بارتداء بدلات واقية وأقنعة وقفازات واتخاذ أشد تدابير الحيطة تم دفن الطفل الليبي "اسماعيل عبد الوهاب" 13 عاماً الذي ينحدر من ولاية "بريكستون" جنوبي لندن منذ أيام.
ويُعد أصغر مصاب بمرض "كورونا" في البلاد التي فقدت عشرات الآلاف من أبنائها حتى الآن، بينما بقيت والدته وأشقاؤه الستة قابعين في منزلهم يتابعون مجريات الدفن عبر هواتفهم النقالة من خلال بث مباشر كان يصوره أحد الأقرباء، لأن أغلبهم كانوا تحت الحجر، هذا مثال عن بعض الإجراءات المشدّدة التي فرضها الواقع الجديد في معظم الدول الأوروبية بخصوص دفن ضحايا فيروس "كورونا" من اللاجئين والمهاجرين.
وفي إيطاليا، وفي ظل عدم السماح للاجئين بنقل جثامين موتاهم إلى بلدانهم كما كان معتاداً حسب طلبات الميت أو ذويه وبسبب عدم توفر مقابر إسلامية في كافة المدن الإيطالية طالبت الجالية الإسلامية السلطات الرسمية في البلاد بمعالجة هذا الموضوع.
وأشار عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والجمعية الإيطالية للأئمة والمرشدين "ياسين اليافعي" في حديث لـ"زمان الوصل" إلى أن هناك عشرات الجثث ما زالت في المستشفيات بسبب توقف حركة النقل الجوي والبحري، وليست كلها من ضحايا "كورونا"، ولكنْ الأهالي يجدون صعوبة في العثور على حل لمواراة جثامين ذويهم.
ولفت "اليافعي" إلى أن الجالية المسلمة في إيطاليا فقدت منذ بدء انتشار "كورونا" العديد من أبنائها ويصل العدد إلى الآن -حسب إحصائيات غير رسمية- إلى 60 شخصاً، وهناك -كما يقول- صعوبات واجهها المسلمون في البداية أثناء ظهور "كورونا"، منها ما يتعلق بتغسيل وتكفين الموتى والصلاة عليهم ودفنهم في ظل ما بات يُعرف بالتباعد الاجتماعي.
ونوّه محدثنا إلى أن هناك مؤسسات فقهية في أوروبا انسجمت مع الحالة الراهنة، ومع قرارات السلطات وكلام الأطباء الخبراء في توقيت انتقال العدوى فدعت إلى عدم تغسيل الموتى وتم الاكتفاء في بداية الأزمة بالتيمم ويتم ذلك بلبس القفازات ثم تكفين الجثة ودفنها والصلاة عليها من بعيد.
وأوضح "اليافعي"، الذي أشرف على غسل وتكفين عدد من المتوفين من ضحايا "كورونا" في أوساط الجالية المسلمة أن هناك مشكلة واجهت القائمين على دفن الميت، وهي إشارة الأطباء والجهات الرسمية لاحتمالية انتقال العدوى حتى من التيمم والاقتراب كثيراً من جثة الميت، فتم ترك التيمم والبعض كان ييمم من فوق الكفن، مشيراً إلى أن الجثث قبل أزمة "كورونا" كانت تأتي عارية أو بملابسها، فيقوم المغسلون بتجهيزها بينما تغير الوضع الآن تماماً وباتت جثث المتوفين تأتي في أكياس مخصصة لموتى "كورونا" لا يُسمح بفكها أو برؤية الجثة داخلها، وبالتالي لا يمكن غسلها أو التيمم عليها وتكفن من فوق تلك الأكياس التي يأتي بها المشفى.
واستعاد "اليافعي" الذي يعمل وسيطاً ثقافياً وإماماً للجالية الإسلامية في مدينة "بياتشنزا" –شمال إيطاليا- كيفية تجهيز الميت قبل وباء "كورونا"، حيث كانت المستشفيات توفر للمغسلين -كما يقول- غرفاً في المستشفيات فيقومون بغسله الغسل الشرعي، ثم يكفنونه بالكفن الشرعي أيضاً، ومن الناس من يُدفن في مقابر المسلمين في مختلف أنحاء إيطاليا وهناك كثرة تعاد جثثهم إلى بلدانهم حيث يتم جمع تبرعات لهذا الغرض، ومنهم من يؤمن على نفسه لهذا الغرض، فإذا ما مات فالتأمين كفيل بنقله إلى بلده، أما الآن وفي ظل صعوبة الطيران وانعدامه، وكذلك النقل البحري فإن نقل الجثث صار أمراً شبه مستحيل.
وفي ظل هذه الظروف -كما يقول– ضغط اتحاد المنظمات الإسلامية على الدولة من أجل توفير مقابر للمسلمين بكل مدينة وتمت الاستجابة لهذا الطلب في أغلب المدن بإيطاليا، لافتاً إلى أن هذه المقابر قد تكون قطعة أرض مستقلة أو قد تكون جزءاً من مقبرة مسيحية بشكل عام، نظراً لاتساع هذه المقابر، يكون خاصاً بموتى المسلمين وهو ما يحصل الآن.
وكشف "اليافعي" أنه دفن بنفسه في مدينة "بوتشينز" التي يقيم فيها ثلاثة لاجئين سوريين وهم الأطباء "عبد الستار عيروض" و"عبد الغني مكي" و"إياد الدقر".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية