أي مهزوم هذا الذي حمل جثث مئات آلاف القتلى من الضحايا السوريين وهو يستجيب لاستدعاء الرئيس الروسي بوتين إلى مركز القوات الروسية بشكل مهين، وكيف يمكن تبرير أن يخرج بشار الأسد مقدماً نفسه على أنه رئيس للجمهورية العربية السورية وهو يستجدي العسكر الروسي في لقائه معهم بالشكر على ما فعلوه وبالقول "علينا أن نتابع هذه الحرب".
تنقل وسائل الإعلام الروسية عن الأسد شكره الجيش الروسي وخص في ذلك حرفياً "الطيارين الذين لا يهدؤون منذ مطلع الفجر حتى مغيب الشمس"، وخاتما بكلمة "سباسيبا"، هؤلاء الذين شكرهم هم ذاتهم من أوقع عشرات آلاف الضحايا المدنيين السوريين.
ليس خبرا استدعاء بشار ولا ما دار خلال الجلسة مع الرئيس الروسي حول الأوضاع العسكرية، الخبر هو أنه ما زال في إعلام نظام الأسد ومحيطة من يقول إن الأسد التقى نظيره الروسي، وأي نظير وأية مناظرة تلك التي تنافي وقائع خرق السيادة والهيبة، وهو ما لم تفعله روسيا حتى مع الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف الذي ضمن لظهوره مع الرئيس الروسي ما يحفظ كرامة المنصب رغم أنه يمثّل مخلب قطّ لنظام بوتين.
ما الذي يريد الروس تمريره عبر زيارة بوتين لدمشق وزيارته قبر "يوحنا المعمدان" في الجامع الأموي بمناسبة أعياد الميلاد لأبناء الطوائف الشرقية من المسيحيين، وهو ما يجب الالتفات إليه في مرحلة تشهد تصدّعات على المستوى الدولي على وقع لغة تهديد إيرانية غير مسبوقة تخطّت مرحلة الكلام باستهداف قاعدة "عين الأسد" الأمريكية في الأنبار العراقية.
لا شك أن ثمة حربا باردة بين الروس والأمريكيين، وتأخذ هذه الحرب أشكالا دينية في بعض مفاصلها، فالروس يعولون على فكرة رعايتهم للكنيسة الشرقية، وهذا جزء مقلق للغرب لأنه يضطرهم للتفكير مجدداً في إعادة إحياء قواعد للصراع جرى تجاوزها منذ زمن.
ليس واضحا بعد موقف موسكو من المواجهة الأمريكية الإيرانية، لكن الواضح أن الروس يستمهلون إعلان موقف لعدة أسباب، أهمها أنهم يفضّلون إضعاف الموقف الإيراني في سوريا، كما أنهم غير قادرين بعد على تقدير حجم التصعيد وطبيعة الفرز التي ستحصل، كما أن الأتراك بدورهم لا يبدون منفعلين بهذه المواجهة إذ إنهم يريدون تمرير مرحلة مهمة حول ليبيا ونفط المتوسط، لذلك فهم حريصون على دورهم في "الناتو" الذي سيأخذ جانب الأمريكيين في أي حرب مقبلة مع إيران.
أين بشار الأسد من كل هذا؟؟.. لا شيء، إذ ليس أفضل للروس من شخصية ضعيفة يمررون معها سياساتهم التوسعية، ويعززون دورهم الاقتصادي وتوسعهم في سوق الطاقة الأوروبي عبر أنابيب مشروع السيل التركي الذي طال انتظاره.
زيارة بوتين هي تثبيت سيطرة، وليست تثبيتا لمكان بشار الأسد وإن كانت الظروف الملتهبة تساعد على بقائه لفترة إضافية حتى تستطيع الأطراف بمن فيها الروسي تقييم وضعها، فـ"موسكو" غير قادرة على تحمّل فاتورة حرب من أجل إيران، بل إنها ستأخذ موقف الصمت الإيجابي لإزاحة المضارب الإيراني خصوصاً مع إزاحة الجنرال المقتول قاسم سليماني.
*علي عيد - من "كتاب زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية