أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الكمامات مقابل العلاقات... مزن مرشد*

الفيروس المستجد يجتاح الكوكب، فارضاً شروطه على الجميع

تغيرت شروط العلاقات الدبلوماسية بين الدول، بعد أن بات تأمين الكمامات الطبية والمعقمات الكحولية أولية بالنسبة لها، قد تسبق في أهميتها تأمين الخبز أحياناً.

الفيروس المستجد، يجتاح الكوكب، فارضاً شروطه على الجميع.

فباتت السياسات المتبعة لا تتعلق بالمصالح النفطية، أو الاستراتيجية، أو الصراعات الاقتصادية، والتجارية التقليدية بين عمالقة الاقتصاد العالمي، بقدر ما تتعلق بتضارب المصالح اليومية في تأمين المستلزمات الطبية الضرورية لمواجهة الوباء، ومساعدة الأطباء في حربهم ضده، بما يحقق مصلحة مرضاهم.

ويحدث تضارب المصالح اليوم كلما ازداد عدد الإصابات وارتفعت نسبة الوفيات في بلد معين، ليصبح العدد عائقاً فيما يتعلق برعاية المرضى، متغاضين عن تضارب المصالح الأخرى التي كانت تتوج الصراعات وباتت الآن توصف الثانوية.

في بعض الحالات، قد يكون من الكافي الاعتراف بوجود تضارب فعلي أو محتمل، وفي حالات أخرى، قد يكون من الضروري اتخاذ تدابير محددة لحل النزاع.

بعض تضارب المصالح أمر لا مفر منه، وتضارب المصالح في الطب ليس غير أخلاقي بطبيعته، إنما الطريقة التي يتعاملون بها مدراء الأزمات هو الأمر الذي يتجاوز الأخلاق أحياناً.

وهنا تظهر أمريكا بدايةً، وكعادتها، غير مهتمة سوى بما يخدم مصالحها فقط، خاصة وأنها صاحبة أعلى رقم في الإصابات والوفيات معاً، فقرصنت 200 ألف كمامة من نوع (ffb2) كانت قد اشترتها شرطة برلين من شركة صينية، فدفعت أمريكا ثلاث أضعاف ثمنها مقابل الحصول على الصفقة، وأخذت الشحنة لنفسها، ما وصفته ألمانيا بالقرصنة العصرية.

وفعّلت أمريكا قانون الإنتاج الدفاعي لعام 1950 ، والذي يجبر الشركات تصنيع منتجات للدفاع الوطني، أو منع تصديرها خارج البلاد وبموجبه طلبت السلطات من شركة 3M العملاقة في مجال تصنيع الكمامات الطبية، إيقاف تصدير أقنعة التنفس N95 إلى كندا وأمريكا اللاتينية، هذا المنع الذي قد يشكل تهديداً حقيقياً للمستفيدين السابقين من هذه الماسكات، والذي سيترتب عليه بالتأكيد تداعيات إنسانية جسيمة، قد تدفع دول أخرى لتقوم بالمثل، فتتفاقم بذلك الصعوبات في مواجهة الفيروس على مستوى العالم.

لا أدري لماذا تجنح السياسات لتعميق الصراع، بالرغم من ارتباطه هذه المرة مباشرة بحياة البشر، بدل من التوحد ولو لمرة واحدة، في مواجهة كارثة، لا تميز بين المعسكرات المتحاربة، أو أصحاب المصالح المتضاربة.

ولم تكن ألمانيا وحدها ضحية هذه القرصنة العصرية، كذلك فرنسا اتهمت أمريكا بأنها اشترت شحنة من الصين كانت مخصصة لها، وذلك بعد عرض الأمريكيين سعراً أعلى، واتهمت السويد شركة "مولن ليك" الفرنسية الطبية بمصادرة ملايين الكمامات والقفازات الطبية، والتي استوردتها من الصين لصالح إيطاليا واسبانيا بعد قرار باريس بمنع تصدير المنتجات الطبية وبعد تدخل الخارجية السويدية سمحت فرنسا بخروج الشحنة إلى جهتها الأساسية.

وطالت الحرب الضروس أوكرانيا أيضاَ، عندما اتفقت السلطات على شراء شحنة كمامات من شركة صينية وعند ذهاب المسؤولين الأوكرانيين إلى المصنع وجدوا دبلوماسيين روس، وأمريكيين، وفرنسيين، يحاولون وضع أيديهم على الشحنة، والتي ذهبت فعلاً لمن دفع أكثر..وعلى هذا المنوال فمن يتوقع التراجع الاقتصادي الصيني فهو مخطئ، فما خسرته الصين في صناعاتها ستعوضه مضاعفاً من تجارة الكمامات والقفازات الطبية والمعقمات أيضاً.

فباتت الكمامات سلاحا استراتيجيا في حرب الفايروس قد يتسبب في أزمات دبلوماسية بين الدول.

وستستمر هذه المنافسات، والمضاربات وقد تزداد رحاها، مع تزايد عدد المصابين بالفيروس عالمياً، وازدياد الطلب على الكمامات وأجهزة التنفس الصناعي، ما سيفتح الباب واسعاً أمام حروب جديدة بين دول كبرى، كانت لوقت قريب، قبيل تفشي الوباء، تسعى لتحسين علاقاتها البينية الاقتصادية والتجارية، فهل ستنتهي هذه الأزمة بخلافات جذرية، وقطيعة سياسية نهائية بين هذه الدول؟

*من كتاب زمان الوصل
(232)    هل أعجبتك المقالة (289)

سهى

2020-04-11

معك كمامة بتسوى كمامة واللي معوش مليزموش هههههه.


ابو معاذ

2020-04-11

يا سيدتي الدول المحترمة بتركض لتأمي لوازم الحماية مهما كان الثمن علاقات ولا حتى مقاطعة.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي