أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الخطأ الفرنسي الذي أنقذ الأسد... مزن مرشد*

مهجرة من ادلب - جيتي

كان من الممكن لفرنسا أن تغير مسار الصراع السياسي السوري، خاصةً استخدام الأسد للسلاح الكيماوي المحرم دولياً في آب أغسطس 2013.

تحمس الرئيس الفرنسي آنذاك فرانسوا أولاند متحمساً لضرب الأسد، ووضع حد للمأساة السورية، لكن المجتمع الدولي حال دون ذلك، فقد كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما غير حاسمة باتخاذ القرار، ولا بالسماح لسواها بتنفيذ الخطوة، ما ترك الأمور مفتوحة لتفاقم الوضع، وخسارة المعارضة السورية بعضاً من المناطق التي سيطرت عليها سابقاً، ما بدا واضحاً للأسد أن لا حساب ولا رادع له، ليفرط باستخدام العنف.

فرجحت كفة التفوق العسكري له مع إحجام القادة الغربيين عن تسليح المعارضة السورية بالأسلحة النوعية والمضادة للطيران، مبررين ذلك بعدم رغبتهم بإنتاج أفغانستان أخرى، خاصةً مع انجراف الثورة السورية نحو الأسلمة، وفقد كان الخوف من التشدد الإسلامي بوصلتهم الوحيدة في التعامل مع القضية السورية.

وبالطبع كانت فرنسا جزءاً لا يتجزأ من هذه الدول، وتحديداً بعد وصول الرئيس الشاب ايمانويل ماكرون إلى كرسي الرئاسة.
وجاء التدخل العسكري الروسي في الحرب بعد أقل من عامين على هجمات النظام الكيماوية، ليزيد الطين بلة ويقلب المعادلة على الأرض رأساً على عقب لصالح الأسد.

عدم ضرب النظام في آب أغسطس/2013، وعدم المضي بتسليح المعارضة السورية لم يكن الخطأ الوحيد الذي ارتكبته فرنسا بتعاملها مع الوضع السوري، بل كان واحداً من أمور أخرى كثيرة خلال كل هذه السنوات، فعلى سبيل المثال فرنسا لم تتعامل فرنسا بجدية أو حزم مع القيادة الروسية في الملف السوري فكانت مساحة المناورة السياسية مع موسكو محدودة للغاية ولم تستطع  الدبلوماسية الفرنسية أن تملاً الفراغ السياسي الدولي الذي كان واضحاً تخليه عن الحسم في الملف السوري، وتردد الولايات المتحدة في أي التزام على الأرض.

الرئيس أولاند ووزير خارجيته فابيوس اتخذوا على الأقل موقفاُ مشرفاً بقطع العلاقات مع الأسد، وإن لم يستطيعا تغيير مسار الأحداث على الأرض، كانا يعتقدان أن حرباً متوسطة من شأنها إضعاف النظام وإجباره على التفاوض، قد يمهد الطريق أمام الحل السياسي في البلاد، والامتثال لقرارات الأمم المتحدة، لكن الدعم الروسي للنظام جعل كفة التفوق العسكري تميل لصالحه بدلاً من الضغط عليه، وهو ما أراه اليوم من وجهة نظري  نوعاً من السذاجة السياسية الفرنسية، وعدم دراية كافية بطبيعة النظام السوري وتفاصيل الدعم الروسي على الأرض، ولا أنكر أن الانقسامات التي شهدتها المعارضة السورية، والاقتتال تحت رايات متعددة، كان له الدور الأكبر بإضعاف مسار الثورة، وخسارة داعميها الدوليين يوماً بعد آخر، وإعطاء الأسد وداعميه الوقت والفرصة لاستعادة الكثير من المناطق الخارجة عن سيطرته.

هُزمت الإنسانية في سوريا، هُزم المجتمع الدولي كطرف نزيه في حل النزاعات، وعادت روسيا بقوة على الخارطة السياسية العالمية من خلال تدخلها في سوريا واستلامها وحدها لزمام الحل، وظلت تستهدف المدنيين والمشافي في المدن السورية، دون أي اعتراض أو استنكار من أي طرف دولي، وما نشهده في إدلب الآن يجعلنا شبه واثقين أن الدول الضامنة كانت متفقة بشكل كامل على كامل السيناريو الذي نتابعه اليوم من فصول التغريبة السورية.

فهل أخطأت  فرنسا بعدم ضربها للأسد في عام  2013؟ وهل كانت خطوتها تلك ستغير فعلاً ظروف الصراع وخواتيمه؟ سؤال سيبقى برسم المجهول وسنبقى نحن ننتظر الضوء في آخر النفق لحل قضيتنا وكيف ستنتهي.

*من كتاب "زمان الوصل"
(181)    هل أعجبتك المقالة (207)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي