أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

صحيح، الكلاب أحسن منكم ... عدنان عبد الرزاق*

هل سمعتم بكلب يسكت على الجوع والبرد والإذلال؟

بعد صمت سوريي الداخل ومحاولات إلهائهم بـ"التحرير وطرد الإرهابيين" للتغطية على أوجع جرائم العصر بإدلب، خرجت الفنانة ناهد الحلبي لتقول على إذاعة "نينار اف ام" إنها ومن معها بحضن الوطن، يعيشون "عيشة الكلاب" ومن ثم تستدرك "الكلاب تعيش أفضل منا".
ولأن صوت سوريي الأسد قد خفت، بعد موجة من التشكي على سوء المعيشة والمحاولات العلانية، للإفقار والإذلال، وجدنا بتصريح الفنانة الحلبي خبراً.

وعلى ذكر الكلاب والخبر الصحفي وناهد الحلبي، ثمة مقولة بأدبيات الإعلام، يعلمونها لطلاب الصحافة، كألف باء تصنيف الحدث خبراً "إذا عض كلب رجلا، فهذا ليس خبراً، أما أن يعض رجل كلباً، فهذا هو الخبر".

ومنه يمكننا القياس، إن عاشت الكلاب عيشة الحلبي، فهذا ليس خبراً، وأما أن تعيش الحلبي ومن في صفها عيشة الكلاب، فهذا خبر ورئيس ويؤخذ بصفحة أولى بأي جريدة تسعى للتميّز..وهاكم الأسباب.

أولاً، هل سمعتم بكلب يسكت على الجوع والبرد والإذلال، ويستمر بالنباح إلى جانب سيده، الأرجح لا، قد يتبعه ليأكل على مبدأ الأسد الأب "جوّع كلبك يتبعك" لكنه وعلى الأرجح، لن يدافع عنه ويرى بطرائق التجويع والإذلال، حكمة ورؤية استراتيجية، من شأنها هزيمة المؤامرة الكونية... لكنكم تجوعون وتمارس بحقكم جميع أنواع التحقير، وجلكم، إن لم أقل جميعكم، تنبحون بحمد صاحبكم، وإن خرج بعضكم عن طوره الكلبي، إنما ينبح على وزير أو مدير شركة، ويرى بصاحبه "كويس ولكن من حوله عرصات".

ثانياً، للكلب، أي كلب، قدرة على التحمل، فإن بالغ سيده بالاحتقار، لا يستبعد أن يعض الكلب صاحبه أو يخرج مع زملائه الكلاب للاحتجاج، ولا يستبعد أن يكسر الكلاب أبواب المصارف ومخازن الأطعمة ويخربون مزارع من يستغلونهم ويعيثون بممتلكات من يستعبدهم، وذلك رغم أنهم كلاب، فهلا فعلتم فنانتنا العزيزة.

والأهم بالقضية التي تؤكد بالوقائع، أنكم لم ولن ولا يمكن أن تصلوا مصاف الكلاب، وهنا لا ألمّح للوفاء الذي يمتاز به الكلاب، بل لمراتب أدنى، قبلتم بها ولم يذكر التاريخ، أن حيواناً فعلها، بمن فيهم الخنازير والعقارب.

هل مرّ عليك فنانتنا ولو في "بنات آخر زمن" أن كلباً قبل بإبادة البشر أمام عينيه لأنهم تمردوا على التجويع والتركيع وكبت الحريات، بل ونبح تأييداً للمجرمين وتبريراً لجرائمهم التي لم تبدأ من "البيضا" و"الحولة" وكيماوي "الغوطة"، وأكيد لن تنتهي بقتل وتهجير أهل "إدلب" وضيوفها.

وهل رأيت مشهداً، درامياً أو سينمائياً، عبر مسيرتك لنصف قرن، أن مخرجاً، إيرانياً أو روسياً، قامر خلال مسلسل أو مسرحية، على الضغط على الكلاب ولعشر سنوات، ليخرج بمشهد ختامي، يحقق مصالح المنتج ويتجاهل انصياع الكلب للدور أو لا يأخذ بالاعتبار، احتمال نباحه أو خروجه عن النص، لأنه ذليل وجائع.

أعتقد، تاريخياً وفنياً، لم تري ولم نسمع نحن، إلا في حظيرة الأسد التي ضمن وضاعة كلابها وأوغل باستعبادهم وتجويعهم. فكيف تتجرئين على الكلاب وتشبهين نفسك ومن حولك بسوريا الأسد، بهم.

نهاية القول: قلنا يا فنانة، وجدنا بكلامك خبراً، رغم أن حضرتك ربما، من أشجع كلاب الأسد، فقد حكيت على "البطاقة الغبية" ونفاد وغلاء حوامل الطاقة والفجوة الهائلة بين الدخل والإنفاق، بيد أننا، ونتمنى على حضرتك سعة الصدر والرحابة، وجدنا فيك كلباً مدجناً، فرغم أنك حكيت..لكنك أشرت إلى ما دون صاحبكم ومجوعكم ومذلكم، وهذه ليست للكلاب المجوّعة المذلّة من صفات.

*من كتاب "زمان الوصل"
(334)    هل أعجبتك المقالة (342)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي