الكثير ممن يمتهنون "التحليل" السياسي المأجور، المبني على توجيهات أجهزة المخابرات، التي تتولى عمليا، حكم معظم الدول العربية، تذهب إلى الانتقاد الحاد بل والقدح والشتم للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولقراره الأخيرة بإطلاق عملية عسكرية في الشمال السوري "درع الربيع".
الانتقادات، وفي محاولة لصبغها بصبغة المنطق السياسي، تستند إلى ثلاث نقاط، الأولى أن الترك يسعون لاستعادة أمجاد الدولة العثمانية، وهذه النقطة دائمة الحضور فيما يتفوهون به، رغم أن الأتراك أنفسهم ينفونها، فضلا عن أن معطيات هذا العصر لم تعد تسمح بمثل هذه الأحلام. وهذه، أي الأحلام، إن وجدت فهي مشروعة، إذ من البدهيات أن تسعى كل أمة لاستعادة أمجادها، فالروس يتحركون في العالم لاستعادة الزخم القيصري، أو على الأقل القوة السياسية والعسكرية للحقبة السوفييتية، فيما تبذل إيران الغالي والنفيس لتصدير "الثورة الإيرانية" وإنجاز الحلم الفارسي بالوصول إلى مياه المتوسط وفي سبيل هذا الهدف دمرت العراق ومزقت سوريا وعاثت في اليمن فسادا، أما سادة هؤلاء "المحللون"، فأحلامهم الإمبراطورية، تدور حول كرسي الحكم وفي سبيله، ولا ضير عندهم أن يقتل الآلاف وتغص السجون بالمعتقلين وأن يعيش أكثر من نصف الشعب تحت مستوى خط الفقر ناهيك عن تمزيق المجتمع، وتفريغه من كل منظوماته الأخلاقية.
أما الأدهى والأمر أن سادتهم، سادة "المحللون" يعلنون العداوة لإيران، وفي الوقت نفسه يقدمون لها ما لم يقدمه أقرب حلفاء إيران، وهذا لا يخفى على مبصر، وحين يصل الأمر إلى تركيا تراهم وقد كشروا عن "أنيابهم".
أما النقطة الثانية وهي ليست بعيدة عن الأولى، فهي "العروبة" ويستند "القومجيون" إليها في التعبير عن خشيتهم، ومعاداتهم لما يسمونه التمدد التركي، فتراهم يزبدون ويرعدون حرصا على "قوميتهم" وفي اليوم التالي يتناولون الغداء مع "خامنئي" الذي تعتبر بلاده، مجرد الحديث باللغة العربية أو ذكر العروبة جريمة يعاقب عليها القانون، رغم وجود ملايين الإيرانيين من أصول عربية.
هذا "القومجي" لا يرى في ذلك عداوة إيرانية للعرب، ويتعامى عن كل ممارساتها الطائفية، واحتلالها المباشر وغير المباشر لأكثر من عشرة أضعاف فلسطين المحتلة.
أما ثالثة الأثافي فهي وصف أردوغان بالمغامر والمقامر وأن الروس والولايات المتحدة ومعهم أوروبا يتآمرون على تركيا، وهذا الطرح يمكن وصفه بالمقبول، أو ضمن منطق احترام وجهات النظر لولا أنهم في الوقت نفسه يدافعون عن أنظمة دكتاتورية لم تترك موبقة سياسية وعسكرية واقتصادية إلا وارتكبتها بحق شعوبها.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية