طهران وأذرعها في المنطقة، توعدت الولايات المتحدة بالرد على استهداف ميليشيات "كتائب حزب الله" العراقي، في سوريا والعراق، استهداف جاء بعد محاولة إيران إحداث بلبلة في العراق تبعد الأنظار عن الحراك العراقي الداخلي لاسيما بعد التصعيد السياسي للرئيس برهم صالح جراء الضغوط الإيرانية.
صالح استبق تقديمه ورقة الاستقالة للبرلمان بتسريبات من مكتبه تشير إلى الضغوط التي يتعرض لها من قبل قائد فيلق القدس الإيراني "قاسم سليماني" للقبول بمرشح إيران لرئاسة الحكومة، وألحقها، أي ورقة الاستقالة، بتصريحات غير مسبوقة طالت الميليشيات الشيعية، وهي برمتها، موالية لإيران.
حتى اللحظة، لم يؤثر الاستفزاز الإيراني للأمريكيين ونتائجه المتمثلة باستهداف ميليشيات كتائب حزب الله، على الحراك الداخلي فهو مستمر، وسقف مطالبه لم يتغير، بل ربما يوجد من بين العراقيين من فرح لهذه الضربة حتى من الشيعة أنفسهم، خصوصا من شباب الحراك الثوري الذين عرفوا، أو بعضهم على الأقل، أن هذه الميليشيا وغيرها من ميليشيات الحشد، التي أذاقتهم مر العذاب، إنما هي أدوات بيد الولي الفقيه في قم لتحقيق المشروع الفارسي في المنطقة وليس العراق وحسب..
تعي إيران أنها لا تجرؤ على خدش جندي أمريكي واحد، وإن فعلت فستفتح على نفسها بوابات جهنم، وقد يجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ذلك، إن حدث، فرصة لتصدير أو على الأقل تجميد ما يواجهه من مشكلات داخلية.
إذاً ما هي وسائل الرد التي توعدت بها إيران؟
البداية ورقة تنظيم "الدولة"، بدا ملحوظا منذ بدء الحراك العراقي عودة بعض العمليات التي تسارع الجهات في بغداد لنسبها للتنظيم، وتزامنت هذه العمليات مع عودة نشاط التنظيم في أجزاء من البادية السورية يفترض أنها خاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات العراقية وغيرها.
محليا، أي في العراق، لم تعد ورقة التنظيم ذات تأثير لاسيما أن الحراك شيعي وبالتالي من غير المقنع أن تتم "دعشنة" الحراك، ولعل أقصى ما يمكن أن تفعله إيران أن تطلق سراح مئات المعتقلين لدى بغداد من عناصر التنظيم، في تكرار لسيناريو الموصل الشهير، وهذا الأمر بات مفضوحا لدى عواصم القرار الدولي.
أما الاستفزاز في مياه الخليج ومضيق هرمز، فهذا يعني أن طهران تضع رأسها في فم التنين، لاسيما أن المسألة لم تعد تتعلق بالولايات الأمريكية وحسب، بل حتى اليابان دفعت بقوات بحرية عسكرية تحسبا لأي طارئ.
استهداف الإمدادات النفطية السعودية، كما حصل خلال قصف شركة أرامكو، إن حدث سواء عبر "الحوثي" في اليمن أو عبر "الحشد الشعبي" فلن تقل تداعياته في حال وقوعه عن تداعيات إغلاق مضيق هرمز.
الذراع الإيراني في لبنان، ورغم "جعجعة" حسن نصر الله، إلا أن ما يشهده لبنان من تدهور اقتصادي طال حاضنة حزب الله قبل غيرها، بالإضافة لفقدان نصر الله لشعبيته عربيا، يجعل منه ذراعا مشلولا، ويدعوه للعد إلى المئة قبل العبث مع إسرائيل، إلا إذا كان سيغامر بوجوده.
تبقى ميليشيات "الحشد الشعبي" الأكثر طواعية وولاء لإيران، إلا أن وضعها في مواجهة الولايات المتحدة سيجعلها مجرد أهداف سهلة للطيران الأمريكي وربما الطيران الإسرائيلي، بل لا يستبعد أن تدعو واشنطن لتشكيل تحالف دولي للقضاء على ميليشيات الحشد.
إيران التي تلعب السياسة بمهارة، لا يبدو أنها الآن في أحسن حالاتها، لكنها إن استمرت بطريقة اللعب نفسها، فلن يكون أمامها سوى الاستعانة بمايك فغالي للخروج من أزمتها.
هل تستعين إيران بمايك فغالي؟*

*حسين الزعبي - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية