أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الانفراج.. د. محمد الأحمد*

الكاتب: السلطة تريد إعادة استخدام كل الأدوات القديمة في الحكم ولا شيء آخر

هل يستطيع الحكم في سورية خلق انفراج سياسي؟

هل بالفعل لازالت السلطة هي المتحكم الأول بمصير الشعب والدولة؟

هذه الأسئلة مع أسئلة أخرى تأتي في نفس السياق، ويتم تداولها الآن بين السوريين، فالبعض اقترح على النظام إقامة مجلس رئاسي لحكم البلاد يضم الجميع، وكانت بعض الاستنتاجات والتحليلات بأنه حتى لو أراد ذلك فهو لا يستطيع، بسبب التحكم الروسي في كل شيء.

إن كاتب هذه السطور لا يوافق على الذهاب بالاستنتاج نحو الظن بأن السلطة في سورية غير قادرة –إن أرادت – على خلق انفراج سياسي بينها وبين المعارضة السياسية، وبالتالي فتح الباب على إنجاز عقد اجتماعي جديد في البلاد، بسبب الروس.

لا بل ومن خلال الاستنتاجات السابقة أثناء سير العملية السياسية التفاوضية في مسار (جنيف) بمحطاته كلها، ومن ثم (استانا) و(سوتشي) واللجنة الدستورية، كان واضحاً على الدوام بأن فن المراوغة والتعطيل يأتي من داخل النظام نفسه لا من حليفه الروسي، لابل وحدث أن قام الروسي عدة مرات بالتدخل لجعله أكثر مرونة.

لكن هل من جديد؟ وهل يمكن أن يتزحزح النظام عن تشبثه بالاستعصاء؟

إن جواب الوهلة الأولى يقول: لاشيء !! فهذه السلطة تريد إعادة استخدام كل الأدوات القديمة في الحكم ولا شيء آخر!.

لكن الحكم – أي حكم – هو سيرورة مستمرة حتى ولو كان حكماً استبدادياً، فعليه استحقاقات لا يستطيع الاستمرار دونها .. والمعطيات تقول إن الاستمرار على النهج القديم وإعادة (السيارة القديمة) إلى العمل دونه مسائل لم تعد موجودة، أي كأن الأمر يشبه انعدام الوقود اللازم للتشغيل.

فالسلطة السورية تواجه استحقاقاً اقتصادياً خانقاً، وهي لن تعود قادرة أبداً على منع التضخم الانفلاشي لليرة السورية التي يزيد سعرها الآن على الألف ليرة، مقابل الدولار الأمريكي، بعد أن كان السعر خمسين ليرة للدولار عام 2011. إذن هنا وحسبما نرى تكمن معضلة الاستمرار الرئيسية ومعضلة سيرورة الحكم بهذه الطريقة، التي لن تجد داعماً خارجياً يدفع الرواتب ويصرف على بنود المدفوعات بدلاً عنها عملياً !! ولا بد أنها ستقوم بطباعة الليرات دون تغطية، الأمر الذي سيشبه ما حصل مع عراق صدام خلال فترة ما قبل احتلال بغداد، حتى أن أوراق الدنانير صارت أحياناً أثقل من البضاعة التي تشتريها، وهو أمر كارثي على شعبنا الحبيب.

من هنا وإضافة لمستجدات هامة منها الجائحة المرضية التي تجتاح العالم، والتي لا تعرف الفرق بين أنوف المرضى، حيث لا يعرف الفيروس (الأعمى) الفرق بين الحاكم والمحكوم ، والكبير والصغير، والموالي والمعارض، وهو يتنقل حراً بين كل الجبهات !، ربما يلين هذا الأمر الذي يحتاج إلى اللين أيما احتياج في هذا الظروف.

فإذا أضفنا عاملاً ثالثاً نعتقد بوجوده في ملفات الحل، إلا أن انتظاره كان رهناً بالتطورات الميدانية في إدلب، وهو تفصيلاً يعني وجود خطة لدى الدول التي رعت مسار (استانا) لخلق حل سياسي في نهاية المطاف، فإن الإجابة الأولى التي أعطيناها على السؤال الأهم وهو (ما الذي يزحزح النظام عن تشبثه بالاستعصاء؟) له استثناءات ممكنة، فالذي كنا نردده على الدوام بأن مبدأ (لا غالب ولا مغلوب) هو الذي يجب أن يسود في البلاد، وأنه من المستحيل أن تنتصر على شقيقك في الوطن، وما ظنك بأنك قادر على الانتصار عليه إلا ظن لا يقبله العلم مطلقاً، وأن المشاركة والتداول هو الحل المنطقي الحكيم..

من هذا كله نعتقد، والعلم عند الله، بأن الأشهر السورية القادمة قد تحمل الكثير.

*من كتاب "زمان الوصل"
(188)    هل أعجبتك المقالة (207)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي