أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل تذهب تركيا للحرب؟.. مزن مرشد*

أسبوع واحد يفصلنا عن تنفيذ الرئيس التركي تهديده للنظام - جيتي

بإمكاننا اليوم أن نقول بكل ثقة، بأن تركيا باتت تشكل تهديداً حقيقياً على قوات النظام السوري وحليفها الروسي، باشتباكات مباشرة بين الجانبين، بعد مقتل جنود أتراك في إدلب.

ليعلن الرئيس التركي بكل وضوح عن نيته بضرب قوات الأسد في أي وقت، ودون أي حسابات لشركائه في قتل جنوده ملمحاً بذلك لروسيا، الأمر الذي عكر الأجواء بين أنقرة وموسكو، والتي كانت صافية إلى وقت قريب.

ترد موسكو بتصعيد خطابها تجاه أنقرة، وتطالب تركيا بالكف عن دعم الجماعات "الإرهابية" في إدلب، في إشارة واضحة لانزعاجها من تصريحات أردوغان الأخيرة.

لكن ما تناسته روسيا بأنها بدعم العملية العسكرية لقوات الأسد في إدلب، وضعت شريكها الضامن التركي أمام ضغوطات كبيرة، تشكل عبئاً على الرئيس أردوغان من الصعب عليه تحمله.

أولها وضعه أمام سيل جديد من اللاجئين السوريين على بعد كيلو مترات قليلة من حدوده، وثانيها وأهمها، أمام سخط الشارع التركي وأحزاب برلمانه لمقتل أبنائهم في سوريا، ومطالبتهم له بالانتقام من كل من تسبب بموتهم، وبالطبع لم يستثنوا روسيا من مسؤوليتها بمقتلهم، إذ علا خطاب رئيس حزب الحركة الوطنية التركي دولت بهجلي أمام أعضاء المجموعة البرلمانية لحزبه، بدعوته للرئيس التركي إلى "غزو دمشق وتدمير إدلب وحرق سوريا" على حد تعبيره، انتقاماً من النظام السوري إثر مقتل الجنود في إدلب بداية الشهر الحالي.

وبالرغم من المفاوضات التي جرت بين الجانبين التركي والروسي، إلا أن فتيل الأزمة ازداد بالاشتعال مع إصرار روسيا على دعم العملية العسكرية لقوات الأسد، واستقواء أنقرة بحلف الناتو وتصريحها بأن أمريكا جاهزة لنشر صواريخ "باتريوت" من أجل تركيا العضو في الحلف، ولكن هذا الاستقواء بالتأكيد جاء بعد ضوء أخضر أمريكي بغية استعادة الحليف التركي الذي أحست أمريكا بأنها على وشك خسارته وانحيازه للجانب الروسي.

كل هذه الضغوط قد تدفع تركيا في نهاية المطاف، إلى الانسحاب من اتفاقي سوتشي وأستانا، والمضي بعمل عسكري موسع في سوريا، في حال لمست الإدارة التركية جديةً أمريكية وأوربية بدعم تحركاتها، خاصةً بعد أن قوضت الأحداث على الأرض كل ما خرج عن هذين المسارين من قرارات، وبالمقابل لا تظهر روسيا أي حرص أو جدية تجاه الحل السياسي، بعدم التزامها بقرارات مسارين كانت هي الراعي والضامن فيهما، وتعطيل اللجنة الدستورية كل هذا الوقت، ما يضعنا أمام تساؤل جدي: هل تدفع روسيا بتركيا للحرب، أم أنها تنتظر صفقة ما؟

قد تكون السياسة الروسية مازالت لا تأخذ تهديدات أردوغان على محمل الجد، وتنتظر اللحظة الأخيرة للعودة لطاولات التفاوض مع أنقرة، في حال أبدت الأخيرة جدية بالقتال والتقدم على الأرض.

وبات من الواضح تماماً أن روسيا هي من لا يريد الحل في سوريا، إذ إنها تملك كافة مفاتيحه.

أسبوع واحد يفصلنا عن تنفيذ الرئيس التركي تهديده للنظام السوري بوقف العمليات العسكرية في إدلب، مخاطباً العالم بأسره بأنه لن يتوانى عن الرد بشكل مباشر ودون سابق إنذار وبغض النظر عن الطرف المنفذ للهجوم، مطالبا روسيا بتفهم حساسية بلاده في هذا الموقف بشكل أفضل.

هنا يعود الأمل بجدية تركيا في حسم الأمر، لكننا لم نعد نثق بما نراه ظاهرياً بعد تسع سنوات من التجارب المحبطة لنا من قبل الجميع، ولا نعلم ما الذي يدور في الخفاء فليس كل ظاهر صحيح.

ماذا لو كانت هذا التصعيد فعلياً ما هو إلا ضغط على جهة ما، للقبول بشروط ما؟

رغم كل هذه الشكوك والتساؤلات إلا أن خطر المواجهة المباشرة بين القوتين يتصاعد ساعةً بعد أخرى، وما يزال الأفق ضبابياً بالنسبة لنا، فيأتي الخبر بالأمس من برلين بنية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعزمهما لقاء الرئيسين رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين في أقرب وقت ممكن لإيجاد حل سياسي يوقف التوتر بين أنقرة وموسكو...

فهل هذا اللقاء يؤكد تساؤلاتنا السابقة؟ وهل هذا ما سينزع فتيل الخلاف بين البلدين بهما إلى خانة الأصدقاء، خاصةً وأن صفقة الصواريخ "S400" التي اشترتها أنقرة من موسكو لم يمض عليها عام واحد بعد.

من الضروري الانتباه إلى أن الملفت بكل هذا الملف ومنذ بدايته، أننا لم نسمع ولا مرة واحدة اسم رئيس النظام في أي من عمليات التفاوض أو الرد أو في طرح أي عملية سياسية، لا من جهة تركيا ولا من روسيا، ولا الأوروبيين، وكأنه لا وجود له، وكل الخطاب موجه باتجاه روسيا.

وبالمقابل هناك غياب شبه تام لإيران في خضم هذه المعمعة مع العلم أنها ما تزال موجودة وبقوة، سياسياً وعسكرياً على الساحة السورية، فهل نفهم بأن دورها في طور الانحسار مثلاً؟

ستكون الأيام القليلة القادمة كفيلة بالإجابة على كل تساؤلاتنا، لكن المؤكد الوحيد الآن، أن الشأن السوري بات شأناً روسياً، وروسياً فقط.

*من كتاب "زمان الوصل"
(211)    هل أعجبتك المقالة (218)

مواطن مسحوق

2020-02-23

تحليل رائع لمس وطرح كل الاحتمالات التي تخطر في بالنا نحن المنتظرون المقهورون نتمنى أن يدخل من يريد لينقذنا مما نحن فيه.


ابو ايهم

2020-02-24

اردوغان للاسف ليس صادفا في ما فال ولن يصدق في ما سبقول لاحقا..


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي