دفع تزايد انتشار فايروس "كورونا" في ألمانيا، اللاجئين السوريين فيها إلى الاستنفار بكشل كبير استعداداً لمواجهة الفيروس، الذي وصل عدد الإصابات فيه حتى مساء أمس الجمعة، إلى 2500 حالة مؤكدة في عموم البلاد.
وعلى الرغم من الإجراءات التي اتبعتها الحكومة الألمانية لمواجهة انتشار الفيروس، من تعطيل الدوام الدراسي، وإلغاء التجمعات والاحتفالات، وإيقاف دوري كرة القدم، إلا أن العديد من السوريين أكدوا لـ"زمان الوصل" أن قلقهم دفعهم لاتخاذ إجراءاتهم الوقائية الخاصة بهم، خاصة وأن عددا ليس بالقليل من عوائلهم فيها كبير السن والمريض.
*حجْر طوعي
الشاب "محمد"، من ولاية شمال الراين، التي تعتبر الأعلى معدلا بالإصابات بما يزيد عن 1260 حالة إصابة مؤكدة، أشار خلال حديثه لـ"زمان الوصل" أنه منذ أسبوع تقريباً بدأ بعزل نفسه بشكل جزئي في منزله، لافتاً إلى أن تحركاته خارج المنزل باتت محدودة بشكل كبير وتقتصر على المواعيد المهمة التي لا يمكن تأجيلها، وتسوق المواد الغذائية.
وأضاف "محمد": "منذ أن سمعت عن تسجيل 4 حالات إصابة في مدينة "هيرنا" التي أسكنها، قمت بشراء كميات كبيرة من الطعام والماء والمعقمات، ووضعتها في منزلي تحسباً لأي طارئ، خاصة وأن الحكومة الألمانية تتحدث بشكل مستمر عن إمكانية أن تسوء الأوضاع، لا أدري متى يتم الإغلاق التام، لذا استعد لكل شيء".
إلى جانب ذلك لفت "محمد" إلى أن حالة العزل الطوعي، التي يعيشها مبعثها أن المرض حتى الآن لم تتضح آلية انتقاله أو العدوى بشكل كامل، وأن ما تنشره وسائل الإعلام، يشير إلى أن المرء مطالب بشكل مستمر بغسل اليدين وعدم لمس الأنف أو الوجه أو العينين، وهي أمور صعبة جداً كونها تعتبر أشياء اعتيادية يفعلها الإنسان بشكل لا إرادي، على حد وصفه.
ليس بعيداً عن "محمد"، أشارت الشابة "نهى" التي تقيم في مدينة أخرى من مدن شمال الراين، إلى أنها تتحاشى بشكل كامل التواصل مع المحيط، موضحةً: "لم أصل إلى حد عزل نفسي، فأنا أقضي كل واجباتي اليومية بشكل اعتيادي، لكني أتحاشى الاجتماع مع أحد لا سيما الأصدقاء أو الأقارب، فنسبة عالية منهم تتصرف بطبيعية كالتقبيل وتبادل تدخين الشيشة ذاتها، دون النظر إلى خطورة الموقف، تحديداً أن الكثير منهم مؤمن بأن المرض مجرد هالة وتضخيم إعلامي".
كما أكدت "نهى" أنها في الوقت ذاته، ضد المبالغة في التعاطي مع المرض، من ناحية وقف كافة أشكال الحياة، لافتةً إلى أن عناصر الوقاية والتزام التعليمات الطبية سيكون كافياً لضمان سلامة الإنسان، مضيفةً: "لا ضرورة للتقبيل أو الاحتكاك المباشر، لنلتزم بما يوجه به الأطباء ونتابع حياتنا، أدرك أن الأمر خطير ولكن ليس إلى حد عزل النفس داخل المنزل".
الأطفال والمدارس وإجراءات متأخرة على الرغم من كافة التحاليل الطبية وحديث الخبراء عن تدني مستوى خطورة المرض بالنسبة للأطفال، إلا أن العديد من العوائل والآباء اللاجئين، انتقدوا تأخر الحكومة الألمانية بقرار تعليق الدراسة في مدارس الأطفال، حيث أشارت "سعاد" وهي أم لثلاثة أطفال، إلى أن خطورة نقل المرض للأطفال لا تتعلق بهم وحدهم، وإنما في إمكانية مساهمتهم في نقله إلى أشخاص بالغين أو كبار السن من عوائلهم.
وأوضحت "سعاد": "الطفل لا يقدر العواقب ولا يمكنه الالتزام بالقواعد الطبية دون أن يخضع لمراقبة أحد البالغين، لذا هم الأكثر تعرضاً للعدوى، وكما هو معروف معظم الأطفال يقضون أوقاتاً طويلة برفقة الجد أو الجدة أو حتى الأبوبين، كاللعب سوية أو الذهاب إلى التسوق أو حتى التدريس، وهو ما يزيد من احتمالية وصول المرض إلى هؤلاء، الذين يصنفون من بين الشريحة الأضعف مقاومة للمرض".
*الحدود مع فرنسا ومنطقة الرعب الأكبر
الشاب "رائد"، والمقيم في ولاية "زارلاند" الجنوبية الحدودية مع فرنسا، أكد أن مدينته تأثرت بانتشار "كورونا" ليس في ألمانيا وحسب، وإنما بانتشاره في الجارة فرنسا، لافتاً إلى أن حركة التنقل بين ولايته وبين المدن الفرنسية نشطة جداً، سواء من ناحية طلاب الجامعات أو رحلات العمل المتبادلة، مؤكداً أنه سارع لتأمين العديد من الحاجيات الضرورية في المنزل مع بداية انتشار الفيروس في فرنسا قبل أسابيع قليلة.
يقول "رائد": "لتعرف حقيقة الوضع ومستوى القلق من انتشار المرض يمكنك زيارة أحد المتاجر في الولاية، لتجد صعوبة في تأمين معقمات اليدين، أو الأدوات الطبية المستخدمة للوقاية من المرض، صحيح أن المواد الغذائية لا تزال متوفرة، ولكنها ليست بالمستوى المعتاد وتحديداً في المحال العربية، ما يعكس حركة إقبال وشراء غير اعتيادية، وهو ما يمكن اعتباره مؤشراً على استعداد الناس لفترة أصعب قادمة، وتحديداً أن أوروبا باتت مركز تفشي الوباء عالمياً بحسب منظمة الصحة العالمية".
وأشار "رائد"، إلى أن منطقته ومع أنها لا تعتبر من بين الولايات الألمانية الأكثر انتشاراً للمرض، إلا أنها من المناطق التي تشهد قلقاً كبيراً من الفيروس، نظراً لموقعها الجغرافي، فهي ملاصقة لفرنسا، ونسبياً قريبة جداً من الحدود البلجيكية والسويسرية، لافتاً إلى أن مسألة ضبط الحدود من قبل الحكومة الألمانية ساهمت بعض الشيء بتخفيف حالة القلق.
يُشار إلى أن الإحصائيات الصادرة عن الحكومة الألمانية لم تشر حتى الآن إلى وجود أي لاجئ سوري من بين المصابين بالفيروس، إلا أن المستشارة الألمانية، "أنجيلا ميركل"، قد أعلنت في وقت سابق أن 60 إلى 70 في المئة من سكان ألمانيا مهددون بالإصابة بالفيروس.
شمال ألمانيا- زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية