ربما تكون الإيجابية الوحيدة لحالة الانقسام بين السوريين على طروحات الراحل محمد شحرور أنها استفزت لدى البعض الرغبة في قراءة ما أنتجه من مؤلفات وما قدمه من طروحات تعتبر وفق كثر حالة فتح فكري، و"إلقاء حجر" في ماء راكد.
القراءة بحد ذاتها فضيلة لا تدانى، لكن هذه الفضيلة لم تأت أُكلها لدى من سبق وقرأ الشحرور وتأثر به وأيد ما ذهب إليه من قول ينسف أساسات ما يعتقده آخرون ويؤمنون به وفقا لمحاكمات عقلية حينا، ووفقا لتقليد أعمى حينا آخر. فهؤلاء وخلال السجالات التي أعقبت وفاة الشحرور وكانت مواقع التواصل ساحة لها، اكتفوا بالإشارة إلى أن الرجل خالف ما هو سائد وتمرد على ما يرونه فكرا ظلاميا، لكنهم لم يقدموا، ولو عبر أسطر قليلة، فكرة تنويرية واحدة من طروحات الرجل ووضعوها بين يدي الناس من رواد هذه الساحة، بغية تنبيههم إليها وبالتالي منحهم فرصة الاستنارة بما قدمه، بل مارسوا "ديكتاتورية الشعارات" من قبيل تشبيهه بـ"ابن رشد"، و"سبق عصره" و"ألقى حجرا في ماء آسن"، رغم أنهم كما أسلفنا لم يلقوا بمجرد فكرة واحدة مما ذهب إليه الرجل باعتباره حالة تنويرية، بل اكتفوا بمفردات تشير على "فوقية المثقف الفارغة" وتقريع وتأنيب من لم يقرأ الشحرور.
آخرون اعتبروه "المدافع الأكبر عن الإسلام"، وقد يكون الرجل كذلك، لكن حبذا لو أن أحدهم عزز هذا الرأي بدلائل مما أورده الشحرور نفسه، على الأقل من باب الوفاء له.
علما أن من بين هؤلاء من هم ليسوا بمسلمين، وليسوا بباحثين في الأديان أصلا.
الانقلاب الجزئي أو الكلي على منظومة فكرية سائدة سواء أكانت هذه المنظومة دينية أم لا، لا يضعها بالضرورة في خانة الصواب المطلق الذي لا يأتيه الباطل، فالطروحات الفكرية مقياس صوابيتها لا يأتي من خلال مخالفتها لما هو قائم بل من خلال ما تستند إليه من أدلة وبراهين ومحاكمات عقلية وليس انطلاقا من مزاج رغبوي رافض لما هو سائد.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية