بعد روايته "الطريق إلى الزعتري" التي أحدثت ضجة في الأوساط الأدبية يواصل الروائي السوري "محمد فتحي المقداد" مشروعه الروائي برواية حملت عنوان "فوق الأرض" في محاولة منه لاقتناص كل ما هو جوهري وتاريخي وامتلاك الشكل الروائي الصارخ بذاتيته.
وتتناول الرواية الصادرة عن مكتبة الطلبة الجامعية في الأردن الحدث السوري والتأكيد على فكرة الثورة السورية في بداياتها قبل أن يرفع السلاح ليبدأ العنف والعنف المضاد، مما تسبّب في مأساة كبيرة تأثّرت بها كلّ الشّرائح الاجتماعيّةِ، والإثنيّات الدينيّة والقوميّة، وخلق حالات فظيعة من التهجير القسريّ انتشرت على مختلف بقاع الدّنيا -كما يقول المقداد لـ"زمان الوصل"- مضيفاً أن الظلم السياسيّ الذي تعرّضت له معظم فئات المجتمع السوريّ على كلّ الأصعدة ساهم في تشتيت شمل المنظومة الاجتماعيّة إلى فئات متناحرة ما بين تأييد ومعارضة، وظهرت مصطلحات جديد ناتجة عن الحرب التي امتّدت لسنوات ناهزت التّسع ولا تزال.
ولفت المقداد إلى أن روايته الجديدة كُتبت بأسلوب حداثي وابتعدت عن النقل المباشر للحدث المنبثق من الواقع، مقدماً الفكرة فيها من خلال الاشتغال على المونولوجات الداخليّة للأبطال.
وحول شخصيات روايته وإلى أين ينتمون أشار الكاتب المتحدّر من "بصرى الشام" إلى أن هذه الشخصيات خليط من الواقع والخيال، والخيال بجملته يستند إلى كثير من الواقع، وهو مخرج مريح للكاتب الروائي من دائرة الخلافات الشخصيّة حول شخص ما، ربما لا يعجبه ما كتبه الروائي، ويعتبر ذلك إهانة شخصية، فيقع المحذور منه كالخلافات والمهاترات المعيقة لمسيرة الكتابة.
وفيما يتعلق بعنوان الرواية ودلالاته الرمزية نوّه "المقداد" الذي يعمل حلاقاً في مدينة اربد (شمال الأردن) إلى أنه استوحى العنوان من خلال مهنته وعندما سأل زبوناً جلس على كرسي الحلاقة لقصّ شعره عن حاله، أجابه: (فوق الأرض) ولم تكد الكلمة تلامس سمعه حتى سارع إلى تدوينها في دفتره الخاص، وهذه الحادثة الصغيرة جعلته -كما يقول- يتفوق على نفسه في البحث عن هذه الكلمة لمدة سنة كاملة، ولم يجدها، وجاءته بطريق الصدفة البحتة دون تخطيط منه أو تعب.
واستدرك محدثنا: "بعد ذلك انفتحت آفاق عمل روائي تكلل باكتماله بعد عامين من هذه الحادثة، وقبل أيام تعرضت لسؤال من صديق: (وهل كنتم تحت الأرض والآن أصبحتم فوق الأرض..؟) وأردف المقداد أنه في حالة شعبنا السوريّ، فقد تساوي عندنا إن كنا فوق الأرض أو تحتها، صار الأمر سيّان، كوننا أخذنا نصيبنا الكافي من الظلم والسجن والقمع والتهجير".
وعبّر المقداد عن طموحه بمواصلة مشروعه الروائي الذي يشرّح فيه الثورة السورية ومجريات الحرب، مضيفاً أنه التزم بخط النّهج السلمي، والسلاح هو المقتل الحقيقي للثورة بنتائجه السيّئة على كافة المستويات.
وأردف أنه بصدد إنجاز رواية تبحث في طبيعة العلاقة بين الشعبين الشقيقين السّوري واللّبناني، وأسباب الكراهية الناتجة عن السياسات العمياء للنظام خلال احتلاله للبنان.
وأنجز مقداد تزامناً مع انتهائه من روايته (فوق الأرض) كتاباً يضم مجموعة أقاصيص ابتكر لها عنوانًا هو (بتوقيت بُصرى) واستحوذ العنوان على جميع الأقاصيص التي جاءت بلا عناوين، وهي عبارة عن التقاطات حياتيّة من واقع المجتمع السوريّ المرير فيما قبل 2011.
وفي جعبة الكاتب العديد من الروايات والأعمال الأدبية المنوعة ومنها رواية "بين بوابتين"، و"دع الأزهار تتفتح"، ورواية "دوامة الأوغاد ورواية "شاهد على العتمة" التي صدرت في بغداد ورواية "الطريق إلى الزعتري"، إضافة إلى مجموعتين قصصيتين إحداهما بعنوان (زوايا دائرية)، والأخرى (سراب الشاخصات)، إلى جانب كتاب نقدي حمل عنوان (مقالات ملفقة).
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية