أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أسرار "كورونا".. وماذا عن مصر والعراق مثلاً*

ماذا لو دخل شخص واحد من الصين إلى مصر أم الـ 90 مليوناً؟

حتى اليوم لا مكان لمقارنة فيروس "كورونا" الصيني بجوائح قاتلة عبر التاريخ ذهبت بملايين البشر، فمجمل الإصابات حتى مطلع فبراير 2020 لا يتعدى 12 ألفاً، مع عدد قتلى يزيد عن 300 بقليل.

الجديد في حالة "كورونا" أن الميديا الحديثة باتت بالمرصاد لكلّ تفصيلة في الحياة الاقتصادية أو السياسية أو الصحية في العالم، وهذا يساعد في التوعية لكنه عامل مهم في تدمير اقتصادات دول في حال رغبت قوى كبرى استثماره في الصراع.

يشير التاريخ إلى أن العالم شهد أمراضا وجوائح قتلت الكثير من الخلق، فالطاعون الأنطوني قتل 5 ملايين شخص ودمر الجيش الروماني عام 165 ميلادية، واستمر نحو 15 عاما، كما أتى طاعون جستنيان على 25 مليون شخص في عهد الامبراطورية البيزنطية عام 541 ميلادية.

أما الطاعون الأسود فقتل أكثر من 75 مليوناً في أوروبا وآسيا وأفريقيا بين عامي 1346 و1353 بعد انتشاره عبر براغيث السفن التجارية.

ومن الصين نفسها انتشر فيروس الأنفلونزا (أ) عام 1956 ليقتل على مدى عامين نحو 2.7 مليون في أمريكا وحدها، كما فتك فيروس هونغ كونغ بنحو مليون شخص بعدها بنحو عقد من الزمن.

أضف إلى ما سبق هناك العشرات وربما المئات من الجوائح منها ما تم تأريخه ومنها ما وردت أخباره دون تفاصيل، مثل طواعين لندن وفيينا ومرسيليا وروسيا وغيرها.

"كورونا" الذي لا تتجاوز نسبة الوفاة بين مصابيه 2 بالمئة يشبه كلّ ألاعيب العصر من الهجمات السيبرانية، إلى حرب السوشال ميديا وخطاب الكراهية المفتعل، إلى اقتصاد الشبكات والتجارة الإلكترونية.

وتبدو الصين اليوم دولة معزولة عن العالم ما يؤثر في اقتصادها بل في موقعها كمنافس للولايات المتحدة، وهي فرصة ذهبية لتدمير هذه الامبراطورية لو تقرر الاستثمار بالفيروس لفترة أطول، ولا أحد يعرف بعد النتائج الكارثية على التنمية الاقتصادية والصادرات والصناعات في ثاني أكبر اقتصادات العالم، فالصيني الذي يعطس في مقاطعة "خوبي" تزكم مقابله شركات نفط وخطوط طيران ونقل في مقاطعات ودول أخرى.

أمس مررت بأحد المطاعم الصينية في المدينة التي أسكنها في فرنسا لأجده مغلقا مع لافتة تشير إلى إجازة مؤقتة، وينسحب هذا على مئات آلاف المطاعم والمتاجر الصينية، وهذا ينعكس سلبا على الاقتصاد الفردي وقطاع المشاريع الصغيرة للجاليات الصينية في أنحاء العالم.

وفي نفس المدينة اشتكى طلاب السكن الجامعي من وجود زملاء لهم من الجنسية الصينية الذي يأتون حاملين مخزونا من طعامهم، حيث اضطرت إدارة الجامعة لأخذ عينات من تلك الأطعمة وتحليلها استجابة لحالة الرعب مع ما ينتشر من أخبار لم تتأكد صحتها حول حساء الخفافيش والأفاعي والقطط والكلاب وأدمغة القرود التي يأكلها الصينيون واجتاحت أخبارها مواقع التواصل الاجتماعي.

ليس معلوما بعد موعد انحسار موجة انتشار الفيروس، كما تتحدث بعض مراكز البحث الطبي عن أشهر للوصول إلى لقاح يعالج هذا النوع من الأنفلونزا، وربما يسود التشاؤم عندما يتحدث معهد باستور الفرنسي مثلا عن 20 شهرا كمدة محتملة للوصول إلى اللقاح.

صحيح أن "كورونا" استطاع النفاذ إلى أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا ودول عربية، إلا أن كل ما ينشر من معلومات يشير إلى رغبة بعدم الإيضاح والإفصاح في وقت قريب جدا، وربما يعزز هذا فرضية أن يكون الفيروس مناسبة جيدة لهزّ صورة الصين لا يجب تفويتها.

مع كل ما سبق لا يجب الاستهتار والتساهل في الوقاية من المرض، لكن من يقول للناس العاديين ما يمكنهم فعله غير القلق وغسيل اليدين وتجنب المصابين بالأنفلونزا مهما كان نوعها، مع الانتباه إلى ارتفاع الحرارة.. لا أحد !!.

طيب.. ماذا لو دخل شخص واحد من الصين إلى مصر أم الـ 90 مليوناً، والتي تحتل المرتبة 18 في ذيل القائمة بين الدول الأسوأ بنظامها الصحي في العالم حسب تصنيف دورية "غلوبال بيرسبيكتيف" المتخصصة بأبحاث ودراسات الرعاية الصحية، وماذا عن العراق الذي يليها في الترتيب حسب ذات المصدر، ومن ذا الذي يؤكد أن الدول المتقدمة وحدها من يدخلها المصابون قياسا لقدرتها على المراقبة والتحليل حسبما تورد إحصاءات الإصابة.

*علي عيد - من كتاب "زمان الوصل"
(282)    هل أعجبتك المقالة (263)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي