ثلاث سنوات قضاها قانون (سيزر) للوصول إلى مجلس النواب الأمريكي الذي أقره بغالبية كبيرة بعد أن تم طرحه مع قانون موازنة الدفاع، وسيأخذ طريقه للتوقيع ما قبل النهائي من مجلس الشيوخ في الأيام القليلة القادمة، ومن ثم سيضع الرئيس توقيعه الضخم عليه ليصبح نافذاً في نهاية العام.
القانون كما يتوقع الكثيرون سيطبق الخناق على النظام السوري وداعميه الدوليين والإقليميين، ومنهم آخر المتسللين الإماراتيين والسعوديين والعمانيين الذين يرتبون عودتهم الميمونة، حيث بدأت حمائم رسلهم تعود إلى دمشق بمشاريع استثمارية في قطاع الطيران والعقارات.
العقوبات ستنال من البنك المركزي السوري المنهار، والكيانات التي تمارس التجارة مع النظام كما ينص القانون، وكذلك الصناعات التي يسيطر عليها النظام مثل الاتصالات والطاقة، وكذلك الدول والميليشيات التي تدعمه، وكل هذه القائمة الطويلة من العقوبات قد تضعف النظام لكنها لن تسقطه، كما يراها المتفائلون بتطبيقه.
القانون الذي فرح به الحالمون بنهاية المذبحة السورية تحوّل إلى جدل كبير حول آليات تطبيقه ومدى تأثيره في وقف وحشية النظام وانهيار قدراته التدميرية، ومنهم من ذهب إلى استجرار صراع آخر حول عدم تصويت النائبتين المسلمتين الهان عمر ورشيدة طليب لصالح القانون، واعتبار موقفهما اصطفافاً مع النظام السوري، وبالتالي وجد هذا الرأي من يرد عليه بأنهما صوتتا لصالحه وحيداً قبل دمجه بقانون موازنة الدفاع.
آخرون يجدون في القانون استهدافاً للمواطن السوري في لقمة عيشه التي بالكاد يحصل عليها مغمسة بالذل، وأنه وحده من سيدفع فاتورة العقوبات، فالنظام الذي لم تسقطه الضربات العسكرية على مدار عشر سنوات لن تؤثر في بنيته عقوبات اقتصادية يحمل وزرها معه حلفاء دوليون قادرون على اختراق منظومة العقوبات وربما استثمارها.
القانون بحد ذاته يترك الباب مفتوحاً لمواربة النظام وتهربه من العقوبات من باب البند الذي يتعلق بتشجيع التفاوض، وذلك في الحديث عن امكانية رفع العقوبات إذا استجاب النظام وأوقف العنف وبدأ تفاوضاً على الحل السياسي، وهذا ما سيعمل عليه النظام وأثبت جدارته في المماطلة، وتسويف الحل وتمييع القرارات الدولية وافراغها من محتواها. في ظل هذا الجدل لا يجد السوريون سوى انتظار ما سيحمله لهم القانون من عدالة غائبة، ومصائر مجهولة لمئات الآلاف من المغيبين، والذين ماتوا في سجون النظام تحت التعذيب، وكذلك التخوف من الآثار السلبية على حياة الفقراء وهم الغالبية العظمى منهم. (سيزر) الذي مرره مجلس النواب الأمريكي - بعد سنوات من الانتظار- نتيجة لصراعات داخلية أمريكية لن يحقق العدالة للسوريين الذين يقارنونه بقوانين مماثلة لم تسقط أنظمة على شاكلة النظام السوري، بل زادت من معاناة شعوبها المنهكة، وأدخلتها في ويلات اقتصادية وسياسية أخرى، وأنتجت مظالم جديدة. بانتظار سيزر هذا..ربما تمر سنوات صعبة على السوريين الحالمين بالعدالة التي تهرّب من مسؤوليتها العالم متفرجاً على مشاهد المذبحة كأنها سهرة نهاية الأسبوع دون أن يكلف نفسه عناء التحرك لإيقافها منتظراً العدالة الأمريكية.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية