، وهو ما سيبقي الأبواب مشرعة للأسئلة، مع اقتراب أيام شهر الصيام، وان كان البعض حسم مواقفه عبر وسائل التواصل الاجتماعية، فإن الغالبية ما زالت بانتظار المواقف المرجعية سواء الدينية منها أم الطبية، ومع اقتراب الحسم بتحديد أول أيام رمضان، والذي من المتوقع أن تبدأ أول أيامه الجمعة المقبل، نشرت منظمة الصحة العالمية، توصيات لدول العالم الإسلامي، لكبح تفشي فيروس "كورونا" خلال الشهر الفضيل، وإعادة النظر في أي احتفالات دينية جماعية.
وأكدت المنظمة، أنه لم تجر أي دراسات بشأن الصيام، ومخاطر الإصابة بعدوى "كوفید-19" ومن المفترض، أن یكون الأشخاص الأصحاء، قادرين على الصيام خلال شهر رمضان، كما في السنوات السابقة، في حین يجدر بالمرضى المصابين، التفكير في الحصول على رخصة شرعية، لإفطار شهر رمضان، بالتشاور مع أطبائهم، كما هو الحال مع أي مرض آخر".
محمد العويد - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية