بكل بساطة مات العامل السوري محمد حسن موسى، وأطلق سراح القاتل زوج الفنانة نانسي عجرم بعد أن اطلق على اللص السوري 16 طلقة كانت تكفي لمواجهة عصابة مسلحة، وتعاطف مع الفنانة المفجوعة الناعمة كل فناني الشرق الجميل، وتمنوا لها ولعائلتها السلامة من كل شر.
أما جمهور مواقع التواصل والقنوات اللبنانية فدعوا إلى طرد المجرمين السوريين المنتشرين في لبنان المسالم، وإعادتهم إلى بلدهم الآمن، ومعهم بعض السوريين الذين رؤوا في الجريمة أذى لصورة السوري المتحضر، وتبرؤوا من القاتل وفعلته.
تغيرت أحوال الغوغاء بعد خروج صوت أم القتيل، وافتصاح قصة أخرى هي علاقة القتيل بعائلة نانسي عجرم وعمله لسنوات في حديقة المنزل، وصعود أصوات تطالب بالتدقيق بالفيديو الذي انتشر عن حادثة السرقة والقتل، وأن القصة منقوصة التفاصيل التي ربما تؤدي إلى رواية جديدة تفضح المستور، وبأقل تقدير ربما تعيد حق قتيل مظلوم تم اتهامه فقط لأنه سوري.
هذا ما يخص القضية التي ما زالت تتفاعل في لبنان وسوريا ليس في كونها جريمة سرقة تم الرد عليها بجريمة قتل، ولكن بتطورها إلى قضية حق، وتمس جوهر الوجود السوري في لبنان بعد حملات منظمة عملت عليها قوى سياسية محلية وإقليمية من أجل إعادة أكثر من مليون لاجئ إلى حضن الوطن المدمر، وإلصاق كل موبقات الأرض بهم. أما أصل القصة فهو أبعد من تلك الحكاية الآنية التي يتم استثمارها حالياً في الصراع، وأبعد من قتل شخص واحد في بيت مغنية مشهورة فمثل هذه القصص تتكرر في كل زمان ومكان، وتكاد تحدث يومياً في عالم غير عادل، وأوضاع اقتصادية بائسة دفعت الكثيرين إلى الجريمة عنوة.
أصل الحكاية السورية في مكان آخر، وحيث السؤال الأهم فيمن دفع كل هؤلاء السوريين إلى الفرار إلى دول الجوار كي يعيشوا الفقر والعوز، وتنسج حولهم الحكايات، ويتم اتهامهم باللصوصية ونشر الدعارة والتسبب بالسرطان وإفقار البلدان المضيفة.
العامل السوري قبل الحرب كان يجد في بيروت وبعض مدن البقاع مكاناً لكي يجمع بعض المال الذي يمكنه من العودة إلى بلده، حيث لا فرصة فيه للعمل، وبناء بيت وأسرة، وكان هؤلاء العمال لا يشكلون هاجساً لدى اللبناني الذي لا يعمل في مهن البناء وخدمة المطاعم والعمل في الحقول، وكان الرضا من نصيب العامل وصاحب العمل بالرغم من عقلية اللبناني في دفع الأجور ومماطلته في الدفع.
جاءت المقتلة السورية لتدفع بمئات الآلاف من السوريين خارج الحدود بحثاً عن الأمن وفراراً من القتل الجماعي، ويتحول من ضيف مسكين إلى عدو يجب طرده، وورقة ضغط بين فرقاء السياسة اللبنانية، وأما السوري فعليه أن يقبل بكل هذا الذل لكي يتجنب فكرة العودة إلى المصير المجهول الذي ينتظره بعد معبر المصنع.
في الكادر الصغير زوج نانسي عجرم قاتل ريثما يتم استيضاح الحقيقة، وفي المشهد الكبير ثمة قاتل كبير هو من دفع كل هؤلاء خارج وطنهم لاجئين وضعفاء يمكن النيل منهم في أي وقت، القتيل في بيت نانسي..والقاتل هناك في دمشق.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية