عاش اللاجئ السوري الشاب "محمد حسن" (اسم مستعار) تجربة لجوء مريرة في ماليزيا هذا البلد الآسيوي الذي اعتقد أنه سيكون مجرد "ترانزيت" -محطة لدولة أخرى- ولكنه علق فيه وتعرض للسجن والإذلال والتهديد بالترحيل إلى سوريا، علاوة على أنه خسر آلاف الدولارات قبل أن يعود خالي الوفاض إلى لبنان حيث كان يقيم.
وكان اللاجئ المتحدر من ريف إدلب قد لجأ إلى لبنان عام 2013 بسبب ظروف الحرب في الشمال السوري ورغبته بإكمال تعليمه، ولكن ظروفه المادية لم تسمح له بإكمال تعليمه فتعلم قيادة الآليات الثقيلة (تركسات وشاحنات)، وبسبب ظروف لبنان من مظاهرات واضطراب وعدم توفر فرص للعمل والتعليم علاوة على التضييق على السوريين لم يجد أمامه إلا طريق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
وروى حسن لـ"زمان الوصل" أنه تواصل مع أحد الأشخاص الموجودين في تركيا (مهربي اللاجئين) وتم الاتفاق على إرسال جواز "شبيه" إماراتي- مقابل مبلغ معين وتحديد يوم السفر إلى ماليزيا التي يعتبرها الكثيرون محطة مرور إلى أحد الدول الأوربية بتاريخ 2019/10/24.
وأردف محدثنا أنه اختار ماليزيا لأنها البلد الوحيد في العالم الذي يستقبل السوريين دون تأشيرة ويمكنه من الإقامة فيه لمدة ثلاثة أشهر كفيزا سياحية وبعد إقامته في الفندق لمدة خمسة أيام كان قد حجز على الطيران الهولندي إلى فرنسا، ولدى دخوله إلى مطار "كوالالمبور" للحصول على تذاكر الطيران انتظر في الخطوط الجوية الهولندية حوالي 3 ساعات ريثما يتم التأكد من جوازه وبعد مراسلة السفارة الإماراتية اكتشفوا أن الجواز مزور فتم تحويله إلى سجن "سيبان" الذي يفتقر لأبسط الشروط الإنسانية، حيث صادروا ثيابه بشكل كامل وتم إعطاؤه ثياباً بالية ومتسخة للغاية، وتم وضعه –كما يقول–في غرفة صغيرة 3×3 م بحمام مكشوف.
وأمضى بداخلها 14 يوماً وتم تحويله بعدها إلى قاض ماليزي لم يستقبله في المرة الأولى بل أجّل محاكمته وأعاد سجنه ومن ثم تم إرساله إلى سجن آخر يدعى "سانبوله" وهو–حسب قوله- رابع أخطر سجن في العالم حيث تم وضعه مع القتلة ومهربي المخدرات والمتهمين بقضايا الاغتصاب ومرض لعشرة أيام حتى أنه أصيب بمرض "البواسير" والحكة الجلدية.
بعد 17 يوماً من اعتقاله في هذا السجن ووكل محامياً عن طريق سمسار ماليزي، ليتم تحويله إلى المحكمة حيث حكم عليه القاضي بغرامة 2500 دولار، وروى أن القاضي سأله إلى أين يرغب بالهجرة فأجابه إلى لبنان وقام بتحويله إلى دائرة الهجرة (Immigration) -التي لم ترض –كما يقول- أن يرحل إلى لبنان بل إلى سوريا مباشرة، رغم أنه مطلوب للخدمة الإلزامية وقضايا أخرى.
وتابع محدثنا أنه قال لدائرة الهجرة "أنتم تريدون إرسالي إلى الموت وأحملكم مسؤولية مصيري" ولكنهم -حسب قوله- لم يبالوا للأمر ولم يتفهموا ظروفه أو أسباب فراره من سوريا، وأُودع مجدداً في سجن ملحق بدائرة الهجرة لم يكن أفضل حالاً من السجون الأخرى، حيث أمضى 30 يوماً إلى أن تم مراسلة سفارة النظام في كوالمبور التي لم ترد عليهم.
وأضاف المصدر أن قرار الترحيل إلى سوريا كان عبر طريقين إما عن طريق مطار دبي أو طهران.
بعد ذلك تواصل ذوو محمد في إدلب بالسمسار الذي تعرف -كما يقول- إلى ضابطة في مطار "كوالمبور" ودفع لها مبلغاً من المال مقابل أن تكون رحلته من ماليزيا إلى لبنان (ترانزيت) وتم تحويله فعلاً، ولكن مقابل أن تكون الرحلة بعدها إلى سوريا، واقتيد مقيداً إلى الطائرة –كما يقول- بعد أن صادروا جواز الشبيه وخُتم جوازه السوري بعبارة "ممنوع من الدخول إلى ماليزيا مدى الحياة" بعد أن خسر مبلغ 16 ألف دولار لجأ لاستدانتها، ويقيم الشاب العشريني في لبنان حالياً لأن إقامته فيه زالت سارية المفعول، ولكنه يحاذر من التنقل أو الخروج لأنه ملاحق بأكثر من قضية بسبب المبلغ المستدان.
وكشف محدثنا أن عدداً من السوريين وقعوا في نفس المشكلة بعده، ناصحاً اللاجئين السوريين بعدم التوجه إلى ماليزيا لا للإقامة ولا للهجرة في حال أرادوا اللجوء إلى أوروبا لأنها –حسب قوله- بلد سيئ ويمكن للاجئ الإقامة فيها بموجب فيزا لثلاثة أشهر، ولكن في حال كسرت الإقامة يتم القبض عليه من قبل السلطات الماليزية وتغريمه وسجنه ومن ثم ترحيله فوراً إلى سوريا ليلقى مصيراً مجهولاً.
وتشير الأرقام الرسمية إلى وجود نحو 150 ألف لاجئ في ماليزيا لا تعترف ماليزيا بوجودهم، ويحتفظ بعضهم بإقامات من الأمم المتحدة.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية