تسبب جشع المشافي وإهمال مفوضية اللاجئين بوفاة لاجئة سورية في لبنان بعد فترة من معاناتها وعدم تلقيها الرعاية الصحية اللازمة.
وكانت الثلاثينية "ماجدة الجوير" قد لجأت من مدينة حمص إلى لبنان عام 2012، وكانت تعاني من فقر دم وتتلقى علاجات بالأبر والأدوية -كما يروي شقيقها الذي فضل عدم ذكر اسمه لـ"زمان الوصل"- مضيفاً أن شقيقته أُصيبت بحالة إغماء منذ أيام وتم إسعافها إلى مركز "كاريتاس" العلاجي ومن هنا بدأت رحلة الذل والعذاب -كما يقول- حيث عوملت شقيقته بطريقة غير إنسانية من قبل الطبيبة "نيلي" التي بدأت بالصراخ عليها وأمرتها بالخروج خارج غرفة المعاينة، وبعد مناشدة وعناء ودون فحص سريري أو تحاليل كتبت لها على دواء للسل رغم أن المريضة لم تكن تعاني من هذا المرض، ومع ذلك اضطرت لإجراء تحليل في مشفى "المظلوم".
وتابع محدثنا أنه أخذ شقيقته بصحبة عمه بعدها إلى مستوصف "البشاير"، حيث أخبرهم الدكتور هناك بضرورة إدخالها إلى المشفى، فتواصلت عائلة"ماجدة" بعدها مع مفوضية الأمم للمساهمة في تكاليف العلاج وبعد ذهابهم إلى مشفى "الكورة" المتعاقد مع المفوضية فوجئوا برفض المشفى إدخالها إلا بعد دفعة أولى تقدر بـ 500 ألف وقد تصل فاتورة العلاج والأدوية والتحاليل إلى مليون ليرة -حسب قولهم- رغم أنه المفوضية أبلغتهم بأن عليهم أن يدفعوا لصندوق المشفى 150 ألف ليرة فقط.
وبعد انتظار ساعتين والتواصل بين الموظف في الأمم والمستشفى أصروا على عدم إدخال المريضة، بل طلبوا من ذويها الذهاب إلى مشفى "القبة" الحكومي وعند مدخل الطوارئ أخبروهم أنها ليست بحاجة إلى المشفى وأن عليها الذهاب الى عيادة الطبيب المناوب في المستشفى الذي "سيراعيهم في الكشفية" -حسب قول إحدى الممرضات- فرفضت المرحومة الذهاب قائلة لهم: "لا تتاجروا بصحتي".
ومضى محدثنا سارداً تفاصيل رحلة المعاناة التي عاشوها مع الروتين والإهمال، إذ اضطروا للذهاب بعدها إلى مستوصف قريب من سكنهم فقام الطبيب بتعليق مصل لها مع مضاد حيوي وأخبرهم أن لديها نقص حديد بنسبة 5% وهناك التهاب في الدم يجب معالجته على مراحل.
في اليوم الثالث ساءت حالة المريضة "ماجدة" فاضطر ذووها لأخذها إلى المستشفى الحكومي في القبة بعد أن تواصل معهم موظف الأمم بالتنسيق مع "سنيكر"، وكانت في استقبالهم في قسم الطوارئ ممرضة عديمة الرحمة –حسب تعبير المصدر- توجهت للمريضة قائلة :"شو جابكن لهون روحوا ع بلدكن تعالجوا "ومنعتها من الجلوس على الكرسي.
وتابع شقيق "ماجدة" أن إحدى طبيبات المشفى جاءت بعد قليل ودون أي معاينة أو فحوصات طلبت منها تحاليل شاملة وعند الذهاب إلى المخبر لأجل التحاليل قال الطيب لهم لا داعٍ لهذا التحليل لأنه مكلف جداً وعند سؤال الطبيبة أصرت على إجرائه وقالت له "إي خليهم يدفعوا".
وتابع محدثنا أنهم انتظروا لثلاث ساعات في المشفى المذكور دون أن يُسمح للمريضة بالجلوس وهي بحال سيئة إلى أن أخذوا نتيجة التحاليل، وهنا أخبروهم بأنه ليس للمريضة "ماجدة" مكان في المستشفى وعليهم الذهاب بها إلى مستشفى "الحنان".
كورونا
ولم تنته معاناة ذوي "ماجدة" وهي أم لشاب وحيد في الـ 17 من عمره عند هذا الحد ففي المشفى المذكور كان استقبالهم مهيناً في قسم الطوارئ، أيضاً وقال لهم الطبيب أيضاً إنها ليست بحاجة إلى مستشفى ووصف لها أدوية، وقام بخداعهم -حسب قوله- إذا في اليوم الرابع تفاقمت حالة المريضة وباتت غير قادرة على الحركة والكلام وبعد تواصلهم مع المفوضية طلبوا منهم الذهاب إلى مشفى "الحنان"، الذي أعطى حجة أخرى لعدم استقبالها وهي عدم توفر العلاج لحالتها.
وأضاف محدثنا أنهم ذهبوا بالمريضة إلى مشفى "مخيم البداوي" للاجئين الفلسطينيين ولسوء حالتها رفضوا دخولها، متذرعين بأنها بحاجة إلى تنظير للدم، فتوجهوا إلى مشفى "الخير" في "المنية"، وبعد أن دفعوا مبلغ تأمين وللتحاليل، تم وضعها في حجر صحي دون أي عناية أو أجهزة مراقبة لمدة أكثر من ساعتين حتى فارقت الحياة وسط حالة من الصدمة والذهول، والأدهى من ذلك -كما يقول- أن المشفى طالبهم بمبلغ مليون ليرة مقابل التقرير الطبي الشرعي وشهادة الوفاة.
والمفارقة أن المشفى المذكور أخذ عينة من الدم لإرسالها إلى وزارة الصحة لفحص "كورونا"، وطلبوا مبلغا مقابل ذلك، رغم أنها كانت قد فارقت الحياة، ولم يتم إبلاغ الأهل عن نتيجة فحص "كورونا"، خصوصا لو كانت الحالة إيجابية فذلك يفتح بابا من الفحوصات الجديدة للمخالطين للمتوفاة.
وكان وزير الصحة العامة اللبناني قد وجّه كتاباً إلى النيابة العام التمييزية حمل الرقم 8912 تاريخ 19/3/2020 لاتخاذ أقصى العقوبات بمن أهمل أو قصّر بإسعاف المريضة "ماجدة الجوير" مما أدى إلى وفاتها.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية