أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تعرف على قصة الملازم هلال... من معتقلة سابقة إلى ضابطة شرطة في عفرين

هلال

روت معتقلة سابقة في سجون النظام السوري، ما تعرضت له من أهوال التعذيب والإذلال خلال احتجازها في فرع الأمن  السياسي بحمص وتجربة الموت البطيء تحت أيادي جلاّدين عديمي الرحمة قبل أن تمضي سنتين في سجن عدرا المدني حيث بدا الوضع أفضل نسبياً، ورغم مرور ثلاث سنوات على إطلاق سراحها لا زالت تتذكر تفاصيل من تلك التجربة المريرة وأساليب التعذيب التي مورست عليها بما في ذلك "الشبح" الذي كان من نصيب الرجال والشبان المعتقلين عادة. 

حصلت "هلال محمد الكن" أم عبيدة المتحدّرة من حي "جورة الشياح" في حمص على شهادة البكالوريا في الفنون الجميلة قبل سنوات الحرب وتمكنت بعدها من افتتاح مشغل للخياطة وتفصيل بدلات العرائس، وبعد اندلاع الثورة التحقت مع زوجها بصفوف المطالبين بالحرية والكرامة، وعاشت حصار حمص الذي امتد لـ 700 يوما قادت خلالها مظاهرات نساء "جورة الشياح" أثناء حملة النظام على المدينة، وكانت تطبخ لعناصر الجيش الحر على الجبهات إضافة إلى المناوبة في نقاط حرس مع زوجها لعدة ساعات في اليوم وزيارة الجرحى في المشفى الميداني والإعتناء بهم –كما تروي لـ"زمان الوصل" وخرجت هلال مع من خرج من أهالي حمص المحاصرين إلى الريف الشمالي بلباسها الميداني الكامل–كما تقول- حيث سكنت في مدينة تلبيسة لسنة ونصف ثم انتقلت إلى الدار الكبيرة وكانت حاملاً بجنين فأسقطته بعد إعطائها بالخطأ إبرة فوستان ولم تكن تعلم أن هذا الإجهاض سيكون سبباً في اعتقالها. إذ اضطرت للذهاب إلى حمص لإجراء العملية بهوية مستعارة كي لا يُكشف أمرها لأنها كانت مصنفة لدى النظام بأنها مسلحة وإرهابية، وتم اكتشاف أمرها في المشفى بعد وشاية من صاحبة الهوية  فتم اعتقالها في فرع الأمن السياسي وهناك-كما تقول- فتعرضت لمختلف أساليب العنف الجسدي ومنها "الشبح" (يعلق المعتقل فيه من يديه بالسقف، ويبقى جسده متدلياً لتمارس عليه أساليب التعذيب المختلفة)، والضرب بـ"الأخضر الإبراهيمي" (أنبوبا طويل أخضر مصنوع من البلاستيك) أو من خلال "بساط الريح" حيث يوضع المعتقل على لوح خشبي مكوّن من قسمين، فيتمّ تحريك القسمين باتجاه بعضهما، ما يسبب ألماً في العمود الفقري  ويتم جلد قدميه بكبل رباعي، دون أن يكف الجلادون عن توجيه الشتائم البذيئة طوال الوقت، وتابعت محدثتنا التي تعمل كضابط برتبة ملازم أول في مخفر شران بمنطقة عفرين الآن أن فرع الأمن السياسي اتصل بزوجها بعد 4 أيام من اعتقالها طالبين منه تأمين 20 بندقية روسية وقاذف آر ي جي  ورشاش وهاون مقابل إخراجها بتسوية ولم يتمكن زوجها من تأمين المطلوب ولكنه أرسل لهم 3 مليون  لتخفيف التعذيب عنها  وعدم  إحالتها إلى أي فرع آخر إذ  كان المفروض إحالتها-كما تقول- إلى 4 فروع لأنها  على قائمة المطلوبين في حمص.

قضت المعتقلة السابقة 66 يوماً في المنفردة داخل فرع الأمن السياسي  في حمص  وكانت أثناءها  تتعرض للتعذيب بشكل يومي لإجبارها على الاعتراف بأسماء قيادات الجيش الحر، وتحت شدة التعذيب-كما تقول- اضطرت للإعتراف بوجود أسلحة دفنها المقاومون في حي جورة الشياح بعد خروجهم منه بسبب عدم السماح بإخراجها، وكذلك الكاميرات وأجهزة اللابتوب التي كان يستخدمها الناشطون في الحي، ومن ضمن ما تم العثور عليه صاروخ يدعى "لو"  وتم إحالة أم عبيدة بعدها إلى سجن عدرا بدمشق  حيث طلبها القاضي في اليوم التالي فأنكرت ما نسب اليها وتم ايقافها لسنتين على خلفية دراسة وضعها من قبل الامن السياسي. 

الموت البطيء
وتصف المعتقلة السابقة سجن عدرا الذي كان عبارة عن 5 أجنحة وفي كل غرفة  42 معتقلة وكانت غرفتها  الخامسة في الجناح الثاني  وتضم 8 أسرة، وكانت 4 من رفيقاتها في الجناح مسجونات بتهم تزوير والباقي بتهم الارهاب من بينهن الفنانة "سمر كوكش" وسجينة تُدعى "أم صهيب" من درعا والناشطة "جمانة نحاس"  والناشطة "ضياء العميري" من درعا والناشطة "ليلى عنقا" من بابا عمرو و"ناهد ادريس" من القصير و"طل الملوحي" من الخالدية، والأخيرة اعتقلت قبل الثورة بسنة بتهمة التجسس لصالح اسرائيل ولم يكن عمرها  قد تجاوز الرابعة عشرة، وكانت في الغرفة الثانية من الجناح الخامس بسجن عدرا ولم تكن تختلط مع بقية المعتقلات  وضم السجن أيضاً -بحسب المصدر- صيدلانيات ودكتورات ومحاميات وطالبات جامعة وإحداهن كانت صديقة ابنتها في جامعة دمشق، والكثير من المعتقلات اللواتي تشبه قصصهن قصتها.

وكشفت هلال وهي أم لشابين وثلاث بنات أن عدد المعتقلات بتهم الإرهاب في سجن عدرا تجاوز 1100 فتاة وسيدة وما تبقى 1200 أُودعن بجرائم متنوعة ما بين قتل وسرقة وتزوير ودعارة مشيرة إلى أن الكثير من المعتقلات بتهم الارهاب لم يكن لهن علاقة بالثورة ومنهن عجز ومسنات ومعوقات تم اعتقالهن بهدف تسليم ابنائهن أو أزواجهن أو إخوانهن  لأنفسهم.

أمضت "أم عبيدة" في سجن عدرا سنتين وتم نقلها مع مجموعة كبيرة من المعتقلات إلى مقر حزب البعث وسط دمشق وتم إطلاق سراحها  بتاريخ 24/6/ 2017 وكانت ليلة عيد الفطر لتعود إلى بلدة الدار الكبيرة  بريف حمص الشمالي حيث تقيم عائلتها، وبعد سنة من المكوث هناك اضطرت للخروج مع عائلتها مع من خرج بالتسويات التي شهدها الريف الشمالي آنذاك إلى ناحية "خرابة شران" في منطقة عفرين، ونظراً لأنها تسكن قرب مخفر شران التابع للأتراك تقدمت للإشتراك في دورة  للشرطة النسائية ونجحت بالاختبار ليتم تعيينها كضابط أمن برتبة ملازم في بلدة  شران.
هلال من حمص، بجورة الشياح.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(747)    هل أعجبتك المقالة (755)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي