عنونت الصحف الاسبانية أخبار "تحطيم الإمبراطورية المالية " لرفعت الأسد، شقيق حافظ الأسد عبر جلسات قضائية، والاستماع لشهود على الجرائم التي ارتكبها، ليصدر القضاء الاسباني أحكامه بمصادرة بعض من أمواله وممتلكاته في اسبانيا.
فيما قال رئيس "المركز السوري للأبحاث والدراسات القانونية" المحامي "أنور البني" إن ثمة وعودا من القضاء الإسباني "بالعمل ألا تذهب الأموال المصادرة إلى نظام الأسد، وإبقائها لحين قيام حكومة سورية شرعية".
ودعا "البني" خلال حوار "زمان الوصل" إلى استثمار الفرصة لملاحقة القتلة والمجرمين، من خلال تعزيز ثقافة القصاص منهم، حيث تسمح القوانين الأوروبية، ونمد أيدينا بالدعوة لكل صاحب حق من خلال عمل مركزنا أو بالتوجه مباشرة للمحاكم الأوروبية".
وحسب وسائل إعلام إسبانية فإن المبالغ المصادرة تجاوزت 600 مليون دولار إضافة لعديد من الممتلكات وتهم الاتجار بالمخدرات والاستيلاء بالقوة على ممتلكات أثرية سورية".
وكان المجلس القضائي الوطني الأسباني قد فتح تحقيقا في قضية تبييض الأموال من قبل رفعت الأسد.

وجمدت السلطات الإسبانية الحسابات المصرفية لـ16 شخصاً و76 مؤسسة مرتبطة باسمه، كما أجرت أعمال بحث في ممتلكاته في مربية وبويرتو بانوس. وبالتزامن، احتجزت السلطات الفرنسية في آذار مارس/2017 منزلين تابعين لرفعت الأسد يقعان في المنطقة الـ16 الغنية بباريس، وذلك بعد انتهاء التحقيق في وقائع سرقة أموال الدولة وتبييض الأموال التي حصل عليها نتيجة مخالفة قانون الضرائب.
وقال البني إن التوقيت له علاقة بتوفر الأدلة والشهود وقناعة القاضي وليس لظروف سياسية".
فيما يلي نص الحوار:
- من حيث انتهت أولى جلسات محاكمة "رفعت الأسد" بباريس هل هناك مدعون سوريون؟
* بالتأكيد جزء من الادعاء لسوريين، لأنه بالأساس التحرك ضد رفعت الأسد يعرف بجرائم تبييض أموال كنتيجة لتحرك السوريين، قبل ذلك كان الملف فقط تهرب ضريبي، بعد تقديم ادعاء السوريين بأن الأسد مع مجموعته من سرايا الدفاع استحوذ عنوة على أراضيهم وفيها آثار تاريخية، فأصبح أمام فعل جرمي جديد.
- لماذا برأيك تحركت فرنسا الآن هل من دلالات سياسية أم القضية قانونية محضة؟
* فرنسا لم تتحرك الآن، كما يروج، السياسيون لا يتحركون وليس لديهم إمكانية التحرك أمام القضاء، يمكنهم الإدانة الأخلاقية، إحالة الملف للقضاء يحتاج أدلة وإثباتات وشهود، وهذا ما تم الآن ولم يقم أحد سابقا بتقديم هذه الملفات للقضاء الفرنسي ليتحرك، وهذا ما حصل في اسبانيا، السوريين هم من دفعوا بتحريك الملف والدفع بإصدار القرار الاتهامي بحق رفعت الأسد.

-في اسبانيا ما هو نوع القضايا المرفوعة على رفعت الأسد؟
*حزمة واسعة من التهم تبدأ بالإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي، وتبيض أموال، ونهب واختلاس أموال لسوريين، ولذا فالقضاء الإسباني، سبق أن أصدر قرارا قبل عامين بمصادرة ما يزيد عن 600 مليون يورو من الأصول المرتبطة برفعت الأسد في إسبانيا، وتهم تبييض أموال واختلاس المال العام في سوريا".
- هل متاح اطلاع الناس على بعض الشهادات والشهود ورواياتهم خلال تحضيراتكم للادعاء؟
*هناك شهود في اسبانيا وفرنسا، من تم سلب أموالهم، منها أراض في شمال حلب تعود لجد أحد المدعين، وابنة مالك بناء الفرسان في حي - أبو رمانة- الذي سلبه رفعت من مالكيه، والعديد من الشهود الذين كانوا مجندين لديه، وممن عاصروا رفعت، ويعرفون حجم الجرائم التي ارتكبها في سوريا لجهة المجازر التي شارك بها، وسرقة ونهب الآثار وسلب الأراضي، وتهريب المخدرات والسلاح عبر المعبر غير الشرعي في اللاذقية.
-هل تلقيتم وعودا بالإبقاء على الأموال المصادرة لصالح الشعب السوري؟.
*في اسبانيا تلقينا وعودا بالإبقاء على المصادرات التي تعود لشعب السوري، بانتظار انفراجات، تتعلق بمستقبل سوريا وحكوماتها الشرعية، وعموما هذه الوعود قضائية وليست تنفيذية، لكنها مطمئنة للسوريين ولا تضيع حقوقهم ونضالهم.

-ما الفرق بين الدعوتين بحق رفعت بين فرنسا وإسبانيا؟
*أول ما تحرك الادعاء في فرنسا، ثم أحيل الملف لإسبانيا، لأملاكه هناك، أقصد رفعت الأسد- مما دفع القضاء الإسباني، للتواصل معنا ومع الشهود للاستماع على جرائم الأسد المرتكبة، وبالتالي صدر القرار الاتهامي بداية، وكذلك في الملف الفرنسي ساعدنا بتقديم الشهود، والأدلة والإثباتات وبالتالي صدر القرار الاتهامي الذي نتابعه جميعا، وأعتقد أن إسبانيا ستبدأ إجراءات المحاكمة بداية العام القادم.
- في جنيف هل هذه أول دعوة بحق رفعت كمجرم ضد الإنسانية؟
* في سويسرا تم تحريك الملف في 2014 بجرائم ضد الإنسانية عن جرائم حماة ومجزرة سجن تدمر، وليس على صعيد الأموال، باعتبار إقامة رفعت هناك، وتم استجوابه عام 2016 ولم يتم توقيفه، لعدم وجود شهادات إدانة كافية، على صلته بهذه الجرائم، ثم تم دعم الملف بعدد من الشهود منذ عام 2017 وحتى الآن وما زلنا نحاول دعم الملف، بمزيد من الشهود لدفع قرار القضاء السويسري بإيقافه بجرائم ضد الإنسانية.
- هل دور مركزكم صلة وصل بين المدعين والقضاء أم يمثل جهة ادعاء؟.
*أحيانا أبعد من الشهادة، وصلة الوصل، وتجميع كامل الملف ودفعه أمام القضاء، فانا شخصيا تقدمت، بتصور أمام القضاء الإسباني، يبين كيفية القوانين السورية وآلياتها، التي تمنع من محاكمة مثل رفعت وغيره، إضافة لشهادتي حول جرائمه التي ارتكبت في حماه باعتباري كنت هناك، وأحيانا نذهب للتنسيق مع الشهود وتقدير قيمة شهاداتهم وصحتها، قبل أن نقدمها للقضاء لاعتمادها.
-من غير رفعت عليه دعاوى قتل ممنهج وفي أي دول ؟.
*منذ عام 2017 هناك العديد من القضايا المرفوعة أمام القضاء الأوروبي أربعة قضايا في ألمانية واحدة في النمسا ومثلها في السويد والنمسا وفرنسا وجميعها تتهم مسؤولين عاليي المستوى بمن فيهم بشار الأسد وماهر وعلي مملوك وجميل حسن تستهدف حوالي 60 مسؤولا أمنيا وصدرت مذكرات توقيف دولية بحق عدد من المتهمين، ما سرب منها للإعلام مذكرات توقيف بحق علي مملوك وجميل حسن وعبد السلام محمود".
-الادعاء حصرا في البلدان الأوروبية للسوريين المقيمين أو المجنسين؟.
*المشكلة أننا نتحدث عن جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب وبالتالي تعريفها أنها أصابت آلاف الناس من الضحايا، وبالتالي لا يمكن لضحية واحدة التقدم بالادعاء بجريمة ضد الإنسانية، من هنا المسألة تتعلق بتجميع الشهادات لبناء ملف مكتمل الأركان ومثبت مع أركانه بسلسلة الأوامر.
- هل يحق الادعاء أو الشهادة لسوريين يقيمون في دول اللجوء المجاورة لسوريا، وهل يمكن للمحاكم الأوروبية استدعاءهم للشهادة أو الادعاء؟.
*للأسف يجب أن يكونوا مقيمين في أوروبا، ليتقدموا بالادعاء، أو الشهادة، ولكن هذا لا ينفي أن أهمية الشهادة ونوعيتها وقوتها وصدقتيها مثبتة بالوثائق تساعد في طلب القاضي للشاهد للحضور والاستماع له وبالتالي إمكانية تحصيل فيزا لحضوره من بلدان الجوار السوري.

- هل يحق الادعاء على قتلة من خارج سوريا كالروسي أو الإيراني مثلا وميليشاتهم؟.
* من حيث المبدأ يمكن الادعاء على المجرم الروسي، الذي يمارس القتل على الأرض، كجريمة حرب، وليس جريمة ضد الإنسانية، وجرائم الحرب يمكن الادعاء بها، إذا كان مجرم الحرب مقيما داخل الاتحاد الأوروبي، أما جرائم ضد الإنسانية، فهي ترتكب من قبل أنظمة، وليس أشخاصا، وبالتالي بتنا نحتاج لإثبات أن الروسي الذي ارتكب الجريمة، تم من خلال توجيه الأمر من الرئيس الأعلى، وبالتسلسل وصولا لرئاسة النظام، والبرهنة والإثبات أنها سياسة واسعة النطاق وممنهجة، وألحقت الأذى بأكبر قدر من المتضريين، وهذا شبه مستحيل في الراهن، سواء لجهة الروسي أو الإيراني، وإن كان ذلك ممكنا مستقبلا".
-ما هي رسالتكم لذوي الضحايا ونصائحكم بأي اتجاه عليه التحرك؟.
*أوجه النداء لجميع السوريين، أن العدالة يجب أن تكون الهدف المنشود للجميع، وحتى تكون العدالة التي نطمح إليها كاملة، وهنا يجب العمل معا لحصر وتحديد المجرمين وتجميع الإثباتات.
أدعو لتوثيق الشهادات، وحفظها وتزويدنا بنسخة من هذه الوثائق، لتكون جزءا من الملفات التي يمكن تقديمها الآن أو مستقبلا في سوريا،حتى لا يكون من كان مجرم حرب أو مجرما ضد الإنسانية، خارج إطار المحاسبة.
محمد العويد - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية