منذ عدة سنوات وأنا أسأل عن لؤي المقداد، الذي يفترض أنه ينتمي لنفس عائلتي "المقداد"، ولنفس المنطقة الجغرافية التي هي بصرى الشام، لكنني لا أعرف عنه وعن عائلته أي شيء، حتى أذكر أنني في عام 2015، راسلته على الخاص على صفحته في "فيسبوك "، وعرفته على نفسي وعلى عائلتي، ثم طلبت منه أن يخبرني عن والده أو أحد أقاربه في بصرى، فلا بد أن أكون قد أعرف أحدهم، إلا أنه لم يرد إطلاقا، رغم أنه في البداية رحب بي، ثم تفاجأت بعد فترة بأنه حظرني.
والأغرب من كل ذلك، أن أحدا من أهالي بصرى الذين سألتهم، ومن عائلة المقداد تحديدا، لم يتعرف عليه وعلى والده وأجداده، وهي مسألة خطيرة في العرف العشائري، إذ كيف يدعي شخص نسبه إلى مدينة وعائلة معينة، بينما لا أحد يعرف من يكون، ومن هو والده ..؟! أحد أبناء بصرى الشام قال لي، إن لؤي المقداد قد يكون بالأصل من بصرى، لكنه لم يسكن فيها ولم يزرها طوال حياته، بما في ذلك والده، لهذا السبب لا أحد يعرفه.. وهو أمر غير منطقي ألا يتعرف أهالي المدينة والعائلة على أحد أبنائها، وكذلك من غير المعقول ألا يكون له أقارب وأعمام لا زالوا يعيشون في بصرى، والناس تعرفهم..!
ومن جهة ثانية، هناك من رأى من أهالي بصرى، أن لؤي قد يكون من عائلة "المقداد" اللبنانية الشيعية، وحاصل على الجنسية السورية، أو عائلة "المقداد" التي تقطن السلمية، وأفرادها يعتنقون المذهب الإسماعيلي، وقد أراد أن ينسب نفسه لبصرى الشام، من أجل أن يظن الناس أنه سني، وبالتالي فإن ذلك سوف يسهل له عملية التغلغل في المعارضة، والوصول إلى أعلى مناصبها..ولعل ما يدعم هذه الفرضية، أن والدة لؤي، لبنانية شيعية من عائلة بيضون، وهو أمضى شطرا كبيرا من حياته في لبنان، حتى يقال إنه تربى في أحضان "حزب الله"، ومن خلاله تعرف على بعض القيادات في المخابرات السورية، التي كان يعمل معها قبل الثورة في "الواسطات" مقابل مبالغ مالية كبيرة. ويدعم هذه الفرضية أيضا، هو إصرار عقاب صقر، اللبناني الشيعي، على فرض لؤي المقداد، لكي يتولى منصبا رفيعا وخطيرا في المعارضة، وهو المنسق والناطق الإعلامي باسم الجيش الحر، والمسؤول عن توزيع الدعم المادي على الفصائل العسكرية، وعلى المعارضين في الائتلاف الوطني.
على أية حال، أود أن أنوه وأؤكد، أن سؤالي عن لؤي المقداد ليس وليد هذه اللحظة، ولا علاقة له بما يكتبه الدكتور فيصل القاسم عنه، وإنما يعرف الكثيرون أنني كنت أسأل عنه منذ سنوات، وكان ذلك بمحض الصدفة، عندما تواصل معي أحد الأصدقاء قبل نحو ثلاثة سنوات، طالبا مني أي معلومة عنه، ظنا منه أن هناك صلة قرابة تربطني به، وكانت القصة حينها تتعلق بعملية نصب بمبلغ 5 آلاف يورو، أخذها لؤي من سيدة مقابل أن يؤمن لم شمل لزوجها إلى أوروبا، ثم اختفى فجأة ولم يعد يرد على اتصالاتها..وتكررت نفس الحادثة معي قبل عدة أشهر، حيث تواصل معي صديق آخر في قصة مشابهة، لكن مبلغ النصب يفوق الـ 20 ألف يورو .. فأخبرت كلا الصديقين أنني لا أعرف عن لؤي شيئا، حتى أنني أشك في أن يكون من بصرى الشام..
أما القصة الأكثر غرابة فيما يتعلق بـ"لؤي"، فهي تلك التي رواها لي أحد المعتقلين في سجن عدرا في العام 2012، حيث أخبرني أنه جرت محاكمته مع لؤي المقداد في نفس الجلسة، وفوجئ حينها بأن القاضي يحاكمه على جرم نصب بمبلغ 20 مليون ليرة سورية، دون أن يتطرق إلى أي جرم سياسي .. والأدهى من ذلك حسب قول ، أن لؤي اعترف بعملية النصب أمام القاضي. ويلقي هذا المعتقل السابق، باللائمة على أنور البني وكمال اللبواني وهيثم المالح، الذين كانوا معه في نفس الزنزانة، وقد وصلهم خبر أنه يحاكم بجرم نصب، وليس مظاهرات، ثم لم يحاولوا فضحه وتكتموا على الأمر..
وأخيرا، أريد أن أعترف أنني رأيت لؤي المقداد في عام 2013، في أحد المقاهي السورية في باريس، لكنني لم اقترب منه أو أسلم عليه على الإطلاق، وإنما كان يجلس على طاولة مع مجموعة من الأشخاص، وكانوا مندمجين في الحديث، لكن في ذلك اليوم فوجئت، عندما أراد أن يدفع الحساب، إذ أخرج من جيبه رزمة كبيرة، من فئة الـ 500 يورو وأخذ يقلبها بين يديه بحثا عن قطعة أصغر ، .. وهو ما أثار انتباهي وانتباه جميع السوريين الذين كانوا في المقهى. ومنذ ذلك الوقت، تسرب لي إحساس بأن الثورة لم تكن في أيدي أمينة، وأن أغلب هؤلاء الذين يتصدرون مشهدها، ليسوا أكثر من لصوص ونصابين.
في أصل لؤي المقداد وفصله ونصبه*

*فؤاد عبد العزيز - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية