أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كيف سترد إيران على مقتل سليماني؟*

منذ أن أعلن عن مصرع قاسم سليماني "المدير التنفيذي" لعمليات التهجير الطائفي في سوريا ‏والعراق، والمسؤولون الإيرانيون، وقادة أذرع طهران المسلحة في العراق ولبنان واليمن لا ‏يكفون عن الحديث والتوعد بالانتقام له بضرب أهداف أمريكية، وهي أحاديث لا تقل "سخافة" ‏عن أحاديث إزالة إسرائيل من الوجود التي يتشدقون بها منذ سنين.‏

إيران، أضعف، وربما أذكى، من أن ترتكب حماقة تعجل في خسارة ما أنجزته من خراب في ‏المشرق العربي خلال ما يقارب العقدين من الزمن، فإن كانت النية وحدها مع قليل من الفعل ‏ضد المصالح الأمريكية في العراق أطاحت بأقوى رجال إيران بعد خامنئي، فالأولى أن يكون ‏الثمن رأس إيران في حال أقدمت على استهداف مباشر، أو غير مباشر يحمل بصماتها بشكل ‏واضح.‏ ‏ حلفاء إيران، المعلنون، في لبنان واليمن والعراق وربما غزة ليسوا بأحسن حالاتهم لتولي ‏مهمة الانتقام، ولا يستبعد أصلا أن تكون رؤوس قادتهم أهدافا أمريكية، وهي أهداف كانت ‏متاحة طوال الوقت لإسرائيل وللولايات المتحدة، إلا أن قتلهم لم يكن ليقدم للأمريكيين ‏والإسرائيليين قيمة مضافة، بل على العكس، ما قاموا به لاسيما بعد الربيع العربي، من تدمير ‏لبنية المجتمعات في المشرق العربي، ما كان لإسرائيل أن تنفذه خلال قرن.‏

أما ما يمكن أن تقوم به إيران، فهو عبر الحليف غير المعلن، كتنظيم الدولة وغيره من ‏التنظيمات الشبيهة التي من شأنها أن تثير الفوضى في أكثر من مكان في العالم سواء عبر ‏تحركات عسكرية منتظمة كأن يتمكن التنظيم بين ليلة وضحاها من اجتياح مساحات شاسعة ‏من العراق كما حصل في العام 2014 ويتقدم في البادية السورية، أو أن توعز لحلفائها في ‏أفغانستان بالتراجع أمام طالبان.

أما الطريقة الأخرى فربما تأتي عن طريق عمليات تفجير ‏كتلك التي حصلت في العاصمة الفرنسية باريس في العام 2015 وغيرها من البلدان ‏الأوروبية وهي ساحة جاهزة نفسيا للاقتناع بأن التنظيم ينفذ عملياته لأسباب عقائدية وليس ‏تنفيذا لأجندات سياسية، وقد لا تكون الساحة الأمريكية نفسها مستبعدة من الاستهداف بعمليات ‏شبيهة،إن تمكنت، وبهذا تتلطى قم وراء التنظيم "السني" المتطرف التي تزعم أنها تقاتله.

الآن وبعد أن زرعت إيران بذور خبيثة للصراع الطائفي، وأدت بكفاءة عالية دور الأداة ‏الأمريكية لابتزاز بلدان المنطقة لاسيما الخليجية منها، لابد أن تعود مجبرة إلى داخل حدودها ‏وممارسة دور الدولة القومية من دون أحلام امبراطورية عبر ميليشيات عابرة للحدود، بحيث ‏تدخل المنطقة مرحلة جديدة من الاستقرار، ليس حرصا من واشنطن وحلفائها على ‏الاستقرار، بل لأن الفوضى آتت أكلها والآن لابد من الاستثمار في الاستقرار.‏

*حسين الزعبي - من كتاب "زمان الوصل"
(189)    هل أعجبتك المقالة (197)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي