أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كوفيد ينذر بتحول يجعل "الشطافة" أساسية في بيت الأوروبي كما هي في بيت اللاجئ السوري

أرشيف

 ربما لا يصدق أحد أن إصرار السوري في أوروبا على تركيب "شطافة" في بيت الخلاء بمنزله، والذي كان مثار استغراب وأحيانا تندر من هذا السلوك.. ربما لايصدق أحد أن هذه الأداة بدأت اليوم تأخذ طريقه إلى رغبات الأوروبيين الاستهلاكية، وقريبا إلى بيوتهم.

فمن يراقب ما فعل كورونا، وخير من يراقب ذلك شركات التجارة والتسويق، يعلم أن هناك توجها بدأ يتصاعد باتجاه اعتماد "الشطافة"، التي مارس البعض "فن الأستذة" وتعليم "الإتكيت" وهو يسخر من السوري لأنه لم يخرج من "قمقمه" وأصر على اتباع طريق التشطيف في بلدان "الحضارة" التي تستخدم ورق التواليت.

ويدرك السوريون المقيمون في انحاء أوروبا اليوم وهم يعدون أكثر من مليوني شخص.. يدركون أكثر من غيرهم أن "كوفيد" أدخل على معظم سكان هذه البلاد الأصليين عادات لم يكونوا يعبؤون بها، فصاروا على سبيل المثال يغسلون أيديهم كل وقت، رغم أن بعضهم لم يكن –قبل ذلك- يتكلف غسل يديه حتى بعد الخروج من المرحاض.

وعلى شيوع ورق التواليت بين الأوروبيين كسائر بلاد الغرب، فإن استهلاكه بينهم كان أيضا بمقدار، لكن كورونا أجبرهم على تحري المزيد من النظافة، ما أحدث موجة مشتريات غير مسبوقة من ورق التواليت، لم تستطع كل مصانع الإنتاج مواكبتها ولم تنجح المخزونات الكبيرة في سدها، فوجدت بلدان عديدة نفسها أمام أزمة –ولو كانت مؤقتة- في هذا المجال.

شراء كميات مضاعفة من ورق التواليت، لم يكن فقط ليؤثر على توفر المنتج في الأسواق، بل إنه أيضا كبد الأوروبي فاتورة زائدة أربكته، وهو الشخص الذي يضع لكل بند في الميزانية حدا لا يجب أن يعدوه، وزاد من عبء هذه الفاتورة أن كورونا الذي ظن الكثيرون رحيله في أسبوع أو شهر، مازال مقيما ومخيما وربما تطول إقامته إلى أمد يمتد أشهرا، وهذا كله يرتب مصروفا لم يعتد الأوربيون على رصد هذه المبالغ له.

وفي هذه اللحظات، جاء دور خبراء السوق ومراقبي الاتجاهات الاستهلاكية، الذين جزموا بما عندهم من أرقام وبيانات، ان الوقت قد حان إطلاق مشروع "الشطافة" التي كانت شبه منبوذة، لتكون الحل الاقتصادي السحري والدائم لشراء ورق التواليت، الذي يكبد المستهلك فاتورة متجددة عليه سدادها كل حين، بينما لن يسدد ثمن "الشطافة" سوى مرة واحدة.

هذه الحجة الاقتصادية (التوقف عن الدفع المستمر لشراء ورق التواليت) كانت الركيزة الأساسية في مخاطبة عقول الأوروبيين في زمن كورونا، إذ ليس هناك من نفع مثلا لمخاطبتهم بحجة النظافة فهذا أمر مختلف في شأنه لديهم، أو "الطهارة" فهذه قصية خارج نطاق ثقافتهم كليا.. وبناء على هذه الحجة الاقتصادية بدأت "الشطافة" تتحول من شيء مستغرب ولا طائل منه، إلى أمر محل نظر، فأداة مرغوبة، بل أداة يجب اقتناؤها لإيقاف نزيف المصروفات، ومحاربة الخوف من نقصان أو فقدان ورق التواليت مرة أخرى.

في أوروبا تحولات عدة بسبب كورونا، بعضها تشكل وبعضها آخذ في التشكل، ولاشك أن مسألة "الشطافة" التي قد يرى البعض في تسميتها تحولا أمرا مثيرا للسخرية، هي بالفعل تحول، أقله تحول في عادات الاستهلاك، سيدفع الشركات المختصة في "التجهيزات الصحية" لإعادة حساباتها، فهناك سوق جديدة مقدارها ملايين الدولارات ستفتح بمجرد أن تغدو "الشطافة" أساسية في بيت الأوروبي، كما هي في بيت جاره اللاجئ السوري.

زمان الوصل
(328)    هل أعجبتك المقالة (335)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي