قال الباحث الإستراتيجي "أحمد حسن" إن لدى تركيا القدرة العسكرية على تنفيذ ما يتعلق بإعادة نظام الأسد إلى "سوتشي 2018"، وتتمتع بإمكانيات عسكرية عالية مقارنة بجيش النظام المترهل، لأن الحرب الحديثة تحيّد أهم عنصر عند النظام وهو الطيران، ولكن هناك –حسب قوله- عوائق تتعلق بالحكومة التركية وبالمعارضة، وكذلك بالظروف الميدانية.
وأوضح "حسن" الذي يتولى إدارة "مركز القارات الثلاث للدراسات والأبحاث" في حديث لـ"زمان الوصل" أن الجانب المتعلق بالحكومة التركية يشمل مشكلاتها الداخلية مع المعارضة التي تتهم الحكومة باتخاذ الجانب التصعيدي بينما بإمكانها تجنب التصعيد عبر علاقات مع الأسد وتفاهم على موضوع اللاجئين ومشكلات تتعلق بطريقة إدارة تركيا للملف السوري -حسب هذه المعارضة- حيث تسببت أخطاء إدارية في زيادة مشكلات المعارضة، وباتت كل أخطاء المعارضة السورية تلصق حالياً بالدولة التركية.
ولفت محدثنا إلى أن تركيا ارتكبت خطأ سياسياً باعتمادها على عامل الثقة بالتحالفات الاستراتيجية الكبيرة مع الروس وإيران واقتناع تيار مهم في الدولة التركية بأنها كافية لتحقيق اتفاقات تكتيكية في الملف السوري، لكن الواقع كان معاكساً، ومن العوائق أيضاً -حسب قوله- أن الآلية التي تم اتباعها في "استانة" أيضاً كانت تعاني من عدم الوضوح، ومن المشكلات حالياً القراءات المتعددة للاتفاق بين الدول الضامنة مع قراءات أخرى للناشطين، أضف إلى ذلك أمراض المعارضة مثل الفصائلية واللوبيات وكذلك غياب التنظيم واكتساب كل عيوب النظام مما ساهم في تكريه الحاضنة الشعبية بالضامن التركي باعتباره مسؤولاً بشكل ما عن هذه المشكلات، وساهمت هذه المشكلات أيضاً في التردد الدولي بخصوص مشاريع تركيا في الشمال وكذلك نُقل هذا التردد أيضاً إلى صانع القرار التركي.

وحول احتمال تجدد الصراع في سوريا في مناطق النظام قبل المعارضة وفق مراكز أبحاث مهمة دولية نوّه محدثنا إلى أن القراءات الحالية للملف السوري ليست مبشرة بسبب حجم السلاح غير المنضبط داخل سوريا، وهذه المشكلة -حسب قوله- لا تحل بعمليات عسكرية كالتي خاضها النظام أو المعارضة بل تحتاج قوات متخصصة بالتعامل مع المجموعات الصغيرة أو المنفردة وهنا خطورة المستقبل.
واستدرك أن "الجنوب السوري وشرق الفرات وحلب جزء من هذه الأمثلة حيث باتت تعطي إشارات مقلقة إلى إمكانية عودة المجموعات المسلحة الايديولوجية منها أو تلك التي لا تحمل أيديولوجيا بل فقط عامل الاستفادة من الفوضى".
ويعتقد "حسن" بأن هناك سيناريوهين حاليين لما سيجري إما دعم جمع المسارين العسكري (سوتشي واستانة) والسياسي (جنيف) عبر إطلاق خطوات بناء الثقة في العملية السياسية، والعمل على إعادة المنشقين من المؤسسة العسكرية والأمنية ضمن عملية تحت إشراف الأمم المتحدة يتم عبرها أيضاً إعادة هيكلة شاملة للجيش والمؤسسة الأمنية لتتولى مسألة جمع السلاح وضبط شبيحة وعصابات كل الأطراف وهو عمل ليس له مؤشرات، أو فإن هذه العصابات ستشكل -كما يقول- الصيغ الجديدة من تنظيم "الدولة" وأخواته بايدولوجيا أو فقط بهدف المكاسب والنفوذ.
وأردف أن "هذه هي الصراعات التي تخشاها مراكز الأبحاث بسبب تعدد الممولين والمصالح وكذلك الجهات والدول المحركة لها وتعارض المصالح".
وعلى الجانب العسكري الميداني أشار حسن إلى أن تركيا أحدثت مؤخراً منظومة تشويش إلكتروني "كوراجيك" يمكنها المساهمة في حظر جوي يشمل معظم الطيران والنظام الصاروخي الموجه إلكترونياً والمسافة كافية لمنطقة عمليات تركيا حالياً 100 كم وهي أقصى مسافة تريدها تركيا، إذ إن آخر هدف لتركيا هو نقطة المراقبة في "مورك" أي 88 كم للحدود، وهذا النظام بإمكانه -كما يؤكد- أن يحيد حتى "S 400" ويعمل على تشكيل قبة راديو توجه الطيران والصواريخ إلى خارج أهدافها وتبقى القذائف غير الموجهة أو بعض "درونز" البدائية وهذه ليست مشكلة.
كما دعمت تركيا استعداداتها لمواجهة محتملة بإنشاء غرفة مراقبة وتحكم بمقرات "ناتو" تتيح الوصول إلى منظومة "أواكس" للمراقبة الجوية التابعة للتحالف، وكذلك رادار الناتو في "ملاطيا"، والذي يغطي سوريا وايران وروسيا، وهو يراقب الصواريخ البالستية من لحظة تجهيزها للإطلاق ويحدد نوعها ومسارها والنقط التي تستهدفها ويرتبط بقاعدة صواريخ اعتراضية "أنجيس" في البحر المتوسط، والهدف هو التبادل الاستخباراتي وهو المطلوب حالياً لتركيا من دعم الناتو في العملية.
ونفى المصدر الأنباء التي تحدثت منذ أيام عن استهداف منظومة "S 400" الروسية في مطار "حميميم"، مشيراً إلى أن المنظومة المذكورة مجهزة بآلية تعامل مع التهديدات ولو حصل فيها أي استهداف ستظهر في رادارات الناتو التي تراقب هذه الصواريخ البالستية في كل ثانية وتقرأ حرارتها على مدار الساعة ولا معلومات عن جديد في هذا الجانب.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية