تنفس اللاجئ السوري "زاهر سلامة" الصعداء بعد إلغاء قرار ترحيله مع عائلته و6 عائلات أخرى إلى سوريا بحجة أن البلاد أصبحت "أكثر أمنا"وهو القرار الأول من نوعه الذي اتخذته الدانمارك دون دول الاتحاد الأوروبي الأخرى تماشياً مع سياستها الجديدة حيال اللاجئين السوريين، خاصة مع صعود اليمين المتطرف واتفاق حكومة يمين الوسط مع حزب الشعب الدنماركي المتشدد على "القانون 140" الذي يسعى إلى إعادة اللاجئين إلى أوطانهم، وأعلنت دائرة الهجرة في 27 شباط/فبراير الماضي في بيان لها أنها ستختار عدداً من الملفات من أجل تقييم ما إذا كان لا يزال هناك أسباب لمنح تصاريح الإقامة للسوريين، خاصة للقادمين من محافظة دمشق التي تقع تحت سيطرة النظام السوري.
وكان سلامة وهو من مواليد حي "باب تدمر" في حمص 1971 قد لجأ إلى الدانمارك في آب أغسطس/2015 هرباً من الحرب وبعد تعرضه لثلاث تجارب اعتقال، ونال الحماية المؤقتة لمدة سنة وبعد محاولة تجديد الإقامة للمرة الثانية في شباط فبراير الماضي فوجئ -كما يروي لـ"زمان الوصل" بإيقاف إقامته واستدعائه لتحقيق جديد من أجل إعادة النظر بقضية لجوئه، لأن سوريا باتت آمنة -حسب زعمهم- مضيفاً أنه أجرى مقابلة في مركز اللجوء Sandhølm، وفوجئ أن هناك 6 عائلات غير عائلته مهددة بالترحيل إلى سوريا على سبيل التجريب ومعرفة مصيرهم- وتابع أن السلطات الدانماركية اتخذتهم حينها كحجر الدينمو إذا سقط حجر يسقط الباقون، حسب تعبيره.
بعد ذلك تم تحويل ملف السلامة إلى المحكمة العليا للاجئين højesteret. وروى محدثنا أنه تواصل حينها مع الصحفي "دحام الأسعد" الذي يعمل مع قناة "فرانس 24" الإخبارية والصحفية الدانماركية "كارولينا كاميل" المقيمة في تركيا اللذين تبنيا قضيته ودعماه.
وأنجز "الأسعد" فيلماً وثائقياً بعنوان "تذكرة ذهاب بلا عودة" يتناول قضيته وتم بث الفيلم وهو من تمويل الاتحاد الأوروبي على في قناة "فرانس 24" بعدة لغات ونال جائزة الإعلام للهجرة عن فئة الفيديو 2019، التي أعلن الاتحاد الأوروبي عنها مؤخراً.
وتوجه محكمة اللاجئين بطاقة إلى السوريين لدى محاولة تجديد إقاماتهم فحواها الإستدعاء إلى مقابلة جديدة في مركز اللجوء للبحث في موضوع لجوئهم وبما أن دمشق وحلب وطرطوس ومدن أخرى باتت آمنة –حسب الدعوة- أصبح عليهم العودة إليها، وأكثر من يتم استدعاؤهم أهل دمشق بغض النظر عن أهالي المناطق الثائرة فيها مثل "داريا" و"الغوطة الشرقية الغربية" وجنوب دمشق عموماً فهم مطلوبون للنظام.
وكشف اللاجئ الأربعيني أن أحد قضاة المحكمة قال له بما أنك ظهرت على وسائل الإعلام بصورتك واسمك الحقيقيين وكذلك عائلتك فأنت بت معارضاً مكشوفاً ومعروفا لدى النظام، ولدى بشار الأسد -كما قال- جيش إلكتروني يبحث عن كل ما يُنشر ضد النظام مما دعا المحكمة العليا للاجئين -حسب قوله- إلى إصدار قانون بتغيير إقامته من 7/3 إقامة مؤقتة إلى 7/1 لجوء سياسي بموجب المادة 28 من قانون جنيف للاجئين الصادر عام 1951.
بعد تغيير وضع إقامته لم يعد بالإمكان ترحيل "السلامة" -كما يقول- ولكن هناك عائلات كثيرة يتم استدعاؤها لإعادة التحقيق وربما الترحيل ويسعى الآن من خلال الضجة الإعلامية لتغيير القوانين الدانماركية بخصوص اللجوء والإقامات وإيقاف ترحيل السوريين الذين جاءوا -حسب قوله- من الموت وليس من المنطق إعادتهم إليه.
ولفت "السلامة" إلى أن لدى بعض اللاجئين السوريين في الدانمارك لجوءا إنسانيا وبعضهم لديه حماية مؤقتة والكثير منهم مهدد بالترحيل لأن السلطات الدانماركية -كما يقول- جادة في تطبيق قراراتها الجديدة دون أي اعتبار للجانب الإنساني أو المخاطر التي تهدد اللاجئين في حال ترحيلهم.
وأكد "زاهر" أن حالته مع 6 عائلات سورية هي أول حالة في الاتحاد الأوروبي، وليس في الدانمارك فحسب، ولو لم تنجح قضيته وينال الإقامة لتم إعادة هذه العائلات إلى سوريا، معرباً عن خشيته من أن تمتنع الحكومة الدانماركية مستقبلاً عن منح اللاجئين السوريين إقامة دائمة أو جنسية ويذهب كل ما بنوه في هذا البلد أدراج الرياح بجرة قلم، حسب تعبيره.
ويعيش زاهر مع زوجته وبناته الثلاث "رنيم" 18 عاما، و"هيا" 12 عاماً و"سيلين" 6 سنوات في مدينة في "سلاجيلس" على بعد 80 كيلومتراً إلى الغرب من كوبنهاغن في فترة نقاهة وعلاج بعد أن تعرض لحادث دهس في قدمه من جرافة في مكان عمله، وينتظر الشفاء للعودة إلى سوق العمل ومواصلة حياته الطبيعية، محاولاً تناسي تجربة التهديد بالترحيل التي عاشها لأشهر وأوصلته إلى حالة نفسية صعبة.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية