لا تكاد تمر فترة من الزمن إلا ونسمع عن اغتيال أو مقتل أو اعتقال أحد القياديين الفاعلين على الساحة العربية من قبل جهة ما هنا أو هناك، ثم إنك - وبالصدفة - تجد اسم نظام الأسد في وسط الحدث، ولعل استعراض بعض هذه الأسماء التي تم تحييدها، نود قد يشي بأن النظام ليس بريئا من دم هؤلاء، في دلالة على أنه عميل مزدوج يعمل لصالح معظم الأطراف ذات الوزن والثقل الدولي، ولا مشكلة لديه حتى لو كان الهدف من محبيه ومؤيديه.
* "عبدالله أوجلان
البداية مع زعيم "حزب العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان عدو تركيا اللدود الذي احتضنه حافظ الأسد لسنوات طويلة داخل دمشق، ما تسبب بتأزم كبير بين البلدين، وكاد احتضانه أن تؤدي إلى حرب طاحنة في وقتها، ما أجبر الأسد وبوساطة مصرية للتوقيع على اتفاقية مذلة (اتفاقية أضنة) تنازل حافظ بوقتها عن جزء كبير من السيادة السورية، وتم ترحيل "أوجلان" من سوريا عام 1999م، حيث اصطادته المخابرات التركية بالتعاون مع المخابرات الإسرائيلية في كينينا وجلبته إلى أنقرة بطائرة خاصة، والسؤال كيف عرفت المخابرات التركية والإسرائيلية بتوقيت وجهة ترحيله؟
*عز الدين الشيخ خليل
أحد قياديي "حركة حماس"، ومن المؤسسين لكتائب القسام، اعتقل في السجون الإسرائيلية العام 1992 إدارياً، ومن ثم تم إبعاده إلى مرج الزهور في جنوب لبنان، ثم انتقل بعدها للعيش إلى سوريا، قُتل في انفجار سيارته داخل دمشق في أيلول سبتمبر/2004م، وقد حمّلت دمشق الإسرائيليين مسؤولية اغتياله وصرحت حينها وزارة داخلية الأسد أن الاغتيال قد تم عبر قنبلة كانت مزروعة أسفل مقعد السائق في سيارته.
"خليل" سافر إلى عدة بلدان ولم يتم اصطياده إلا في دمشق وهنا هي الصدفة العجيبة؟ "عماد مغنية" رجل حزب الله الأول، كانت تسميه إسرائيل الرجل الشبح لكثرة تخفيه، تم اغتياله في شباط فبراير/2008، وسط دمشق، إثر عملية مدبرة ومحضرة بشكل متقن، عن طريق تلغيم الدولاب الاحتياطي الخلفي لسيارة "جيب" وضعت في كراج البناية التي يسكن فيها، وقد تبنت "إسرائيل" مقتله.
ولكن بقي السؤال المحير كيف استطاعت "إسرائيل" اصطياده في دمشق ولم تتمكن من اصطياده في لبنان طيلة عشرات السنوات؟
*عماد مغنية
رجل حزب الله الاول، كانت تسميه إسرائيل الرجل الشبح لكثرة تخفيه، تم اغتياله في شباط 2008م وسط دمشق إثر عملية مدبرة ومحضرة بشكل متقن، عن طريق تلغيم الدولاب الاحتياطي الخلفي لسيارة جيب وضعت في كراج البناية التي يسكن فيها، وتبنت اسرائيل مقتله.
ولكن بقي السؤال المحير كيف استطاعت اسرائيل اصطياده في دمشق ولم تتمكن من اصطياده في لبنان طيلة عشرات السنوات؟
*جهاد عماد مغنية (جواد)
الابن الأكبر لعماد مغنية، دخل العمل العسكري مع حزب الله عقب مقتل والده، تربطه بحسن نصر الله وقاسم سليماني علاقة قوية، قضت عليه "إسرائيل" في كانون الثاني يناير/2015، عن طريق استهداف السيارة التي كانت تقله مع 6 قياديين آخرين قرب القنيطرة جنوب دمشق.
والسؤال ذاته كيف تعرفت "إسرائيل" على سيارته من بين مئات السيارات التي تتبع للميليشيا الشيعية التي كانت تجوب تلك المنطقة هناك ليل نهار؟
*مصطفى بدر الدين
تم تكليفه بنفس المهام التي كان يقوم بها "عماد مغنية" بعد أن عين خلفاً له، وقد تمت تصفيته في أيار مايو/2016م في ظروف غامضة داخل مطار دمشق الدولي، حتى أن بعض الروايات تتهم "قاسم سليماني" نفسه بتصفيته، لكن النظام وحتى تاريخه لم يبين كيفية مقتله الغامض.
*فوزي أيوب
أحد رجالات حزب الله المشهورين، أسرته "إسرائيل" بعد محاولة الدخول إليها بجواز سفر أمريكي مزور، ثم بعد سنتين تم تحريره بصفقة تبادل أسرى مع حزب الله، وهو أحد المطلوبين لصالح مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي للعام 2009، وبعد دخوله إلى سوريا تم اغتياله عبر استهداف سيارته قرب حلب، وذلك في أيار مايو/2014.
ادعى النظام على الفور أن الثوار هم من استهدفوا السيارة لكن الحقيقة أن طائرة مسيرة مجهولة هي من قضت على الهدف. والسؤال الذي على دمشق أن تجيب عليه، من يعلم بتحرك هذا القيادي داخل سوريا ومن قام بقصف سيارته؟
*سمير القنطار
أقدم أسير لبناني في "إسرائيل" (30 عاما في الأسر)، تم تحريره عبر صفقة تبادل مع حزب الله، اغتالته "إسرائيل" في كانون ثاني ديسمبر/2015، عبر عدة صواريخ أطلقت من طائرة مسيرة على منزله الواقع على أطراف بلدة "جرمانا" قرب دمشق، ومما يجب ذكره هنا أن القنطار قد بقي 30 سنة داخل سجون الاحتلال دون أن تقوم "إسرائيل" بتصفيته هناك. كيف عرفت "إسرائيل" بمكان سكنه في دمشق، وكيف لم تتمكن منه "الدولة العبرية" داخل لبنان، رغم إقامته فيها فترة طويلة قبل أن ينتقل إلى دمشق.
*المهندس "محمد الزاوي"
أحد المهندسين البارزين التابعين لكتائب "عز الدين القسام"، وهو من قام بمساعدة المقاتلين داخل قطاع غزة في الحصول على الطائرة المسيرة المسماة "أبابيل"، وقد تم اغتياله في العام 2016 في تونس. ولكن حتى يكتمل المشهد لا بد من ذكر بعض المعلومات غير المنشورة حول علاقة "الزاوي" بالمخابرات السورية، فمنذ لجوئه إلى سوريا هارباً من ملاحقة المخابرات التونسية كونه كان أحد منتسبي "حركة النهضة الإسلامية" المحظورة وقتها داخل تونس، تبنته المخابرات السورية بعد أن لمست لديه الفطنة والذكاء، ثم بدأ بالعمل مع الفريق السوري العامل في مجال تصنيع الطائرات المسيرة في مركز البحوث العلمية السورية، وطبعاً ليست صدفة تسمية طائرة حماس باسم "أبابيل"، وهو نفس اسم المشروع داخل دمشق "ابابيل ثري دي". بعد رجوع "الزاوي" إلى تونس عقب انتصار الثورة التونسية، طلبت منه المخابرات السورية أن يبقى على اتصال معها، حتى اغتالته "إسرائيل" هناك في العام 2016.
تم اغتياله بعد أن تحرر من رتق النظام وغادر دمشق وأصبح يعمل لحساب المقاومة الإسلامية في غزة وبشكل جدي وحقيقي.
"أكرم العجوري" القائد البارز وعضو المكتب السياسي لـ"حركة الجهاد الإسلامي" وقائد "سرايا القدس"، قامت "إسرائيل" في تشرين الثاني نوفمبر/2019 باستهداف منزله داخل منطقة المزة بدمشق، لكنه نجا من الاغتيال وقتل ولده "معاذ" وآخرون.
السؤال ذاته هو كيف تمكنت "إسرائيل" من تحديد مكان إقامته في تلك المنطقة التي تعج بمساكن المسؤولين السوريين وغيرهم؟
*اللواء قاسم سليماني
قائد ميليشيا "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني"، اغتالته طائرة مسيرة أميركية، عبر استهداف سيارته بصاروخ دقيق، بالقرب من مطار بغداد وذلك بعد وصوله قادماً من دمشق بدقائق معدودة، مطلع العام الجاري 2020، ولكن الملفت أن الطائرة التي أقلتهم هذه المرة عائدة لشركة "أجنحة الشام" المملوكة لـ"رامي مخلوف" التي أقلعت من مطار دمشق الدولي. كيف عرفت أمريكا بوصوله إلى بغداد قادماً من مطار دمشق، وهل من دور للنظام في تسريب المعلومات عن سفره وتحركه؟
*أبو مهدي المهندس
نائب قائد "الحشد الشعبي" في العراق قتل في نفس السيارة مع "قاسم سليماني" وله نفس القصة والحكاية، ولعل اللغز يكمن في أروقة مخابرات الأسد؟ شخصيات لبنانية اتهم النظام بتصفيتهم بشكل مباشر.
*كمال جنبلاط
زعيم الطائفة الدرزية في لبنان، وأحد القامات السياسية والثقافية اللبنانية البارزة ومن المعارضين الأشداء للنظام اغتيل في آذار مارس/1977.
*بشير الجميل: الرئيس اللبناني الذي اغتيل عام 1982 قبل تسلمه مهام رئاسة الجمهورية اللبنانية.
*الشيخ حسن خالد: مفتي لبنان والذي اغتيل عام 1989 بسبب مواقفه من الاحتلال السوري للبنان.
*الرئيس رينيه معوض: اغتيل في العام 1989 حيث كان من أشد المعادين للوجود السوري في لبنان.
*سمير القصير: أحد المثقفين البارزين، كان ضد الوجود السوري في لبنان اغتيل في بيروت 2 يونيو 2005.
*جبران تويني: أحد الوجوه السياسية في لبنان ومعارض بشدة للوجود السوري على الأراضي اللبنانية اغتيل في ديسمبر 2005.
*جورج حاوي: الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني ومؤسس الحركة الوطنية اللبنانية لمقاومة "إسرائيل" ومن معارضي الوجود السوري في لبنان اغتيل في تموز يونيو/2005.
*رفيق الحريري: رئيس الوزراء اللبناني اغتيل في شباط فبراير/2005. *اللواء وسام الحسن: رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني، ومن أشد المعارضين للنظام السوري اغتيل في تشرين الأول أكتوبر/2012.
*ضحايا من "عظام الرقبة"
ولا ينسى الكثير من السوريين كيفية تصفية مسؤولين محليين مقربين من النظام يتهم الأسد بتصفيتهم بشكل مباشر.
*محمود الزعبي: رئيس الوزراء السابق قيل إنه انتحر في منزله بالمزة في أيار مايو/2000، وهو رهن الإقامة الجبرية.
*غازي كنعان: رجل المخابرات الشهير قيل إنه انتحر داخل مكتبه في وزارة الداخلية في تشرين الأول أكتوبر/2005، وغازي كنعان مستودع مخابرات النظام فيما يتعلق بأفعال النظام وانتهاكاته في لبنان والصندوق الأسود فيما يتعلق باغتيال الحريري وغيره.
*محمد سليمان: اغتيل في آب أغسطس/2008 في شاليه بطرطوس، وبحسب مصدر مطلع أكد أن اللواء "علي مملوك" هو من رفع ثلاث طلقات فارغة من مكان الإطلاق ووضعها في جيبه.
*ضباط خلية الأزمة: تموز يوليو/2012، حيث تم اغتيالهم بشكل هوليودي داخل مقر الأمن القومي في وسط دمشق، وهم "العماد حسن توركماني مستشار بشار الأسد العسكري، واللواء هشام اختيار رئيس مكتب الأمن القومي، العماد أصف شوكت نائب رئيس الأركان، والعماد داوود راجحة وزير الدفاع، واللواء محمد الشعار وزير الداخلية أصيب ولم يقتل، ومحمد سعيد بخيتان الأمين القطري أصيب ولم يقتل".
*اللواء رستم غزالة
اغتيل في ظروف غامضة في نيسان أبريل/2015، وقد قيل إنه قتل على يد اللواء "رفيق شحادة" رئيس شعبة المخابرات العسكرية، و"غزالة" أيضاً ممن يعرفون جانباً من أسرار اغتيالات لبنان وخاصة قضية اغتيال الحريري.
*اللواء جامع جامع: اغتيل في تشرين الأول أكتوبر/2013 في ظروف غامضة، وقد أشاع النظام أن مقتله نتيجة سقوط قذيفة هاون بالقرب منه، ولكن "جامع" أحد رجالات المخابرات السورية، وأحد المتهمين في اغتيال رفيق الحريري أيضاً.
*فتش عن "مملوك"
"علي مملوك" بيت الأسرار لعل حادثة القبض على الوزير اللبناني "ميشيل سماحة" واعترافه بتكليف مملوك له باغتيال شخصيات لبنانية رفيعة المستوى، تكشف لنا رأس الجليد المخفي، ومن هو المخطط والمدبر في نظام الأسد. "مملوك" وفق مصادر أمنية، استطاع أن يبني شبكة علاقات قوية مع كافة المخابرات العالمية بما فيها الإسرائيلية والأمريكية والفرنسية والبريطانية والتركية والمصرية والسعودية وغيرها، ولعلنا لا نُفاجأ أنه لم يقطع اتصاله يوماً واحداً مع المخابرات التركية خلال السنوات المنصرمة رغم ما اعترى العلاقات السياسية بين البلدين من توتر لم يسبق له مثيل.
وأوضحت المصادر أنه "كان ولا زال في خدمة المخابرات الأمريكية، وذلك منذ اجتياح أمريكا للعراق، حيث كان يرسل إلى العراق عبر سوريا عشرات المجاهدين الصادقين من السوريين والعرب وغيرهم من المسلمين، من أجل التصدي للعدوان الأمريكي هناك، لكن سرعان ما كان يبلغ المخابرات الأمريكية عن مكان تحركهم وزمانه".
كما كان "يقوم بكثير من الأحيان بزرع شرائح التتبع في الباصات والسيارات التي تنقلهم ليتم اصطيادهم بعد عبورهم للحدود بعدة كيلومترات".
وبعد كل ما سبق أعلاه هل يمكن أن نجد سر اصطياد "قاسم سليماني" عند "علي مملوك" الذي قدم التعازي باسم الأسد اليوم رسميا للإيرانيين، وهو النظام الذي برع في قتل القتيل والمشي في جنازته كما يقول المثل السوري الشائع.
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية