لم تمنع ظروف الحرب ومعاناة التهجير واللجوء الطالبة السورية "أنوار العرفي" من الوصول إلى حلمها المنشود وشق طريق النجاح لتحصل بعد سنوات من الجهد والمثابرة على المرتبة الأولى بين أقرانها الطلاب في قسم الصحافة بجامعة اليرموك الأردنية بمعدل 96% وتقدير ممتاز.
تنحدر "أنوار" من حي "بابا عمرو" غرب حمص ومع بداية الحرب كانت تعلّم الأطفال المتسربين من المدارس القراءة والكتابة تحت ظروف القصف والحصار، ومع ازدياد الأوضاع سوءاً اضطرت للخروج من حمص واللجوء إلى الأردن مع أشقائها السبع ولم تتمكن من الحصول على أوراقها الثبوتية لإكمال دراستها الجامعية.
وتروي الطالبة الشابة لـ"زمان الوصل" أنها أمضت أسبوعاً كاملاً على الحدود السورية الأردنية في ظروف الأمطار والبرد حتى تمكنت من دخول مخيم "الزعتري" الذي بقيت فيه مع أشقائها فترة قبل الخروج منه لتسكن في مدينة "المفرق".
تعيل "أنوار" أشقائها السبع بمفردها نظراً لوفاة والدتها واضطرار والدها للنزوح إلى منطقة "إعزاز" بريف حلب وآلت على نفسها -كما تقول- تعويضهم عن غياب الأب والأم وتعليمهم ورعايتهم مع أختها الأكبر منها، وتقومان بإعطاء دروس خصوصية بسبب سوء وضعهما المادي.

وكشفت محدثتنا أنها تمكنت من تحفيظ شقيقين صغيرين من أشقائها كامل القرآن الكريم وإحدى أخواتها وصلت إلى البكالوريا، أما اختها الأكبر منها فتخرجت ضمن الأوائل على كلية الصيدلة في جامعة اليرموك قبل ستة أشهر، ودرست بدورها التوجيهي حيث كان معدلها 94،6% علمي لتلتحق بعدها بكلية الإعلام في جامعة اليرموك لدراسة الصحافة وأثبتت تفوقاً علمياً في كل فصل دراسي حتى تخرجت الأولى هذا العام بمعدل 96%.
وروت "أنوار" أنها واجهت الكثير من الصعوبات في الجامعة أولها اختلاف المناهج اختلافاً كلياً عن المناهج السورية غير أنها تمكنت من تجاوزها بالدراسة والجهد والبحث العميق، ومن الصعوبات التي واجهتها صعوبة الموائمة بين الدراسة والعمل وأخوتها ووضع المنزل بشكل عام، مضيفة أنها تحملت ظروفاً عائلية لا يتحملها أحد، فأختها الصغيرة تعاني من أمراض في القلب وبحاجة إلى 4 عمليات، وبحثت كثيراً عمن يتكفلها من منظمات وهيئات دون جدوى ولديها -كما تقول– أخ في الثامنة عشر من عمره مصاب بالصرع ينام على الأرض معظم الأوقات، ولا يستطيع الوقوف، ورغم كل ذلك حصلت على شهادة البكالوريوس في الإعلام بمعدل لم يحصل عليه أي طالب من قبلها ومع ذلك لم يتم ابتعاثها لإكمال دراسة الماجستير والدكتوراه بحجة أنها "لاجئة".

وحول اختيارها لدراسة الصحافة أشارت "أنوار" إلى أنها منذ سن مبكرة كان لديها شغف واهتمام بهذا المجال بهدف أن تكون صحفية ناقلة لأحداث ومعاناة أبناء وطنها.
وبدأ هذا الدافع بالنمو بعد بزوغ الثورة السورية وظروف الحرب والحصار ومما شجعها على التفكير بدراسة الصحافة –حسب قولها- هو عدم وجود صحفيين كثر وخاصة في حي "بابا عمرو" في ذروة الحاجة لنقل الصورة الحقيقية عن هذا الحي المحاصر منذ بداية الأحداث.
ودأبت الشابة خلال فترة دراستها على كتابة تقارير وأخبار وألوان صحفية أخرى عن أوضاع السوريين في الأردن وصممت مدونة خاصة احتوت مواد خاصة بهم، وأختارت أن يكون مشروع تخرجها تصميماً لموقع وإعداد 35 مادة صحفية من بينها تحقيق عن اللجوء السوري، ونال هذا المشروع إعجاب دكاترة القسم ليتم منحها المرتبة الأولى بعلامة قدرها 89%.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية