مرّ يوم أمس على الأمة المستباحة كباقي أيام الذل والضياع دون أن يلتفت أحد منهم إلى ما يجري في فلسطين المحتلة من توافد لزعماء العالم المتمدن ومناصريه لإحياء ذكرى (الهولوكست)، والعويل البشري على مذبحة اليهود الكبرى التي يستثمرها الصهاينة لاستجلاب مال الدم والتعاطف الدولي.
الشعار الذي تم رفعه قرب جدار الفصل العنصري (تذكر المحرقة..محاربة العداء للسامية)، وأما الحضور فهم زعماء العالم المفتونين بالمظلومية الكبرى، والذين جاؤوا لتلمس جدار المبكى وعادة تأثيم الذات، ومن بينهم الزعيم الروسي بوتين ورؤساء فرنسا وألمانيا وإيطاليا والنمسا..وكل أوروبا العجوز، وزعماء من أمريكا الشمالية، وآخرون محايدون لنيل براءة الدم.
كل هؤلاء قرب جدار الفصل العنصري حيث تتم محرقة الفلسطيني وعزله وخنقه دون أن يلتفت أحد منهم إلى تسجيل همسة استفهام عما يجري خلفه، ومن هم البشر المحاصرون والمنبوذون والمخنوقون الذين يدفعون ثمن نواح العالم على فرضية ذاك اليهودي المحروق في معسكرات النازية وفرن هتلر الذي ما زالت ناره متقدة حتى الآن.
ليس مهماً ما يراه كل هؤلاء الزعماء، والأقربون أولى بالرؤية والصراخ، والأقربون هم ولاة الدم وأهله، وهم في صمتهم وذلهم غارقون، ولهذا ستنشر الشاشات العربية الكبرى خبر اجتماع محاربي العداء للسامية على أنه حدث عادي كما لو أنه ندوة فكرية أو ثقافية، ولن يجد المعدّون والمراسلون ما يمكن أن يقال من علية أقوام العرب ومثقفيهم ربما باستثناء مثقف بائس منبوذ بات في حكم المدافعين عن قبائل انتهت أو تمت إبادتها وحذفها من التاريخ، وكما لو أن سكان جوار الجدار هنوداً حمراً، أو قبيلة من آكلي لحوم البشر في غابة منسية.
في نفس اللحظة لن يتساءل أنصار حلف الممانعة الذين يريدون الموت لإسرائيل ع سر تواجد حليفهم الأكبر فلاديمير بوتين في القدس، ولن يستغربوا هذا الاحتفاء الصهيوني بفخامته، وكيف يمكن أن تكون قدمه المباركة هنا تنعي محارق اليهود المظلومين، وقدمه الأخرى تدهس جثث أطفال سوريا في كل بقعة من البلد الذي يقع على مرمى حجر من بلد محتل آخر هو ما تسعى إليه قوافل الممانعين العرب.
ثمة فصام كبير في عقول أولئك الملتفين حول هتافات الانتصار لإيران والأسد في هذا المحيط العربي، وثمة عماء أبدي في رؤيتهم لطبيعة الصراع مع الشعوب العربية التي ثارت على طغاة أورثوهم الذل والاحتلال، وإلا كيف يستوي أن تكون ممانعاً هنا وعميلاً رخيصاً هناك.
ما زالت قطعان الشبيحة والقومجيين يرون في بوتين داعماً لقضاياهم، وفي إيران ونظام الأسد وميليشيات الثأر الطائفي مشاريع نضال ضد الصهيونية والإمبريالية، وفي الشعوب بقايا إرهاب أصولية ضالة يجب إعادتها لحظيرة النباح الثوري، وأن تدفع من جوعها أثمان صواريخ التوازن العسكري التي تشتريها من كبير الحلفاء الذي يقرأ في القدس تراتيل الندم على هولوكست العصر.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية