دشن أحد تجار الحرب في سوريا مشروعاً جديداً في تركيا يُضاف إلى امبراطوريته الاقتصادية التي كّونها على وقع حصار المدن السورية وآلام أهلها.
وأفاد ناشطون بأن "محي الدين المنفوش" شريك ضباط النظام وبعض قادة الغوطة سنوات الحصار ما بين 2013 -2018 افتتح مصنعاً للألبان في ولاية "صقاريا" شمال غرب تركيا برأسمال قدره 25 مليون ليرة تركية وبمباركة ودعم من وزير الزراعة التركي "باكيرباك ديميرلي" المنتمي لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم الذي زار المصنع وأثنى على "المنفوش" واصفاً إياه بـ"المستثمر النظيف" الذي سيجلب "الخير" لتركيا والمنطقة.
وينتمي "محي الدين المنفوش" إلى عائلة ثرية في مدينة "مسرابا" بالغوطة الشرقية، وهو الأخ الأكبر والعقل المدبر لإخوته في التجارة، وخاصة تجارة الألبان والأجبان، وحمّله ناشطون مسؤولية ما جرى من حصار وجوع لأهالي الغوطة الشرقية منذ سنوات من خلال تحكمه باقتصاد المنطقة، بالتعاون مع حواجز النظام ومنع إدخال أي مواد تحتاجها إلا عن طريقه، حتى وصلت الأسعار إلى حد غير مسبوق لها فتضاعفت عن باقي المناطق.
فيما تراكمت ثروته إلى رقم خيالي، ووصفته صحيفة "The Economist" مؤخراً بأنه قد بنى مملكة من المال عن طريق تجارة الأجبان. مضيفة أن هذا الرجل كان يمتلك 25 بقرة قبل الثورة في سوريا، أما الآن فلديه على حد تعبير الصحيفة "ميليشيا" من الأبقار يبلغ عددها 1000 بقرة، ويدير شركة للأجبان صارت منتجاتها توزع في كل مكان من العاصمة دمشق.
وروى الناشط "محمد بسام" لـ"زمان الوصل" أن المنفوش كان يتعامل مع النظام ويصدر الأجبان والألبان إلى دمشق ويُدخل بالمقابل أعلافاً لمشاريع الأبقار التي يملكها وجزء منها يبيعه للمحاصرين بدلاً عن الرز والبرغل التي كانوا يشترونها ويأكلونها لعدم توفر بديل عنها.
وكشف المصدر أن سيارات "المنفوش" كانت تدخل من خلال نقطة تفتيش تُعرف باسم "معبر المليون"، ويعتقد سكان المنطقة أنها تُخرج 5000 دولار كل ساعة في صورة رشىً تُدفع للجنود القائمين عليها في الوقت الذي لم يكن يُسمح لغيرها بالدخول، وكان يشتري الطريق من النظام بإتاوات مرتفعة جدا حتى وصلت ذات مرة إلى 2000 ليرة سوري لكل كيلو، فإذا كان كيلو السكر بـ 1000 مثلاً يضيف عليه 2000 إتاوة و500 مربح فيباع للتاجر بـ 3500 والتاجر يبيعه بأرقام خيالية دون رقيب أو حسيب.
وأكد محدثنا أن "المنفوش" كان يُلزم المحاصرين بشراء نوع معين وبكمية ثابتة، وعندما كانت مخازنه مليئة بالمواد الغذائية كان كيلو السكر بـ 200 ليرة وبعد أن أُغلق طريق الغوطة بات أقل سعر له 2500 ليرة.
وأعرب "بسام" عن اعتقاده بأن محتكر تجارة الألبان كان واجهة لبعض المسؤولين والمتنفذين في النظام، وربما يكون شركاؤه بعض الضباط في مخابرات النظام بالتعاون مع مجلس المحافظة الذي لم يحرك ساكناً، بل سكت أعضاؤه عن ممارسة الاحتكار ومساعدة الحواجز له طوال سنوات الحصار الذي عانته الغوطة الشرقية.
وكشف المصدر جوانب من دور "المنفوش" في حصار الغوطة، حيث أخرج الرز المسوّس والملح الذي كان مليئاً بالمازوت وبدأ يبيعها على دفتر العائلة لكل دفتر خمسة كيلو بسعر 700 ليرة للكيلو الواحد، وتابع إن بعض أهالي الغوطة كانوا يمدحون كرمه فيما اكتشف آخرون فساده وتوزيعه للمواد الغذائية الفاسدة دون أن يخسر وبسعر 3 أضعاف ما كانت عليه قبل تخزينها.
واعتاد "المنفوش" على التمييز في ثروته بين بلدات الغوطة فما كان يبيعه بأسعار منخفضة لأهالي مدينة "مسرابا" التي ينحدر منها وبشكل شهري فقط كان يبيعه بأسعار مضاعفة لأهالي باقي البلدات.
وكان الرأسمالي الأول في الغوطة الشرقية -كما أطلق عليه ناشطون- يتاجر بأموال التجار ويدخل لهم بضاعة ويأخذ مرابحها منهم فوق مرابح التجار مما أثر على ارتفاع أسعار المنتجات وكانت سياراته مليئة بكل الأصناف والأنواع ولكنها تباع بأرقام خيالية لا يستفيد منها إلا قادة الفصائل والتجار أمثاله.
وأشار "بسام" نقلاً عن صديق له كان يعمل لدى "المنفوش" أنه لم يكن يحب كثرة العمال وكان يرهق العمال ويحمّلهم ما لا طاقة لهم به مقابل رواتبهم، مضيفاً أن هناك أكثر من 20 عاملاً تركوا العمل لديه لإصابتهم بالديسك لهذا السبب.
وعبّر أحد الأشخاص الذين يعرفون "المنفوش" قائلا إنه "يسبح مع أسماك قرش، ولا يعرف متى سينقض عليه النظام، ولكن هذا حاصل لا محالة وسيبصقون عليه حين لا يعود له نفع، كما حدث تماماً مع غيره من الحيتان الكبيرة المحسوبة على النظام في الحرب السورية".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية