أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بين كرتونة الأسد وكرتونة الصين.. عبد الرزاق دياب*

من مستشفى الأسد الجامعي - جيتي

كما العادة طبلّت وسائل إعلام النظام للشحنة الصينية المنتظرة التي ستجعل كورونا في خبر كان، وهي التي استبقت وصولها بالثناء على التجربة الصينية التي هزمت التقدم العلمي الغربي الكاذب، وانتصرت على وبائها في عقر دارها.

تعاملت وسائل إعلام النظام مع كورونا كأنه خطر امبريالي يهدد دول المقاومة من دمشق إلى بكين، وكاد بعضها أن يشعرك أن (وهان) إحدى المدن السورية التي تحارب إرهاب العالم المتحضر، وسيكون انتصارها مؤكداً بعزيمة الجيش الباسل السوري وصديقه الباسل الصيني.

قبل وصول الشحنة بأيام أطنب المؤيدون في ذكر محاسن الأصدقاء الذين لم يتركوا سوريا وحيدة، واستذكروا وقوفهم في مجلس الأمن والفيتو الروسي الصيني الجبار، وإن كانت الصين فضلت الموقف السياسي المساند لقضية سوريا، وتركت لروسيا الموقف العسكري على الأرض، ولكنها في نفس الوقت تستعد لمساندة اقتصادية مع بداية إعادة الإعمار للبلد الذي دمرته طائرات روسيا الصديقة من أجل عيون الأسد.

من المؤكد أن أحلام المؤيدين كانت تنتظر لحظة الهبوط التاريخية التي ستبارك مطار دمشق، وسيدأ آلاف العمال والآليات بنقل الشحنة الجبارة من المساعدات الطبية، وسيشهد ذلك كبرى وسائل الإعلام العالمية، ولأن الحدث أكبر من مساعدة عابرة سيكون في استقبال الشحنة مسؤول كبير للتأكيد على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين العريقين والحزبين الصديقين.

حتى هذه اللحظة يتقيأ المؤيدون تعليقات صدمتهم، والتهكم على صور نائب وزير الخارجية السورية وهو ويستقبل (كرتونتي) المساعدة الطبية، وآخرون يستذكرون لحظات الخيبة من الحلفاء سواء الروس الذين تركوهم بلا طحين، والصينين الذين يمنون عليهم اليوم بهذا المشهد المخزي.

ولكن المتتبع الذكي لما حصل ليل البارحة في مطار دمشق لا بد أن ينتبه إلى الرسالة الصينية التي لامست قلوب المؤيدين، وبالتحديد غلاة المؤيدين ممن حملوا السلاح، وهتفوا بحرق البلاد، أليست كرتونة الصين تشبه كرتونة الأسد، وإن اختلف المحتوى، وهذه بالضبط مكافأة الوالي لوليه المخلص؟.

ألم يمنّ السيد الرئيس على قتلى جيشه وميليشياته ببعض الموز والساعات الصينية والماعز الخائر، وكانت هداياه للمعطوبين كراتين لا تساوي ثمن صناعتها، ومع ذلك لم تتوقف هتافات القتلى وأهاليهم عن الدعوات لموت الآخرين، والاستمرار في مناصرة القتل حتى آخر السوريين الرافضين.

في وحشة الحصار تخرج بعض الأصوات التي لا يعوّل عليها، ولا تصنع ثورة جياع وسط الدهماء، وهناك من يهمس أن لا عودة عن الولاء وإن حصد الجوع من بقي، وأما التعويل على الحلفاء فهو كما التعويل على عودة القاتل عن دم ضحيته بالتوبة أو الاعتراف، وهو المستحيل الرابع في زمن الأسد.

من نفس الكأس يشرب هؤلاء مرتين، مرة من الولي وأخرى من الحليف، والخازوق الصيني هذه المرة للرأس الكبير الذي دفع بصغيره المقداد، فنال مكأفأته التي طالما بذخ في توزيعها على مناصريه، وبين كرتونتي الأسد والصين تفيض الأحلام الخائبة لجحافل الغوغاء.

*من كتاب "زمان الوصل"
(208)    هل أعجبتك المقالة (226)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي