أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"براءة عاشور"..ابنة السلمية التي قضت غرقاً في بحر اليونان

هربت من سوريا إلى لبنان ثم تركيا ثم إلى الموت - زمان الوصل

"كل شيء سيمضي" آخر ثلاث كلمات كتبتها الشاعرة واللاجئة السورية "براءة عاشور" على صفحتها في "فيسبوك"، وكأنها تتنبأ بمصيرها قبل أن تقضي غرقاً في بحر اليونان مع مجموعة من السوريين، إثر غرق مركبهم مساء الأربعاء الماضي لتدفع حياتها نتيجة خذلان أحد مافيات الهجرة وهو من مدينتها "السلمية"، الذي قبض مبلغا من المال جمعته من عرق جبينها وكدحها، مقابل خروجها من تركيا بالطائرة، لكنها فوجئت في اللحظات اﻷخيرة بأن المتوفر فقط هو ركوب البحر في هذه الظروف المناخية السيئة.

وكانت وزارة الداخلية التركية، قد صرحت الجمعة الماضي أن ثمانية أشخاص من بينهم 3 نساء لقوا حتفهم في غرق قارب كان يحمل نحو 15 مهاجراً قبالة الساحل التركي وقالت الوزارة، في بيان، إن الحادثة قد وقعت ليلة الأربعاء الماضي، 1 كانون الثاني يناير/2020، في بحر "إيجة"، على بعد حوالي ثمانية كيلومترات من مدينة "فتحية" التركية (جنوب غرب).

وتنحدر براءة من مدينة "السلمية" من أسرة متعلمة فوالدها مدرس الجغرافيا المعروف "محمود عاشور" درست جميع مراحلها الدراسية في سلمية–حماه قبل أن تنتقل إلى دمشق لتتابع تعليمها، حيث درست اللغة العربية في كلية الآداب، وعادت إلى "السلمية" ومع بداية الحرب أرسلت أحد أبنائها إلى "كردستان" هرباً من التجنيد في صفوف الأسد وكانت تخطط للحاق به ريثما تتاح لها الظروف.

وروى صديق والدها المهندس "صفوان موشلي" لـ"زمان الوصل" أن البوليس التركي منعها من الدخول في مطار اسطنبول وقام باحتجازها على ذمة الترحيل إلى بلد القدوم بحجة أن تأشيرة دخولها مزورة، ولأنها كانت قد قدمت من مطار "أصفهان" تمت إعادتها إلى هناك، حيث طلبت منها السلطات الإيرانية من جديد المغادرة إلى طهران ليتم تسفيرها إلى سوريا.

وتابع المصدر أن مكتب السفر الذي تعهد بخدمات الفيزا والسفر استلم أوراقها وأقنعها بالسفر براً إلى تركيا عبوراً من كردستان إيران إلى كردستان تركيا ومن ثم إلى "اسطنبول".

وعلى مضض قررت براءة الموافقة على هذا الحل رغم اعتراض محدثنا -كما يقول- لأن الطريق في "كردستان" مغمورة بالثلج وسوف يطلب المهرب منهم أن يمشوا في الثلج لمسافات ليست بالقليلة ويضطر العابر لانتعال أحذية خاصة وقد تتجمد أقدامه ويضطرون إلى قطع بعض أصابعه بعد الوصول إلى حمام دافئ -حسب موشلي- ويضيف محدثنا أنه التقى الشاعرة الراحلة بعد وصولها إلى اسطنبول بسلامة وسألها إن كانت تنوي السفر من جديد إلى اليونان أم تنتظر حلول الربيع، فأكدت نيتها السفر لأن المهرب قال لهم إن الوقت ما زال مناسباً وبالفعل انتقلت بعد أيام إلى "أزمير" فـ"مرمريس" ومن هناك إلى بحر "إيجة".

في اليوم الأول من العام الجديد تمام الساعة 12 ليلاً اتصلت براءة مع محدثنا لتخبره بأنها على الشاطئ مع 15 راكباً هم أيضاً معها على الشاطئ في منطقة تدعى "فتحية" على بحر "إيجة" ينتظرون الرحيل، ولكنها لا تعتقد أنهم سيسافرون اليوم فالمهرب "أبو دانيال" صاحب القارب وهو من مدينتها "السلمية" يقول إن الشاطئ يكتظ بالبوليس وخفر السواحل وقد لا يتمكنوا من الانطلاق.

وأردف المصدر أنه استودعها الله وتمنى لها حظاً وافراً وبعد يومين كتب لها ليطمئن إن كانت وصلت اليونان أم مازالت في "أزمير"، ولكنه لم يتلقَّ جواباً، وتابع أنه لم يكن متشائماً فقد كانت محظوظة في سفرها وتخطت العديد من العقبات بأسرع من المتوقع، وكانت مفعمة بالحيوية والتفاؤل، ولكن قُدّر لها أن تغرق هي ومن معها قبل الوصول إلى الجزر اليونانية وعلى بعد 10 كم من الشاطئ.

ونشرت خلية الإنقاذ والمتابعة m.r.c خبراً يقول إن "الجت بوت الذي غرق يوم الأربعاء هو قارب "أبو دانيال" وعدد ركابه 15 من الغرقى تم سحب جثث ثمانية غرقى منهم ثلاث نساء والباقي مفقودون أي أنهم غرقى في البحر لأن غرفة الإنقاذ التركية اليونانية أفادت أنه لم يتم إنقاذ أي غريق من هذا القارب بعد أن تم البحث عنهم من قبل خفر الساحل".

فور علمه بالخبر والشكوك التي ساورته بأن تكون "براءة" من بين الغرقى لجأ "موشلي" إلى البيت السوري في "أزمير" طالباً منهم الاستفسار عن القارب الغارق في التاريخ المبين فبادروا للاتصال بخلية الإنقاذ التي أفادت بوجود جثث في مشفى "مرمريس" وبعد تزويدهم بصور حديثة للسيدة "براءة عاشور" لم يستطيعوا التأكد من الصور لأن الجثث لم تكن معها أوراق ثبوتية، فجميع بطاقاتهم وجزادينهم وأوراقهم الثبوتية كانت قد ضاعت ربما في البحر.

وروى "موشلي" أن ابنة عمة الفقيدة كانت قد وصلت إلى اسطنبول وقررت السفر إلى مشفى "مرمريس"، وهناك تعرفت على جثة قريبتها وطلبت من السلطات أن يسمحوا لها بدفنها اليوم التالي في "مرمريس"، بانتظار أن يوافق ابنها وإخوتها وإلا سيتم استلام الفقيدة وإرسالها الى بيروت ومن ثم إلى سلمية من محافظة حماة.

وكانت منظمة "الإنقاذ الموحد- Consolidated Rescue Group قد أفادت أن السلطات التركية ألقت القبض على 9 مهربين إثنان منهم سوريون و7 أتراك وكان بحوزتهم 3580 يورو و300 دولار و 115 ليرة تركي و10 هواتف محمولة و 3 بطاقات sim على خلفية حادثة غرق في منطقة "فتحية" بتاريخ 1/1/2020.

ونشرت المنظمة المهتمة بحوادث الهجرة والغرق صوراً للمهرب التركي "عمر يلماز" المسؤول عن رحلة "فتحية رودس" لحظة إلقاء القبض بعد محاولة هروبه من مطار "صبيحة" إلى "كوسوفو"، وحسب كلام الشرطة فإنه رأس الهرم المسؤول عن هذه الحادثة.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(403)    هل أعجبتك المقالة (299)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي