أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ماذا تريد المعارضة؟... د.محمد الأحمد*

طفلة قتلتها قوات الأسد - جيتي

بعض أصدقائنا من المؤيدين يطالبنا على الدوام بالإجابة على سؤال: "شو بدكم"؟!

ونحن نعلم بعمق أنهم يعرفون الإجابة، سوى أننا على استعداد دوماً لممارسة كافة فنون السياسة، كرمى لعيون شعبنا الجريح لشرح منظومة تفكير متكاملة منطقية وإيجابية في الموقف المعارض، تتبدى أولاً في الدعوة إلى (تطبيق الدستور) !! نعم (تطبيق الدستور)!.

فأنا أمثل جزءاً من المعارضين، الذين يريدون من السلطة تطبيق الدستور الذي أقرته هي بنفسها ! وجرى تحت رعايتها استفتاءٌ عليه عام 2012. وعندما نتحدث عن الدستور فنحن نعني كل مفرداته، ونجزم بأن السلطة لو طبقت الدستور لما وصلنا إلى هذه المآسي كلها، والاستحقاق الدستوري الذي نتحدث عنه هذه الأيام هو استحقاق السلطة التشريعية.

إن الحقيقة الساطعة تشي بأن لا سلطة تشريعية (لا برلمان) حقيقيا في سورية المعاصرة، ما عدا بعض الاستثناءات خلال خمسينيات القرن الماضي،

فلقد حرم الشعب السوري من أهم (ندوة) أو (اجتماع) أو (مؤتمر) لصياغة حياته السياسية بالشكل الطبيعي، الذي يراكم سيرورة الحياة السياسية والاقتصادية والحقوقية لأي شعب من الشعوب، وجاء تكريس هذا الحرمان الآن في هذه المرحلة من حياتنا. فبرغم انتفاضة الشعب السوري عام 2011م وتغيير الدستور عام 2012م كنتيجة للحراك الشعبي، هذا الدستور الذي أكد وفقًا للمواد (55, 56, 57, 61) على أن السلطة التشريعية تتمثل في مجلس الشعب الذي يتم انتخابه كل أربع سنوات ولا تُمد ولايته إلا في حالة الحرب، ويتم انتخاب مجلس الشعب من خلال الاقتراع السري المباشر الذي ينظمه قانون الانتخاب.

هذا القانون الذي أشار الدستور إلى أنه لا بد أن يكفل الحرية للناخبين، وحق المرشحين في مراقبة العملية الانتخابية، وعقاب العابثين بتلك العملية، وتنظيم الدعاية واستخدام وسائل الإعلام، وتحديد ضوابط التمويل، لم يطبق خلال الانتخابات الفائتة !!

فهل سنشهد عقاباً فعلياً للعابثين بالانتخابات؟؟! هذه المرة؟

وهل سنرى المرشحين و قد خرجوا على الاعلام الوطني قبيل العملية الانتخابية لكي يقدموا برامجهم الانتخابية، بشكل تنافسي يقدم فيه المرشحون وجهات نظرهم في الشأن الوطني السياسي والتنموي والأمني؟؟!

قد يحتج عليّ بعض المعارضين بالطبع، ويقول كأنك تبني الأمل على هذه السلطة؟! ويصيح: يا دكتور هذه السلطة لن تتزحزح حجراً واحداً في الجدار المسبب للمأساة الوطنية؟ وعندها ستكون إجابتي: أنا أمارس السياسة من بوابة حياكة الممكنات ! وسأبقى كذلك على الدوام، تجاه السلطة وتجاه المعارضة، ولأن الاستحقاق الآن هو استحقاق دستوري بامتياز، فلا أراني إلا ملاحقاً السلطة لكي تنفذ هذا الاستحقاق، تماماً كما ينص عليه الدستور الذي يتحدث عن نفسه في المقدمة قائلاً:

ويأتي هذا الدستور تتويجاً لنضالات الشعب على طريق الحرية والديموقراطية

وتجسيداً حقيقياً للمكتسبات واستجابة للتحولات والمتغيرات ( ) عبر حكم الشعب القائم على الانتخاب..الخ !! ولأنني أعرف شخصياً عدداً ممن اشتركوا في صياغة الدستور، أعلم أن جملة استجابة للتحولات والمتغيرات صيغت عدة مرات لكي تقول لمن خرجوا ضد السلطة عام 2011: هذا الدستور جاء استجابة لتطلعاتكم.

أصارحكم أخيراً أنني لا أشعر بالأمل في تطبيق الدستور، ولأنني لا ألمس أي تغيير حقيقي على الأرض يدل على أن السلطة تعلمت أو أنها تريد أن تتعلم بأنها تعرض الأجيال للخطر مرة أخرى، عبر الإصرار على عدم التعلم من الحياة...بسبب كل ذلك أقول للقارئ الكريم، ليس للمرة الأولى بأن الحل البديل هو أن تنظم المعارضة السورية نفسها بشكل جيد وتبدأ بالإعداد لانتخابات سورية وطنية خارج البلاد، نؤكد من خلالها إرادة الشعب.

*أستاذ جامعي - من كتاب "زمان الوصل"
(237)    هل أعجبتك المقالة (214)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي