أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أيّ الفيروسين أشد فتكاً..؟*

ينكر نظام الأسد وجود الفايروس في سوريا - جيتي

تصنف سوريا ضمن الدول الأولى عالمياً في انتهاك الإنسانية وانتهاك حقوق الإنسان، وحسب منظمة الشفافية الدولية، فإن سوريا تقبع في ذيل مؤشر الفساد ضمن أسوأ دول العالم فساداً، وعلى جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالإجراءات الوقائية والصحية في مواجهة فايروس "كورونا"، الذي ثبت تفشيه في أكثر من 165 دولة، بنسب مختلفة، وإن كان هناك شبه جزمٍ بأن إيران الدولة الأكثر نسبة في تفشي هذا الوباء، والأكثر نقلاً للعدوى إلى بلدان أخرى مجاورة وخاصة العراق وسوريا ولبنان ودول الخليج، فمعظم الحالات المكتشفة كان مصدرها القادمين من إيران، التي تُصدّر الوباء الفيروسي ضمن الوعاء الطائفي للميليشيات الإيرانية والعراقية والأفغانية، ومن خلال السياحة الدينية والطرق المفتوحة أمام طُوّاف القبور والمزارات المزعومة.

الصين والتي يُعتقد بأنها مصدر تفشي الفايروس ستفاجئ العالم أنها ستكون من الدول الأولى احتواءً لانتشار الفايروس والتعامل معه، والتقارير التي ترِد من الصين تؤكد العودة التدريجية للحياة الطبيعية، والسيطرة على انتشار الوباء من خلال الإجراءات الحكومية عالية المستوى والتجاوب السريع من المواطنين الصينيين في التزام القوانين والتعليمات الصحية، ومنع الإتجار واستغلال الأزمة من مصانع الكمامات ومعامل الأدوية حين وضعت الحكومة الصينية يدها على المعامل الحكومية والخاصة.

في حين ستعرّي الأزمة دول الفساد من خلال التعاطي الأرعن والساذج واللامسؤول مع وباءٍ يهدد شعوبها بلا تمييز بين الطبقات أو بين الفرقاء، وانتهاج سياسة الإنكار، ثم التعمية والتضليل، فلا قيمة للإنسان ولا لحياته ولا لكرامته.

نظام الأسد الذي ينكر وجود الفايروس في سوريا ويجعل عبيده الناعقين يرددون عباراتهم الغبية في حكاية الحرب الكونية واستهداف سوريا، وسوريا الله حاميها، طالما الأسد بخير فنحن بخير تكريساً للانحطاط القيمي والأخلاقي، والتهاون الإجرائي أمام وباء مفتوحة الأبواب أمامه ليفتك بالسوريين بلا رادع. مع استمرار الوضع العسكري والأمني تعرّض النظام الصحي تحت سيطرة النظام إلى تغيرات بنيوية خطيرة، فلا هو قادر على تلبية الخدمات المناطة به ولا حتى في حدودها الدنيا فالمستشفيات والمراكز الصحية لم تعد تحت سيطرة النظام، وحسب بل تحت سيطرة العقلية الأمنية، فيمكن القول إنها ميليشيات طبية في بيئة متخلفة موبوءة، فالرعاية الصحية قمة اهتمامات العالم والسكان في أي بلد، والاهتمام بها من أهم معايير التقدم والاهتمام بالإنسان، تصنف سوريا تحت سلطة نظام الأسد في مؤخرة ترتيب الدول في نظام الرعاية الصحية فيها، وذلك في تقرير نشرته مجلة سيو ورد، وأعده موقع "نومبيو" المختص في الأبحاث وتصنيف الدول، ضمن معايير الشفافية والتثبت ومقارنة المعلومات لتكون النتائج أقرب للحقيقة.

الحقيقة التي لا يختلف عليها منصفان، فالمشافي العامة السورية تعاني أزمة حقيقية في الكوادر الطبية المتخصصة، ونقص حادّ بالأدوية، مع تجهيزات منتهية الصلاحية، هذا أو التوجه للمستشفيات الخاصة التي يعجز عن مصاريف دخولها أكثر من 95 بالمئة من الشعب السوري.

وفي الجهة الأخرى والعالم الآخر المعارض لنظام الفساد والاستبداد، فالفضل لنظام الأسد وروسيا وإيران وميليشياتها في استهداف المستشفيات والمرافق الصحية والتقصد في تدميرها وإنهاء خدمتها، والمعاناة هنا عند حافة الموت لا تنتهي مآسيها.

النظام الذي لا يعترف بالتدمير والتهجير، ولا يعترف بمعتقلاته الأسوأ على مستوى العالم القديم والحديث، والتي يمارس فيها أنواعاً من التعذيب أكثر تطوراً وشناعةً من تلك التي نعرفها عن محاكم التفتيش، وأعداد المعتقلين الذين قضوا تحت تعذيبه وسياطه، وتسريبات الصور لجثث آلاف المعتقلين في سجون الموت وحمامات الدم التي اقشعرت لها قلوب الإنسانية، والإحصائيات تتحدث عن 146825 شخصاً لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري حسب إحصائيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، والتقديرات تقول إن الأرقام أكبر بكثير في سجون تعتبر الأكثر وحشية واكتظاظاً، وبيئة مناسبة لتفشي الفايروس بشكل خطير دون رادع أخلاقي أو إنساني أو أممي، للحيلولة دون الكارثة الوشيكة.

في مدن سيطرة نظام الأسد الذي لا يعترف بانتشار الوباء، وينفي وجود أي حالة إصابة، يُخشى أن يكون الأكثر تعرضاً لفتك هذا الوباء هم البقية الباقية من المغيبين وراء القضبان وغياهب المجهول التي لا يمكن معرفة مصيرها ولا الاطلاع على أحوالها، والسماح لنظام الأسد في التملص من مسؤوليته المباشرة بلا إدانة، مقابل وباء عالمي ينتفض العالم اليوم في مواجهته والحد من انتشاره رغم الإمكانيات الهائلة في الدول المتقدمة اقتصادياً وعلى مستوى الصحة، نجد جميع إجراءات نظام الأسد متأخرة ومخجلة سيذهب ضحيتها الآلاف من أرواح السوريين، ستؤدي لانتكاسات على مستوى التعليم والاقتصاد والتضييق على الناس، ولن يكون لها الأثر في الحد من انتشار الوباء ضمن هذه التحركات الهزلية، فأيّ الفيروسين أشد فتكاً؟!!

* محمد الحموي كيلاني - كاتب وصحفي سوري
(180)    هل أعجبتك المقالة (185)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي